هب الدار ردت رجع ما أنت قائله
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هَبِ الدّارَ رَدّتْ رَجْعَ ما أنتَ قائِلُهْ، | وأبْدَى الجَوَابَ الرَّبْعُ عَمّا تُسائِلُهْ |
أفي ذاكَ بُرْءٌ من جَوًى ألْهَبَ الحَشا | تَوَقُّدُهُ، واستَغْزَرَ الدّمْعَ جَائِلُهْ |
هُوَ الدّمعُ مَوْقُوفاً على كلّ دِمْنَةٍ | تُعَرِّجُ فيها، أوْ خَلِيطٍ تُزَايِلُهْ |
تَرَادَفَهُمْ خَفْضُ الزَّمَانِ وَلينُهُ، | وَجَادَهُمُ طَلُّ الرّبيعِ وَوَابِلُهْ |
وإنْ لَمْ يَكُنْ في عاجِلِ الدّهرِ منهُمُ | نَوَالٌ، وَغَيْثٌ من زَمَانِكَ آجِلُهْ |
مضَى العَامُ بالهِجْرَانِ منهُمْ وبالنّوَى، | فهَلْ بالقُرْبِ والوَصْلِ والقُرْبُ قابلُهْ |
أُرَجِّمُ في لَيْلَى الظّنُونَ، وأرْتَجي | أوَاخِرَ حُبٍّ أخلَفَتْني أوَائِلُهْ |
وَلَيْلَةَ هَوّمنا على العِيسِ، أرْسَلَتْ | بطَيْفِ خَيَالٍ يُشْبِهُ الحَقَّ باطِلُهْ |
فَلَوْلاَ بَيَاضُ الصّبْحِ طَالَ تَشَبُّثي | بعِطْفَيْ غَزَالٍ بِتُّ وَهْناً أُغَازِلُهْ |
وَكَمْ مِنْ يَدٍ للّيْلِ عِنْدِي حَمِيدةٍ، | وَللصّبْحِ من خَطْبٍ تُذَمُّ غَوَائِلُهْ |
وَقد قُلتُ للمُعلي إلى المَجدِ طَرْفَهُ: | دَعِ المَجْدَ، فالفَتحُ بنُ خَاقَانَ شاغلُهْ |
سِنَانُ أمِير المُؤمِنينَ وَسَيْفُهُ، | وَسَيْبُ أميرِ المُؤمِنِينَ وَنَائِلُهْ |
تُشُبُّ بهِ للنّاكِثِينَ حُرُوبَهُ، | وَتَدْنُو بهِ للخَابِطِينَ نَوَافِلُهْ |
أطَلّ بِنُعْمَاهُ، فَمَنْ ذا يُطاوِلُهْ، | وَعَمَّ بجَدْوَاهُ، فَمَنْ ذا يُساجلُهْ |
ضَمِنْتُ عَنِ السّاعِينَ أنْ يَلحَقُوا بهِ | إذا ذُكِرَتْ آلاؤهُ وَفَوَاضِلُهْ |
أيَبْلُغُهُ بالبَذْلِ قَوْمٌ، وَقَدْ سَعَوْا، | فَما بَلَغُوا شُكْرَ الذي هُوَ باذِلُهْ؟ |
رَمَى كَلَبَ الأعداءِ عن حَدّ نَجدَةٍ، | بها قُطِعَتْ تحتَ العَجاجِ مَنَاصِلُهْ |
وَمَا السّيفُ إلاّ بَزُّ غَادٍ لزِينَةٍ، | إذا لمْ يَكُنْ أمْضَى منَ السّيفِ حاملُهْ |
يُداني بمعرُوفٍ هوَ الغَيثُ في الثّرَى، | تَوالى نَداهُ، واستَنَارَتْ خَمَائِلُهْ |
أمِنتُ بهِ الدّهرَ الذي كنتُ أتّقي، | وَنِلْتُ بهِ القَدْرَ الذي كنتُ آمُلُهْ |
وَلَمّا حَضَرْنا سُدّةَ الإذْنِ أُخّرَتْ | رِجَالٌ عَنِ البابِ الذي أنَا داخِلُهْ |
فأفضَيتُ مِنْ قُرْبٍ إلى ذي مَهَابَةٍ، | أُقَابِلُ بَدْرَ الأُفْقِ حينَ أُقَابِلُهْ |
إلى مُسْرِفٍ في الجُودِ لوْ أنّ حاتِمٌ | لَدَيْهِ لأمْسَى حاتِماً، وَهوَ عاذِلُهْ |
بَدَا لِيَ مَحْمُودَ السّجيّةِ شُمّرَتْ | سَرَابِيلُهُ عَنْهُ، وَطَالَتْ حَمَائِلُهْ |
كَما انتَصَبَ الرّمْحُ الرُّدَيْنيُّ ثُقّفَتْ | أنابيبُهُ للطَّعنِ، واهتَزّ عامِلُهْ |
وَكالبَدْرِ وافَتْهُ لِتِمٍّ سُعُودُهُ، | وَتَمّ سَنَاهُ واستقََلّتْ مَنَازِلُهْ |
فَسَلّمتُ واعتاقَتْ جَنَانيَ هَيْبَةٌ، | تُنَازِعُني القَوْلَ الذي أنَا قائِلُهْ |
فَلَمّا تأمّلْتُ الطّلاقَةَ، وانثَنَى | إليّ بِبِشْرٍ آنَسَتْني مَخَايِلُهْ |
دَنَوْتُ فَقَبّلتُ النّدى في يدِ امرِىءٍ، | جَميلٍ مُحَيّاهُ سِبَاطٍ أنَامِلُهْ |
صَفَتْ مثلَما تَصْفو المُدامُ خِلالُهُ، | وَرَقّتْ كَمَا رَقّ النّسيمُ شَمَائِلُهْ |