تَجَنّى عَلَيْنا طَيفُها حينَ أُرْسِلا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تَجَنّى عَلَيْنا طَيفُها حينَ أُرْسِلا | وَهَلْ يَتَجَنّى الحِبُّ إلاّ لِيَبْخَلا؟ |
يَعُدُّ، وَلم أُذْنِبْ، ذُنوباً كَثيرَة ً | تَلَقَّفَها مِنْ كاشِحٍ أَو تَمَحَّلا |
ولي هِمَّة ٌ تَأبَى ، وَلِلْحُبِّ لَوْعَة ٌ | أَضُمُّ عَلَيها القَلْبَ أَنْ أَتَنَصَّلا |
أَتَحْسَبُ تلكَ العامِريَّة ُ أَنّني | أَذِلُّ، وَيَأْبَى المَجْدُ أَنْ أَتَذَللاَّ |
وَتَزْعُمُ أَنّي رُضْتُ قَلْبي لِسَلْوَة ٍ | إذاً لا أقالَ اللّهُ عَثْرَة َ مَنْ سَلا |
أَما عَلِمَتْ أَنَّ الهَوى يَسْتَفِزُّني | إذا الرَّكْبُ مِنْ نَحْوِ الجُنَيْنَة ِ أَقْبَلا |
وَأَرْتاحُ لِلْبَرْقِ اليَماني صَبابَة ً | وَأَنْشَقُ خَفَّاقَ النَّسيمِ تَعَلُّلا |
حَلَفْتُ لِرَعْيِ الوُدِّ لا لِضَراعَة ٍ | يُكَلِّفُها الحُبُّ الغَوِيَّ المُضَلَّلا |
بِصُعْرٍ تَبارَتْ في الأزِمَّة ِ شُمَّذٍ | تَؤُمُّ بنا فَجَّاً مِنَ الأَرْضِ مَجْهَلا |
طلَعْنَ بُدوراً بِالفَلا وَهْيَ بُدَّنٌ | وَعُدْنَ كَأَشْباحِ الأَهِلّة ِ نُحَّلا |
عليهنَّ شُعْثٌ من ذُؤابَة ِ غالِبٍ | ضَمِنْتُ لَهُمْ أَنْ نَمْسَحَ الرُّكْنَ أَولاَّ |
يُميلُ الكَرى منهمْ عَمائِمَ لاثَها | على المَجْدِ أَيْدٍ تَخْلُفُ الغَيْثُ مُسْبِلا |
فَلَسْنا نَرى إلاّ كَريماً يَهزُّهُ | حُداءٌ سَرى عَنهُ رِداءً مُهَلْهَلا |
لَئِنْ صَافَحَتْ أُخْرى على نَأُي دارِها | يَميني، فلا سَلَّتْ على القِرْنِ مُنْصُلا |
وَقُلْتُ ضِياءُ المِلَّة ِ اخْتَطَّ عَزْمُهُ | لِهِمَّتِهِ دونَ السِّماكِيْنِ مَنْزِلا |
ولم يَتْرُكِ الضِّرْغامَ في حَوْمَة ِ الوَغى | جَباناً، وَلا صَوْبَ الغَمامِ مُبَخَّلا |
ولا اخْضَرَّ واديهِ، على حينَ لاتَرى | مَراداً لِعيسٍ شَفَّها الجَدْبُ مُبْقِلا |
فَتى ً شرِقَتْ بِالبِشْرِ صَفْحَة ُ وَجْههِ | كَأَنَّ عليها البَدْرَ حينَ تَهَلَّلا |
هُوَ الغَيْثُ يُرْوي غُلَّة َ الأَرْضِ مُسبِلا | هُوَ اللَّيْثُ يَحمي ساحَة َ الغابِ مُشْبِلا |
يُلاذُ بِهِ وَاليَوْمُ قانٍ أَديمُهُ | وَيُدْعَى إذا ما طارِقُ الخَطبِ أَعْضَلا |
