يا بدوراً تغيبُ تحتَ الترابِ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا بدوراً تغيبُ تحتَ الترابِ، | وجبالاً تمرّ مرّ السحابِ |
إنّ في ذلكَ، اعتباراً وذكرى ، | يَتَوَعّى بها ذَوو الألبابِ |
قلْ لصادي الآمالِ لا تردِ العيـ | ـشَ، فإنّ الحياة َ لمعُ سرابِ |
أينَ رَبّ السّريرِ والجيزَة ِ البَيْـ | ـضاء ذاتِ النخيلِ والأعنابِ |
عَرَصاتٌ كأنّهنّ سَماءٌ، | قد توارتْ شموسُها في الحجابِ |
أينَ ربّ الآراءِ والرّتَبة ِ العَلـ | ـياءِ، والماجدُ الرفيعُ الجنابِ |
والذي لَقّبوهُ بالأبلَجِ الوَ | هابِ طوراً، والعابسِ النهابِ |
لَيثُ إبنا أُرتُقَ الملكُ المَنـ | ـصورُ، ربُّ الإحسانِ والأنسابِ |
صاحبُ الرتبة ِ التي نكصَ العا | لمُ من دونِها على الأعقابِ |
ومُجَلّي لَبسَ الأمورِ، إذا بَر | قَعَ قُبحُ الخَطا وجوهَ الصّوابِ |
حازَ حِلمَ الكُهولِ طِفلاً وأُعطي | ورعَ الشيبِ في أوانِ الشبابِ |
جلّ عن أن تقبلَ الناسُ كفيـ | ـهِ، فكانَ التقبيلُ للاعتابِ |
لم تُرَنّحْ أعطافَهُ نَشوة ُ المُلـ | ـكِ، ولا يزدهيهِ فرطُ أعتجابِ |
رافعُ النّارِ بالبقاعِ، إذا أخْـ | ـمدَ بردُ الشتاءِ صوتَ الكلابِ |
ومحيلُ العامِ المحيلِ، إذا اعتا | دَ لسانُ الفصيحِ نطقَ الذبابِ |
عَرَفوا رَبَعهُ، وقد أنْكِرَ الجُو | دُ، برَفعِ اللّوا ونَصبِ العِتابِ |
وقدورٍ بما حَوتْ راسيِاتٍ، | وجِفانٍ مَملُوّة ٍ كالجَوابي |
ملكٌ أصبحَ الخلائقُ والأ | يامُ والأرضُ بعده في اضطرابِ |
فاعتَبِرْ خُضرَة َ الرّياضِ تَجِدْها | أثرَ اللطمِ في خدودِ الروابي |
حَمَلوهُ على الرّقابِ، وقد كا | نَ نَداهُ أطواقَ تلكَ الرّقابِ |
ما أظنّ المَنونَ تَعلَمُ ماذا | قصفتْ بعدهُ من الأصلابِ |
يا رجيمَ الخطوبِ، فاسترقِ السمـ | ـعَ، فأُفقُ العُلَى بغَيرِ شِهابِ |
فليَطُلْ، بعدَه على الدّهرِ عَتبي، | ربّ ذمٍّ ملقبٍ بعتابِ |
أيّها الذّاهبُ الذي عرّضَ الأمـ | ـوالَ والنّاسَ بعدَهُ للذّهابِ |
طارَ لبّ السماحِ، يومَ توفيـ | ـتَ، وشُقّتْ مَرائرُ الآدابِ |
وعلا في العلا عويلُ العوالي، | ونَحيبُ اليَراعِ والقِرضابِ |
لو يُرَدّ الرّدى بقوّة ِ بأسٍ | لوَقَيناكَ في الأُمورِ الصّعَابِ |
بأسودٍ بيضِ الوجوهِ، طوالِ الـ | ـباعِ، شُمِّ الأنوفِ، غُلبِ الرّقابِ |
تَرَكوا اللّهوَ للغُواة ِ، وأفنَوا | عُمرَهم في كتائبٍ، أو كِتابِ |
وجِيادٍ مثلِ العَقارِبِ نحوَ الـ | ـروعِ تسعى شوائلَ الأذنابِ |
كلِّ طرفٍ مطهمٍ، سائلِ الغُـ | ـرة ِ، جعدِ الرسغينِ، سبطِ الإهابِ |
كنتَ ذُخراً لنا، لوَ أنّ المَنا | يا جنبتْ عن رفيعِ ذاكَ الجنابِ |
لم أكنْ جازعاً، وأنت قَريبٌ، | لبُعادِ الأهلينَ والأنسابِ |
كانَ لي جُودُكَ العَميمُ أنيساً | في انفرادي، وموطناً في اغترابي |
ما بَقائي من بعدِ فقدِكَ، إلاّ | كبَقاءِ الرّياضِ بعدَ السّحاب |