لله عهد سويقة ما أنضرا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لله عَهْدُ سَوِيقَةٍ ما أنْضَرَا، | إذْ جَاوَرَ البادونَ فيهِ الحُضَّرَا |
لم أنسَهُ، وَقُصَارُ مَن عَلِقَ الهَوَى | أنْ يَسْتَعِيدَ الوَجدَ، أوْ يَتَذَكّرَا |
إنّ العَتِيدَ صَبَابَةً مَنْ لا يَني | يَدعو صَبَابَتَهُ الخَيالُ، إذا سَرَى |
تَدرِينَ كَمْ مِنْ زَوْرَةٍ مَشكُورَةٍ، | من زَائِرٍ وَهَبَ الخَطيرَ وَما دَرَى |
غَابَ الوُشاةُ فَبَاتَ يَسهُلُ مَطْلبٌ | لَوْ يَشهَدُونَ طَرِيقَهُ لتَوَعّرَا |
كانَ الكَرَى حَظَّ العيونِ وَلم أخَلْ | أنّ القُلُوبَ لهنّ حظٌّ في الكَرَى |
دَمْعٌ تَعَلّقَ في بالشّؤونِ، فلمْ يزَل | بَرْحُ الغَرامِ يَشُوقُهُ حتّى جَرَى |
قَامَتْ تُمَنّيني الوِصَالَ لِتَبْتَلي | جَذَلي، وَحَاجَةُ أكمَهٍ أنْ يُبصِرَا |
مَنّيْتِنَا عَلَلاً، وَما أنْهَلْتِنا، | والوَقْتُ لَيسَ يَحيلُ حتّى يُشهِرَا |
تالله، لمْ أرَ مُذْ رَأيْتُ كَليلَتي | في العَلْثِ، إلاّ لَيلَتي في عُكبَرَا |
أهوَى الظّلامَ، وأنْ أُمَلاّهُ، وَقد | حسَرَ الصّبَاحُ نِقَابَهُ أوْ أسْفَرَا |
سَدِكَتْ بدِجْلَةَ سارِياتُ رِكَابِنَا، | يُرْصِدْنَهَا للوِرْدِ إغْيَابَ السُّرَى |
وإذا طَلَعْنَ منَ الرّفيفِ، فإنّنا | خُلَقَاءُ أنْ نَدَعَ العِرَاقَ، وَنهجُرَا |
قَلّ الكِرَامُ، فَصَارَ يكثُرُ فَذُّهُمْ، | وَلَقَدْ يَقِلُّ الشيءُ، حتّى يَكثُرا |
أبلى صَديقَكَ الصّديقُ، إذا اهتَدَى | لتَغَيّرِ الأيّامِ فيكَ، تَغَيّرا |
أأُخيّ ! لَوْ صَرَفَ الحَرِيصُ عنَانَهُ | ليَفُوتَهُ ما فَاتَهُ، ما قُدّرَا |
باعد دنيئات المطامع وأرض بي | في الأمر أمهل فيه أن اتخيرا |
إنْ تَثنِ إسحاقَ بنِ كِنداجيقَ بي | أرْضٌ فكُلُّ الصّيْدِ في جَوْفِ الفَرَا |
أوْ بَلّغَتْنِيهِ الرّكابُ، فقَد أتَى | لمُقَلْقَلٍ في الأرْضِ أنْ يَتَدَبّرَا |
غَمْرٌ، إذا نُقِلَتْ إلَيْهِ بضَاعَةٌ | للشّعْرِ، أوْشَكَ عِلْقُهَا أنْ يُشتَرَى |
إنْ حَزّ طَبّقَ غَيرَ مخطىءِ مَفصِلِ، | أوْ قَالَ أنجَحَ، أوْ تَدفّقَ أغزَرَا |
والوَعدُ كالوَرَقِ النّضِيرِ، تأوّدَتْ | فيهِ الغُصُونُ وَنُجحُها أنْ يُثْمِرا |
نُثني عَلَيهِ، وَلَم يَكُنْ إثْنَاؤنَا | قَوْلاً يُعَارُ، وَلاَ حَديثاً يُفتَرَى |
ما قُلتُ إلاّ ما عَلِمْتُ، وإنّما | كنتُ ابنَ جوبِ الأرْضِ سيل فخبّرا |
والشّكرُ مِنْ بَعْدِ العَطَاءِ وَلَمْ يكنْ | ليَعِمّ نَبتَ الأرْضِ حتّى تُمطِرَا |
طَلقٌ يُضِيءُ البِشرُ دونَ نَوَالِهِ، | والبِشرُ أحسَنُ ما تؤمّلُ أوْ تَرَى |
لا يَكْمُلُ القِسْمُ الذي أُوتيتَهُ، | حتّى تَلَذّ العَينُ فيهِ مَنظَرَا |
مِنْ مَعدِنِ الشّرَفِ الذي إفرِندُهُ | في وَجْهِ وَضّاحِ الأصَائِلِ أزْهَرَا |
وأرُومَةٍ في المُلْكِ خَاقَانِيّةٍ | تَعتَمُّ أفناناً، وَتَكرُمُ عُنصُرا |
أخلِقْ بذي السّيفَينِ أوْ صِدقٍ بهِ | أنْ يُعمِلَ السّيفينِ حتى يُحسَرَا |
ما زيدَ أُنْمُلَةً على استِحقاقِهِ، | فيَقِلَّ صَبْرُ مُنَافِسٍ أوح يُضْجَرَا |
ما قُلّدَ السّيفَينِ، إلاّ نَجدَةً | والحَرْبِ، توجبُ أنْ يُقَلَّدَ آخرَا |
قَد أُلبِسَ التّاجَ المُعَاوِدَ لُبْسَهُ | في الحَالَتَينِ، مُمَلَّكاً، وَمُؤمَّرَا |
إنْ كَانَ قُدّمَ للغِنَاءِ، فَما لمَنْ | يُمسِي وَيُصبحُ عاتِباً إنْ أُخّرَا |
لم تنكر الخرزات إلف ذؤابة | يحتل في الخرز الذوائب والذرى |
شَرَفٌ تَزَيّدَ بالعِرَاقِ إلى الذي | عَهِدُوهُ بالبَيْضَاءِ، أو بَبَلنجَرَا |
مِثْلَ الهَلالِ بَدا، فَلَمْ يَبْرَحْ بهِ | صَوْغُ اللّيالي فيهِ، حتّى أقْمَرَا |
أدّى عَليٌّ ما عَلَيْهِ، مُورِداً | للأمْرِ عِندَ المُشكِلاتِ وَمُصْدِرا |
أخزَى عَدُوَّكَ، مُعلِناً، وَمُساتراً، | وَكَفَاكَ أمرَكَ، سائساً، وَمُدَبِّرا |
مُتَقَبَّلٌ مِنْ حَيْثُ جاءَ حَسبتَهُ، | لقَبُولِهِ في النّفسِ، جاءَ مَبَشِّرا |