لَهُ إمْرَة ٌ عِنْدَ المُلوكِ مُطاعَة ٌ | وَرَأْيٌ بهِ يَسْتَقْبِلُ الأَمرَ مُشْكِلا |
كَأَنَّ نُجومَ الأُفقِ يَتَبْعنَ أَمْرَهُ | فَلَوْ خالَفَتْهُ عادَ ذو الرُّمْحِ أَعْزَلا |
لَقى ً دونَ أدنى شَأْوِهِ كُلُّ طَالبٍ | وَهَلْ غاية ٌ ضَمَّتْ حُبارى وَأَجْدَلا |
فَحَظُّ مُجاريهِ إِذا جَدَّ جَدُّهُ | على إثرِهِ أَنْ يَملأَ العَيْنَ قَسْطَلا |
أَتَى العيدُ طَلْقَ المُجْتلى فَتَلَقَّهُ | بِوَجْهٍ يَروقُ النَّاظِرَ المُتَأَمِّلا |
وَضَحِّ بِمَنْ يَطْوي على الحِقْدِ صَدْرِهُ | فَإنّكَ مَهْما شِئْتَ وَلاّكَ مَقْتَلا |
وَأَرْعِ عِتاباً تَحْتَهُ الوُدُّ كامِنٌ | مَسامِعَ يَمْلأْنَ الثَّناءَ المُنَخَّلا |
أَرَى مَللاً حَيثُ التَفَتُّ يُهيبُ بي | وَما كُنتُ أَخْشَى أَنْ أُفارِقَ عَنْ قِلى |
فَلَقَّيْتَني سُوءاً، لَقيتَ مَسَرَّة ً | وَخَيَّبْتَ آمالي ، بَقيتَ مُؤَمَّلا |
أَمِنْ كَذِبِ الواشي وَتَكْثيرِ حَاسِدٍ | إِذا لَمْ يَجِدْ قَوْلاً صَحيحاً تَقَوَّلا |
رَمَيْتَ بِنا مَرْمَى الغريبة ِ جُنِّبَتْ | عَلَى غُلَّة ٍ تُدمي الجَوانِحَ، مَنهَلا |
وَأَطْمْعتَ في أَعْراضِنا كُلَّ كاشِحٍ | يُجَرِّعُهُ الغَيْظُ السِّمامَ المُثَّملا |
وَراءَكَ إنّي لَستُ أَغْرِسُ نَخْلَة ً | لأَجنِيَ منها حِينَ تُثْمِرُ حَنْظَلا |
أَيَجْمُلُ أَنْ أُجْفَى فَآتِيَ مُغْضَباً | وَتَأْتِيَ ما لا تَرْتَضِيهِ لَنا العُلا |
وَأَسْهَرُ في مَدْحي لِغَيْرِكَ ضَلَّة ً | وَأَدْعو سِواكَ المُنْعِمَ المُتَطَوِّلا |
وَكُلُّ امرئٍ تَنْبو بِهِ الدَّارُ مُطْرِقٌ | على الهُونِ مَا لَمْ يَنوِ أَنْ يَتَحَوَّلا |
وَها أَنا أَزْمَعْتُ الفِراقَ ، وفي غَدٍ | نَميلُ بَصدْرِ الأَرْحَبِيِّ إلى الفَلا |
فَمَنْ ذا الذي يُهْدي إِليكَ مَدائِحاً | كَما أَسْلَمَ السِّلْكُ الجُمانَ المُفَصَّلا |
بِنَثْرٍ يَمُجُّ السِّحْرَ طَوْراً ، وَتارَة ً | بِنَظْمٍ إِذا ما أَحْزَنَ الشِّعْرُ أَسْهَلا |
فَمُصْبَحُهُ يَجْلو بِهِ الفَجْرُ مَبْسِماً | وَمُمْساهُ تُلْقى عِنْدَهُ الشَّمْسُ كَلْكَلا |
وَنِعْمَ المُحامي دونَ مَجْدِكَ مِقْوَلي | بِهِ أُلْقِمَتْ قَسْراً أَعادِيكَ جَنْدَلا |
بَقيِتَ لِمَنْ يَبْغي نَوالَكَ مَلْجَأً | وَدُمْتَ لِمَنْ يَرْجو زَمانَكَ مَوْئِلا |