تألقي يا حروف الشعر
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لا تُطفئي شمعة لا تُغلقي بابا | فمذ عرفتك وجه الفجر ما غابا |
ومذ عرفتك عين الشمس ما انطفأت | ومذ عرفتك قلب الحب ما ارتابا |
ومذ عرفتك ريح الخوف ما عصفت | ومذ عرفتك ظن الشعر ما خابا |
تزينت لك أشعاري فكم سكبت | عطراً ، وكم لبست للحب أثوابا |
وكم أثارت جنون الحرف فارتحلت | ركابه في مدى شعري وما آبا |
تألقي يا حروف الشعر واتخذي | إلى شغاف قلوب الناس أسبابا |
وصافحي لهب الأشواق في مهج | محروقة واصنعي للحب جلبابا |
وسافري في دروب الذكريات فقد | ترين ما يجعل الإيجاز إسهابا |
وصففي شعر أوزاني فقد عبثت | بشعرها صبوات الريح أحقابا |
وعانقي فوق ثغر الفجر أغنية | كتبتها حين كان الفجر وثابا |
وحين كانت شفاه الطل منشدة | لحناً يزيد فؤاد الروض إطرابا |
وحين كان شذى الأزهار منطلقاً | في كل فج وكان العطر منسابا |
تألقي يا حروف الشعر واقتحمي | كهف المساء الذي ما زال سردابا |
ومزقي رهبة في البدر تجعله | أمام بوابة الظلماء بوابا |
وخاطبي قلبي الشاكي مخاطبة | تزيده في دروب العزم أدرابا |
يا ، قلب يا منجم الإحساس في جسد | ما ضل صاحبه درباً ولا ذابا |
قالوا أطالت يد الشكوى أظافرها | وأقبلت نحوك الآهات أسربا |
وأشعل الحزن في جنبيك موقده | وأغلقت دونك الأفراح أبوابا |
ماذا أصابك يا قلبي ألست على | عهدي يقيناً وإشراقا وإخصابا |
حددت فيك معاني الحب ما رفعت | إليك غائله الأحقاد أهدابا |
صددت عنك جيوش الحزن ما نشأت | حرب ولاحرك الباغون أذنابا |
ولا تقرب منك اليأس بل يئست | آماله فانطوى بالهم وانجابا |
فكيف تغرق في بحر جعلت على | أمواجه مركباً للصبر جوابا |
أما ترى موكب الأنوار كيف غدا | يعيد نحوي من الأشواق ما غابا |
وينبت الأرض أزهاراً ، ويمطرها | غيثاً ويجعل لون الأفق خلابا |
انظر إلى الروض يا قلبي فسوف ترى | ظلاً وسوف ترى ورداً وعنابا |
قال الفؤاد أعرني السمع لست كما | تظن أغلق من دون الرضا بابا |
لكنها نار الحزن ، كيف يطفئها | صبر وقد أصبح الإحساس شبابا |
يزيدها لهباً دمعُ اليتيم بكى | فما رأى في عيون الناس ترحابا |
وصوت ثكلى غزاها الليل فانكشفت | لها المآسي تحد الظفر والنابا |
نادت ، ونادت فلم تفرح بصوت أخ | يحنو ولا وجدت في الناس أحبابا |
وأرسلت دمعة في الليل ساخنة | فأرسل الليل دمع الطل سكابا |
ضاعت معالم بيت كان يسترها | عن الذئاب ، وأمسى روضها غابا |
فكيف تطلب تغريد البلابل في | روض يُشيع به الطغيان إرهابا |
هون عليك فؤادي لست منهزما | حتى أراك أمام الحزن هيابا |
هون عليك فؤادي واتخذ سببا | إلى التفاؤل ،واترك عنك ما رابا |
وقل لمن بلغ الإحساس غايته | منهما ، فما عاد مكسوراً ولا خابا |
لاتُطفئي شمعة يا من أبحت لها | حمى فؤادي ، فإن الليل قد آبا |
أما ترين ضياء الشمس كيف بدا | مستبشراً ، فحماه الليل وانجابا |
لكنها لم تطاوع يأسها فمضت | تخيط من نورها للبدر جلبابا |
ما حركت شفة غضبي ولا شتمت | وما أثارت على ما كان أعصابا |
مضت على نهجها المرسوم في ثقة | وأعربت عن سداد الرأي إعرابا |
لو أنها شغلت بالليل تشتمه | لما رأت في نجوم الليل أحبابا |
كذلك الناسُ لو لم يفقدوا أملاً | واستمنحي رازقاً للخلق وهابا |
فعندها سترين الأفق مبتسماً | والشمس ضاحكة والفجر وثابا |