حنينٌ إِلى الأوطانِ ليس يزولُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
حنينٌ إِلى الأوطانِ ليس يزولُ | وقلبٌ عن الأشواقِ ليسَ يحولُ |
أبيتُ وأسرابِ النجومُ كأنها | قُفولٌ تَهادى إِثرَهنَّ قُفولُ |
أراقبها في الليلِ من كل مطلعٍ | كأني برعي السائراتِ كفيلُ |
فيا لكَ من ليلٍ نأى عن صحبهِ | فليس له فجرٌ إِليه يَؤول |
أما لعُقودِ النجمِ فيه تصرُّمٌ | أما لخضابِ الليلِ فيه نُصولُ |
كأنَّ الثريَّا غرة ٌ وهو أدهمٌ | له من وميض الشِّعَريين حُجولُ |
ألا ليتَ شعري هل أبيتنَّ ليلة ً | وظِلُّكِ يا مَقْرى عليَّ ظليلُ |
وهل أريني بعدما شطتْ النوى | ولي في رُبى روضٍ هناك مَقيلُ |
دمشقُ فبي شوقٌ إليها مبرّحٌ | وإِنْ لجَّ واشٍ أو ألحَّ عذولُ |
ديارٌ بها الحصباءُ درٌ وتُربها | عَبِيرٌ وأنفاسُ الشمالِ شَمولُ |
تسلسلَ فيها ماؤها وهو مطلقٌ | وصحَّ نسيمُ الرَّوضِ وهو عليلُ |
فيا حبذا الروضُ الذي دونَ عزَّتا | سحيراً إذا هبتْ عليهِ قبولُ |
ويا حبذا الوادي إذا ما تدَّفقتْ | جداولُ باناسٍ إِليه تسيلُ |
وفي كبدي من قاسيونَ حزازة ٌ | تزولُ رواسيه وليس تزولُ |
إِذا لاحَ برقٌ من سَنير تدافقتْ | لسحب جفوني في الخدودِ سيولُ |
فللهِ أيامي وغصنُ الصِبا بها | وريقٌ وإذوجهُ الزمانِ صقيلُ |
هيَ الغرضُ الأقصى وإنْ لم يكنْ بها | صديقٌ ولم يُصفِ الوِداد خليلُ |
وكم قائلٍ في الأرضِ للحرِّ مذهبٌ | إِذا جارَ دهرٌ واستحالَ مَلولُ |
وما نافعي أنَّ المياهَ سوائحٌ | عِذابٌ ولم يُنقعْ بهن غَليلُ |
فقَدتُ الصِبا والأهلَ والدارَ والهوى | فللهِ صبري إنّهُ لجميلُ |
وواللّهِ ما فارقتُها عن مَلالة ٍ | سِواي عن العهدِ القديمِ يَحولُ |
ولكن أَبتْ أن تحملَ الضيمَ همتي | ونفسٌ لها فوق السِماك حُلولُ |
فإِنَّ الفتى يلقى المنايا مكرَّماً | ويكرهُ طولَ العمرِ وهو ذليلُ |
تعافُ الورودَ الحائماتُ مع القذى | وللقيظِ في أكبادهنَّ صليلُ |
كذلكَ ألقى ابنُ الأشجِّ بنفسهِ | ولم يرضَ عمراً في الإسار يطولُ |
سألثمُ إِن وافيتُها ذلك الثرى | وهيهاتَ حالتْ دونَ ذاكَ حؤولُ |
وملتطمُ الأمواجِ جونُ كأنّهُ | دُجى الليلِ نائي الشاطئَينِ مَهولُ |
يعاندني صرفُ الزمانِ كأنّما | عليَّ لأحداثِ الزمانِ ذحولُ |
على أنني والحمدُ للّه لم أزلْ | أَصولُ على أحداثه وأَطولُ |
أيعثُر بي دهري على ما يسوءُني | ولي في ذَرا الملك العزيزِ مَقيلُ |
وكيف أخافُ الفقر أو أُحرمُ الغنى | ورأيُ ظهيرِ الدينِ فيَّ جميلُ |
من القومِ أمَّا أحنفٌ فمسفَّهٌ | لديهم وأمَّا حاتمٌ فبخيلُ |
فتى المجدِ أما جارُه فممَّنعٌ | عزيزٌ وأمَّا ضدُّهُ فذليلُ |
وأمَّا عطايا كفهِ فسوابغٌ | عِذابٌ وأمَّا ظِلُّهُ فظليلُ |