أَمَغْنَى الهَوَى غالَتْكَ أَيدي النِّوائِبِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَمَغْنَى الهَوَى غالَتْكَ أَيدي النِّوائِبِ | فأَصْبَحْتَ مَغْنى ً لِلصَّبَا والجَنائبِ |
إذَا أَبْصَرَتْكَ العَيْنُ جادَتْ بِمُذْهَبٍ | عَلَى مَذْهَبٍ في الخَدِّ بَيْنَ المَذَاهِبِ |
أَثَافٍ كَنَقْطِ الثَّاءِ في طِرْسِ دِمْنَة ٍ | و نؤيٍ كدورِ النونِ منْ خطَّ كاتبِ |
سَقَى الله آجالَ الهوى فيك لِلبَقَا | مدامَ الأماني من ثغورِ الحبائبِ |
فلم يبق لي فيك البلى غيرَ ملعبٍ | يذكِّرُني عهدَ الصِّبا بملاعبِ |
يبيتُ الهوى العذريُّ يعذرني إذا | خلعتُ به عذرَ الدموعِ السواكبِ |
وَمَأْسورة ِ الأَلْحَاظِ عن سِنة الكرى | كأَنَّ عليها الصبرَ ضربة ُ لاَزبِ |
تحرَّك طفلُ التِّيهِ في مَهْدِ طرفِها | إذا کكْتَحَلتْ بالغُمْضِ عينُ المُراقِبِ |
تَصَدَّتْ لَنَا ما بين إعْرَاضِ زَاهِدٍ | على حذرٍ منها وَ إقبالِ راغبِ |
و قد حليتْ أجفانها من دموعها | بأَحسنَ مِمَّا حُلِّيَتْ في التَّرائبِ |
و ليلٍ كليلِ الثاكلاتِ لبستهُ | مشارقهُ لا تهتدي للمغاربِ |
كأنَّ اخضرارَ الجوَّ صرحُ زبرجدٍ | تناثرَ فيه الدرُّ من جيدِ كاعبِ |
كأَنَّ خَفِيَّاتِ الكواكبِ في الدُّجَى | بياضُ ولاءٍ لاَحَ في قلبِ ناصِبي |
كأنَّ نجومَ الليل سربٌ رواتعٌ | لها البدرُ راعِ في رياضِ السحائبِ |
كأَنَّ مُوشّى السُّحب في جَنَباتها | صدورُ بزاة أو ظهورُ الجنادبِ |
صبحتُ به والصبحُ قد خلع الدجى | عَلَى منكبيه طَيْلَسانَ الغياهِبِ |
بركبٍ سقوا كأسَ الكرى فرؤسهم | مُوَسَّدة ٌ أَعْنَاقُها بالمُناكبِ |
تلوا في ذرى الأكوار توراة َ قصدهم | بفكرِ جُسومٍ آتياتٍ ذَواهِبِ |
تكادُ تَظُنُّ العِيسُ أَنْ لَيْسَ فوقها | إذا سكتوا إلاَّ صدور الحَقَائِبِ |
كواكبُ ركبٍ في بروجِ أهلة ٍ | تدورُ بأفلاكٍ بغيرِ كواكبِ |
إذَا أَشْرَقَتْ كانتْ شموسَ مشارِقٍ | و إنْ غربتْ كانتْ بدورَ مغاربِ |
على ناحلاتٍ كالأهلة ِ إنْ بدتْ | أتمَّ انقواساً من قسيَّ الحواجبِ |
طَواهُنَّ طيُّ السَّيْرِ حتّى كأَنَّها | قناطرُ تسعى مخطفاتِ الجوانبِ |
وَقد عَقْرَبَتْ أَذْنَابَها فكأَنَّها | نشاوى أعالٍ صاحياتُ المذانبِ |
خِفافٌ طَوَيْنَ الشرقَ تحت خِفافها | بنا ونشرنَ الغربَ فوق الغواربِ |
