ليَهْنِكِ أنّي في حِبالِكَ عاني
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ليَهْنِكِ أنّي في حِبالِكَ عاني | وأنّكِ منّي في أعَزِّ مكانِ |
وَأَنِّي ضَعِيفٌ فِي هَوَاكِ تَجَلُّدِي | عَلَى أَنَّنِي جَلْدٌ عَلَى الْحَدَثَانِ |
حَمُولٌ لاَِعْبَاءِ الْمُلِمَّاتِ كَاهِلِي | وما لي بما حمّلتِنيهِ يَدانِ |
ملَكْتِ أبيّاً من قيادي ولم يكنْ | لِيُصْحِبَ إلاَّ فِي يَدَيْكِ عِنَانِي |
نأيْتِ فحرّمْتِ الجفونَ عنِ الكرى | وَأَغْرَيْتِ دَمْعَ الْعَيْنِ بِالْهَمَلاَنِ |
وَأَعْهَدُ قَبْلَ الْبَيْنِ قَلْبِي يُطِيعُنِي | وَلكِنَّهُ يَوْمَ الْوَدَاعِ عَصَانِي |
وَمَا زَالَ مَطْبُوعاً عَلَى الصَّبْرِ قُلَّباً | سَوَاءً بِعَادٌ عِنْدَهُ وَتَدَانِي |
فَمَا بَالُهُ يَوْمَ النَّوَى سَارَ مُنْجِداً | معَ الركْبِ في أَسرِ الصَّبابة ِ عاني |
فَلَيْتَ طَبِيباً أَمْرَضَتْنِي جُفُونُهُ | وَفِي يَدِهِ مِنْهَا الشِّفَاءُ شَفَانِي |
وَلَيْتَ غَرِيمِي فِي الْهَوَى وَهْوَ وَاحِدٌ | تَحَرَّجَ مِنْ لِيَّانِهِ فَقَضَانِي |
وَلَوْلاَ الْهَوَى يَا آلَ خَنْسَاءَ لَمْ تَكُنْ | لتَملِكَني فيكمْ خَضيبُ بَنانِ |
ولا بِتُّ في أبياتِكُمْ سائلاً قِرى | بغيرِ القَنا أو طالباً لأَمانِ |
أُرَجّي جَوادَ الكفِّ عَطْفَ بخيلة ٍ | وَأَخْشَى حَدِيدَ الْقَلْبِ فَتْكَ جَبَانِ |
وقبلَكِ ما أنهضْتُ عزمي لحاجة ٍ | وَأَدْرَكْتُهَا إلاَّ بِحَدِّ سِنَانِ |
وَأَوْلَى بِمِثْلِي أَنْ يَكُونَ مِهَادَهُ | سَرَاة ُ حِصَانٍ لاَ سَرِيرُ حَصَانِ |
وبي أنَفٌ أنْ أقتَضي بسِرى الظُّبى | دُيُونِيَ لَوْ غَيْرُ الْحَبِيبِ لَوَانِي |
وَمَنْ كَانَ مَجْدُ الدِّينِ عَوْناً وَنَاصِراً | لهُ لم يُطامِنْ مَنكِباً لهَوانِ |
وَلَمْ يَخْشَ مِنْ رَيْبِ الزَّمَانِ وَلَمْ يَجِدْ | إليهِ سبيلاً طارِقُ الحَدَثانِ |
فَتًى أَصْبَحَ الْمَعْرُوفُ وَالْعَفْوُ عِنْدَهُ | عَتاداً لعافٍ يَجتَديهِ وجاني |
وأدْنَتْ لهُ الآمالُ وهْيَ نوازِحٌ | سَحائبُ جُودٍ من يدَيْهِ دَواني |
نَدى ً صدقَتْ للشائمينَ بُروقُهُ | وما كلُّ بَرقٍ صادقُ اللَّمَعانِ |
وَهَذَّبَ أَخْلاَقَ اللَّيَالِي فَرَدَّهَا | عَوَاطِفَ مِنْ بَعْدِ الْجَفَاءِ حَوَانِي |
وَجَدَّدَ آثَارَ الْمَكَارِمِ بَعْدَ مَا | عفَتْ أربعٌ من أهلِها ومَغاني |
وكُنّا سمِعنا الجُودَ يُروى حديثُهُ | فَنَحْنُ نَرَاهُ الْيَوْمَ رَأْيَ عِيَانِ |
بَعِيدُ الْمَدَى دَانِي النَّدَى مِنْ عُفَاتِهِ | فللهِ منهُ النازحُ المُتَداني |
رَحِيبُ الْمَغَانِي ضَيَّقَ الْبَأْسُ وَالنَّدَى | مَعاذِيرَهُ يومَيْ قِرى ً وطِعانِ |
