لَقَدْ هَجَرَتْ سُعْدَى وَطَالَ صُدُودُها
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
لَقَدْ هَجَرَتْ سُعْدَى وَطَالَ صُدُودُها | وَعَاوَدَ عَيْني دَمْعُها وَسُهُودُها |
وقد أُصفيتْ سعدى طريفَ مودّتي | ودامَ على العهدِ القديمِ تليدُها |
نَظَرْتُ إليها نَظْرَة ً وَهْيَ عَاتِقٌ | على حِينِ أنْ شَبّتْ وَبَانَ نُهُودُها |
وَقَدْ دَرَّعُوهَا وَهْيَ ذَاتُ مُؤَصَّدٍ | مجوبٍ ولمّا يلبَسِ الدَّرعُ ريدُها |
نظَرْتُ إليها نَظْرَة ً ما يَسُرُّني | بها حمرُ أنعامِ البلادِ وسودُها |
وكنتُ إذا ما زرتُ سُعدى بأرضها | أرى الأرضَ تطوى لي ويدنو بعيدُها |
منَ الخَفِرَاتِ البِيضِ وَدَّ جَليسُها | إذا ما انقضتْ أحدوثة ٌ لوْ تُعيدُها |
منعَّمة ٌ لم تلقَ بُؤسَ معيشة ٍ | هي الخُلدُ في الدُّنيالمن يستفيدها |
هي الخُلْدُ مَا دامْت لأهلكَ جَادَة ً | وهلْ دَامَ في الدّنيا لنفْسٍ خُلودُها |
فتلكَ التي أصفيتُها بمودَّتي | وليداً ولمّا يستبنْ لي نهُودُها |
وقد قَتَلَتْ نَفْساً بِغَيْرِ جَريرَة ٍ | وَلَيْسَ لها عَقْلٌ ولا مَنْ يُقيدُها |
تُحَلِّلُ أحْقَادِي إذا ما لَقِيتُها | وَتَبْقَى بِلا ذَنْبٍ عَلَيَّ حُقُودُها |
ويعذُبُ لي من غيرها فأعافُها | مَشَارِبُ فيها مَقْنَعٌ لو أُريدُها |
وأَمْنَحُهَا أقْصَى هَوَايَ وإنَّني | على ثقة ٍ من أنَّ حظّي صدودُها |
فَكَيْفَ يَوَدُّ القَلْبُ مَنْ لا يَوَدُّهُ | بلى قد تُريد النَّفْسُ مَنْ لا يُرِيدُها |
ألا ليتَ شعري بعدنا هل تغيّرتْ | عنِ العهدِ أمْ أمستْ كعهدي عهودُها |
إذا ذَكَرَتْهَا النَّفْسُ جُنّتْ بِذِكْرِها | وريعتْ وحنَّتْ واستخفَّ جليدُها |
فلو كان ما بي بالجبالِ لهدَّها | وإنْ كانَ في الدّنيا شديداً هدودُها |
ولستُ وإنْ أوعدتُ فيها بمُنتة ٍ | وإن أُوْقِدَتْ نارٌ فَشُبَّ وَقُودُهَا |
أبيتُ نجيّاً للهمومِ مُسهَّداً | إذا أوقدتْ نحوي بليلٍ وقودُها |
فأصبحتُ ذا نفسينِ، نفسٍ مريضة ٍ | مِنَ اليأسِ ما يَنْفَكُّ هَمٌّ يَعُودُها |
ونفسٍ تُرجّي وصلها بعد صرمِها | تجمَّلُ كيْ يزدادَ غيظاً حسودُها |
وَنَفْسي إذا ما كُنْتُ وَحْدِي تَقَطَّعتْ | كما انسَلَّ مِنْ ذَاتِ النِّظَامِ فَرِيدُها |
فلمْ تبدِ لي يأساً ففي اليأسِ راحة ٌ | ولمْ تبدِ لي جوداً فينفعَ جودُها |
كذاك أذودُ النَّفْسِ يا عزَّ عَنْكُمُ | وَقَدْ أعْوَرَتْ أسْرَارُ مَنْ لا يَذُودُها |