جعل العتاب الى الصدود توصٌّلا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
جعل العتاب الى الصدود توصٌّلا | ريمٌ رمى فأصاب مني المقتلا |
أغراه بي واشٍ تقوَّل كاذباً | فأَطاعه وعصيت فيه العذَّلا |
ورأى اصطباري عن هواه فظنَّه | مللاً وكان تقية ً وتجمُّلا |
هيهات أنْ يمحو هواه الدهرَ من | قلبي ولو كانت قطيعتُه قِلى |
ما عمَّه بالحسن عنبرُ خالِه | إلا ليصبح بالسواد مجملا |
صافي أَديم الوجه ما خطَّت يد الـ | أيَّام في خدَّيه سطراً مشكلا |
كلٌّ مقرٌّ بالجمال له فما | يحتاج حاكم حسنه أن يُسجلا |
يفتَرُّ عن مثل الأَقاحِ كأنما | علَّتْ منابتُه رحيقاً سلسلا |
ترفٌ تخال بنانه في كفّه | قُضُبَ اللُّجَين ولا أقول الإِسحِلا |
ما أرسلت قوسُ الحواجب أسهماً | من لحظه إلا أصابتْ مقتلا |
فكأنَّ طرَّته وَضَوْءَ جبينِه | وضحُ الصياح يقلُّ ليلاً أليلا |
عاطيته صهباءَ كللَّ كأسها | حببُ المزاح بلؤلؤٍ ما فصّلا |
تبدو بكفّ مديرها أنوارُها | فتعيد كافورَ الأناملِ صندلا |
في روضة ٍ بالنَّيربين أريضة ٍ | رضعتْ أفاويق السحائب حُفَّلا |
أنّى اتجهتَ رأيتَ ماءً سائحاً | متدفقاً أو يانعاً متهدّلا |
فكأنما أطيارها وغصونها | نغم القيان على عرائس تجتلى |
وكأنما الجوزاءُ ألقتْ زهرها | فيها وأرسلتِ المجرة ُ جدولا |
ويمرّ معتلُّ النسيمِ بروضها | فتخالُ عطَّاراً يُحرّق منَدلا |
فكأنها استسقت على ظمأٍ ندى | موسى فأرسل عارضاً متهلّلا |
ولربّ لائمة ٍ عليّ حريصة ٍ | باتتْ وقد جمعتْ عليَّ العُذَّلا |
قالتْ أما تخشى الزمانَ وصرفهُ | وتقلُّ من إتلاف مالك قلتُ:لا |
أأخافُ من فقرِ وجود الأشرفِ الـ | سلطان في الآفاق قد ملا الملا |
الواهبِ الأمصارَ محتقراً لها | إنْ غيره وهب الهجانَ البزّلا |
ما زار مغناه فقيرٌ سائِلٌ | فيعود حتى يستماحَ ويسألا |
ملكٌ غدا جيدُ الزمان بجوده | حالٍ ولولاه لكان معطّلا |
يا أيها الملكُ الذي إنعامه | لم يُبق في الدنيا فقيراً مُرْمِلا |
لقد اتقيت اللهَ حقَّ تُقاته | ونهجتَ للناس الطريقَ الأمثلا |
وعدلتَ حتى لم تجد متظلمّاً | وأخفتَ حتى صاحبَ الذئبُ الطُّلا |
ورفعتَ للدين الحنيف مناره | فعلاً وكنتَ بنصره متكفّلا |
لولاكَ لانفصمت عرى الإسلام في | مصرٍ وأُخْمِلَ ذكره وتبدَّلا |
تحكمت فيها الفرنجُ وغادرت | أعلاجها محارب عمروٍ هيكلا |
حاشا لدينٍ أنت فيه مطفرٌ | أنْ يُستباحَ حِماه أو أنْ يخذَلا |
أنت الذي أجليت عن حلب العدا | وحميتَ بالسُّمر اللّدان الموصلا |
كم مَوْفِقٍ ضنكٍ فرجتَ مضيقَه | وطريقه لخائفه قد أشكلا |
كم يوم هولٍ قد وردت وطعمه | مر المذاق كريه نار المصطلا |
ونثرتَ بالبيض المهنَّدة ِ الطُّلى | ونظمتَ بالسُّمر المثقَّفة ِ الكُلى |
فاللهُ يخرقُ في بقائكَ عادة َ الد | نيا ويعطيكَ البقاءَ الأطولا |