كَرِيمٌ إذَا کسْتَكْفَيْتُهُ أَمْرَ حَادِثٍ | كفاني وإنْ رُمتُ الحِباءَ حَباني |
سعى بينَ حالي والغِنى جُودُ كفِّهِ | فَأَصْلَحَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ زَمَانِي |
وَصُلْتُ عَلَى الأَيَّامِ مِنْ حَدِّ عَزْمِهِ | بِأَبْيَضَ مَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ يَمَانِي |
أَغَرُّ هِجَانٌ يَنْتَمِي مِنْ فِعَالِهِ | إلَى شِيَمٍ مِثْلِ الصَّبَاحِ هِجَانِ |
يُريكَ وَقاراً في الندِيِّ كأنّهُ | شَماريخُ رَضوى أو هضابُ أَبانِ |
ورأْياً يَفُلُّ المَشْرَفِيَّ وهِمّة ً | تُناطُ بعزمٍ صادقٍ وجَنانِ |
وَبَأْساً يُشَابُ السُّخْطُ مِنْهُ بِرَأْفَة ٍ | فَشِدَّتُهُ مَمْزُوجَة ٌ بِلَيَانِ |
وكم فرَقَ الأبطالَ يومَ كريهة ٍ | وَأَحْرَزَ خَصْلَ السَّبْقِ يَوْمَ رِهَانِ |
مَآثِرُ لَوْ كُنْتُ کبْنَ حُجْرٍ فَصَاحَة ً | لقَصَّرَ عن إحصائهِنَّ بَياني |
فداءٌ لمجدِ الدينِ كلُّ مُقَصِّرٍ | بِهِ السَّعْيُ عَنْ طُرْقِ الْمَكَارِمِ وَانِي |
يُداجيهِ إجلالاً وتحتَ ابتسامِهِ | كَمِينٌ من البغضاءِ والشنَآنِ |
تَوقَّدُ نارُ الغيَظِ بينَ ضلوعِهِ | وَلكِنَّهَا نَارٌ بِغَيْرِ دُخَانِ |
يَرُومُ مَسَاعِيهِ بِغَيْرِ كِفَايَة ٍ | وقد حِيلَ بينَ العَيْرِ والنَّزَوانِ |
تَهَنَّ أَبَا الْفَضْلِ الْجَوَادَ بِرُتْبَة ٍ | سَمَا عَنْ مُجَارٍ قَدْرُهَا وَمُدَانِي |
لَهَا مُرْتَقًى دَحْضٌ إذَا رَامَ حَاسِدٌ | رُقِيّاً لها زَلَّتْ بهِ القَدَمانِ |
مَلأْتَ أَكُفَّ الرَّاغِبِينَ مَوَاهِباً | فشُكرُكَ مَملوءٌ بهِ المَلَوانِ |
وَسِرْتَ مِنَ الإحْسَانِ وَالْعَدْلِ سِيرَة ً | بها سارَ قِدماً في الورى العُمَرانِ |
وَقُمْتَ بِأَعْبَاءِ الْخِلاَفَة ِ نَاهِضاً | وقد نامَ عنها العاجزُ المُتَواني |
فلا عدِمَتْ منكَ المَمالكُ هِمّة ً | تَبِيتُ وَفِي تَدْبِيرِهَا الثَّقَلاَنِ |
ولا زالَ مأهولاً جَنابُكَ يَلتقي | مواسمُ أفراحٍ بهِ وتَهاني |
وَسَمْعاً لِمَا حَبَّرْتُهُ مِنْ مَدَائِحٍ | فِصَاحٍ إذَا کسْتَجْلَيْتَهُنَّ حِسَانِ |
ضَمِنتُ لكَ الإحسانَ عنها فقدْ وفى | لمجدِكَ فيها خاطري بضَماني |
وَسَيَّرْتُهَا تَطْوِي الْبِلاَدَ شَوَارِداً | بِهَا الْعِيسُ بَيْنَ النَّصِّ وَالْوَخَدَانِ |
كرائمَ ما عرَّضتُهُنَّ لخاطبٍ | سِوَاكَ فَلَمْ أَسْمَحْ بِهِنَّ لِبَانِي |
فَإنَّ عَقِيلاَتِ الْكِرَامِ إذَا بَنَى | بهِنَّ سِوى الكَفْوءِ الكريمِ زَوَاني |
تَلينُ قِياداً للكريمِ وإنّها | لِكُلِّ لَئِيمِ الصِّهْرِ ذَاتُ حُرَانِ |
فَهُنَّ بِمَا أَوْلَيْتَنِي مِنْ صَنَائِعٍ | عَنِ النَّاسِ إلاَّ عَنْ نَدَاكَ غَوَانِي |