ضربنَ الدجى صفعاً على َ أمّ رأسه | وقد ثملتْ من خمر رَعْيِ الكواكبِ |
فلما أجزناها بساحة طاهر | ذهبْنَ بنا في مُذْهَبَات المذاهبِ |
إلى كعبة الامال والمطلبِ الذي | به حُلِّيتْ أَجيادُ عُطْلِ المواكبِ |
إلى من يرى أنَّ الدروعَ غلائلٌ | و أنَّ ركوبَ الموت خيرُ المراكبِ |
و من لا تراه طالباً غيرَ طالبٍ | ولا ذاهباً إلاَّ عَلَى غيرِ ذاهبِ |
مجيبٌ لأَطراف الرِّماحِ إذا کرتَمَتْ | بها وافداتُ الطعنِ من كلَّ جانبِ |
بعاداتِ صبرٍ لم تزل تستعيدُهُ | إلى الحرب حتى مات صبرُ المحارب |
فتى ً أَلبسَ الأَيامَ ثوبَ شبيبة ٍ | وكانتْ قديماً في جلابيبِ شائبِ |
تظلُّ المنايا تحتَ ظلَّ سيوفه | إذا خطر الخطيُّ بين الكتائبِ |
ينظّمُ نثرَ الطَّعن في وجه طاعنٍ | وينثرُ نظم الضَّرب في نحر ضاربِ |
و قد كتبتْ أيدي المنايا وأعربتْ | بشكل العوالي فوق خطّ القواضبِ |
لئن أقعدتْ أسيافه كلَّ قائمٍ | فقد أرجلتْ أرماحه كلَّ راكبِ |
عَلَى سافراتٍ للطِّعانِ نحورُها | أَقلُّ حياءً من صروف النوائبِ |
وَيَحْدُو الصفا بالركضِ منها أَهلَّة ٌ | مرصعة ٌ حافاتها بالكواكبِ |
يكاد يريك الشيءَ قبل عِيانِهِ | ويقضي لك الحاجاتِ قبل المَطالبِ |
إذا ما انبرى في هفوة ِ الفكر رأيهُ | رأى بعيانِ الرأي ما في العواقبِ |
تعوذه أعداؤه من ذكائهِ | إذا ما اكتفى بالرأي دون التجاربِ |
ركوبٌ لأعناقِ الأمور إذا سطا | عفا بکقتدارٍ حين يسطو بواجبِ |
حرامٌ عليه أن يردَّ رماحهُ | من الطعن إلاَّ وهي حمرُ الثعالبِ |
أمانٌ لمرتاعٍ ، وروعٌ لآمنٍ | و كهفٌ لمطلوبٍ ، وحربٌ لغالبِ |
إذا أَبْرقتْ ضرباً سيوفُك أَمطرتْ | رؤوسَ الأعادي فوق أرضِ المصائبِ |
بما انهلّ من كفيكَ في ذلك الندى | وما حَمَلَتْهُ من قناً وقواضبِ |
أرحها قليلاً كي تقرَّ فإنها | من الضَّرب أَمستْ ناحِلاَتِ المضاربِ |
تَمُرُّ بك الأَيَّامُ وَهْيَ شواهدٌ | بأنك ما أبقيتَ عتباً لعاتبِ |
«أَبَا حَسَنٍ» هذا کبنُ مدحِكَ قد أَتى | لِمَدْحِكَ والأَيَّامُ خُضْرُ الشواربِ |
بِمَالِكَة ٍ للسمع مملوكة ٍ به | عجائبها من امهات العجائبِ |
إذا أُنشدَتْ في مشهدٍ شَهدُوا لَها | بحسنِ التناهي في اختصار المذاهبِ |
لتعلم أَني «حاتِمُ» الشعرِ والَّذي | غرائبُه فيه حِسانُ الغَرَائِبِ |