فأجابه:عَلَى أَيِّ حَالٍ فِيْكَ أَعْجَبُ لِلْغَدْرِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
فأجابه:عَلَى أَيِّ حَالٍ فِيْكَ أَعْجَبُ لِلْغَدْرِ | وَمَا أَنْتَ إِلاَّ وَاحِدٌ مِنْ بَنِي الدَّهْرِ |
سجية ُ حظِّ عازبٍ ما نكرتهَا | وَخُطَّة ُ جَوْرٍ قَدْ أَلِفْتُ بِهَا صَدْرِي |
فَكُنْ كَيْفَ مَا شَاءَ الزَّمَانُ فَإنَّهُ | لَدَيْكَ مُطَاعُ القَوْلِ مُمْتَثَلُ الأَمْرِ |
وَذَرْنِي فَمَا أَعْدَدْتُ بَعْدَكَ سَاعِدَي | مُعِيني وَلا صَدْري أَمِينا عَلَى سِرِّي |
ولكنْ شجاني أنَّ ودكَ ضاعَ مِنْ | يدِي وقدْ أنفقتُ في كسبهِ عمرِي |
فَلَو عَلِقَتْ نَفْسِي بِغَيْرِكَ لَمْ تَكُنْ | تُؤمِّلُهُ إِلاَّ لِيَشْفَعَ فِي الحَشْرِ |
شَبَابٌ تَقَضَّى فِي هَوَاكَ وَشُرَّدٌ | مطوحة ُ الأبناءِ جائلة ُ الذكرِ |
أَغَارُ عَلَيْهَا أَنْ تُعَانَ بِشَافِعٍ | إِلَيْكَ وَتَسْعَى فِي رِضَاكَ عَلَى قَسْرِ |
وَيَكْتُمُهَا الرَّاوي حَيَاء وَعَرَفُهَا | يَنِمُّ كَمَا نَمَّ النَّسِيْمُ عَلَى الزَّهْرِ |
علقتُ بهَا عطفَ الخيالِ الذي يسرِي | |
عَهِدْتُكَ مِطْوَافٌ الهَوَى كُلَّ لَيْلَة ٍ | تَرُوحُ إِلَى وَصْلٍ وَتَغْدُو عَلَى هَجْرِ |
إذَا أحكمتْ فيكَ العهودُ زمامَها | فَذَلِكَ أَدْنَى مَا تَكُونُ إِلَى الغَدْرِ |
رضاكَ علَى سخطٍ وصفوكَ في قذَى | وحبكَ في بغضٍ وحلمكَ عنْ غمرِ |
خَلائِقُ تَفْويفُ الرِّيَاضِ كَأَنَّمَا | سَقَاهَا سَحَابٌ مِنْ أَنَامِلِكَ العَشْرِ |
وَوَجْهٌ يَخَالُ البَشَرَ فِيْهِ عَنْ الرِّضَى | وَمَا كُلُّ ضَوءٍ لاحَ مِنْ وَضَحِ الفَجْرِ |
فَمَالَكَ تَرْمِيْنِي بِعَتَبٍ جَهِلْتُهُ | فلمْ أرَ فيهِ وجهَ ذنبي ولا عذرِي |
وَكَيْفَ أَضَلتني الهُمُومُ وَطَوَّحَتْ | بلبيَ حتَّى صرتُ أجني ولاَ أدرِي |
طويتُ على غلٍّ ضميركَ بعدَ مَا | تَوَهَمْتُ أَنَّ السِرَّ عِنْدَكَ كَالهَجْرِ |
فَمَا أَعْرَبَتْ عَنْكَ الجُفُونُ بِنَظْرَة ٍ | إِذَا بثَّتِ الأحْقَادَ بِالنَّظَرِ الشَّزِرِ |
تغلُّ علَى العتبِ بينَ دلائلِ الصفاء | وتجلُو الحقدَ في رونقِ البشرِ |
فَمَا كُنْتُ إِلاَّ السَّيْفُ يَسْعُرُ حَدُّهُ | ضرامُ الوغَى والماء في متنهِ يجري |
فأيُّ خليلٍ بالتجنّي حملتهُ | على الخطة ِ الشنعاءِ والمركبِ الوعرِ |
وأيُّ حسامٍ فلَّ رأيكَ حدهُ | وقدْ كانَ يفري والقواضبُ لا تفرِي |
فلوْ لمْ أرَ البقيَا أطعتُ حفيظتَي | عليكَ ولكنْ ليسَ قلبكَ في صدرِي |
وكنتُ جديراً أنْ أبيتَ وبيننَا | مهامهُ تسري الشهبُ فيها علَى ذعرِ |
يضلُّ بهَا عنِّي خيالكَ قصدهُ | ولوْ ركبَ الجوزاء أوْ صهوة َ البدرِ |
وهيهاتَ لوْ ناديتنَي ساكنَ الثرى | أجبتُ فصيحاً لا صدَى جانبَ القبرِ |
وَإِنِّي وَإِنْ كَانَتْ سَمَاؤكَ أَمْطَرَتْ | سحائبَ عرفٍ ناءَ في حملهِ ظهرِي |
لأعلمَ أنِّي بانتسابِي إليكمُ | على الكرمِ الوضاحِ والمنصبِ الجَرِ |
جَرَيتُ بأَوفَى مَا تَطُولُ بِهِ يَدِي | وَجُدْتُ بِأَعلَى مَا يَضِنُّ بِهِ شُكْرِي |
غضبتُ علَى جدواكَ نفساً أبية ً | فصارَ غنائِي عنكَ أوضحَ منْ فقرِي |
وعلمتني بذلَ النوالِ توكلاً | عليكَ كمَا جادَ السحابُ منَ البحرِ |
فَإِنْ كَانَ إِدْلائِي عَلَيْكَ جِنَايَة ً فَإِنَّكَ | أهل للتعمدِ والغفر |
ولستُ بعيداً من رضاكَ وبيننَا | مَوَاثقُ تُلغى فِي وَسَائِلَها وزْرِي |
وكمْ لكَ عندي منة ٌ ما وفى بهَا | ثنائي فلا شكري رضيتُ ولاَ كفرِي |
وقبلكَ ما عرضتُ نفسي لنائلٍ | يعدُّ ولا رمتُ الرواءَ منَ القطرِ |
وَلا كُنْتُ إلاَّ رَاضِياً بِقَنَاعَة ٍ | أعيشُ بهَا بينَ الخصاصة ِ واليسرِ |
ولكنَّ حظِّي منْ سحابكَ شيمة ٌ | تَكْثُر حُسَّادِي وَتَرْفَعُ مِنْ قَدْرِي |
فِدَاكَ كَرِيْمٌ جَادَ مِنْ فَضْلِ مَالِهِ | فَإنَّكَ مَا أَعْطَيتَ إِلاَّ عَلَى عُسْرِ |
فَكَيْفَ عَمِيْدٌ بِالثَرَاءِ قِلاصُهُ | قِلاصُ الثُّرَيَّا لا تَخَافُ مِنْ النَّحِرِ |
ولا زلتَ أحلَى في الجفونِ منَ الكرَى | وحبكَ أحلَى في القلوبِ منَ الذكرِ |