شُقّ جَيبُ اللّيلِ عن نَحرِ الصّباحْ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
شُقّ جَيبُ اللّيلِ عن نَحرِ الصّباحْ | أيها الساقونْ |
وبدا للطلّ في جيدِ الأقاحْ | لؤلؤٌ مكنونْ |
ودَعانا للَذيذِ الإصطِباحْ | طائرٌ ميمونْ |
فاخضبِ المبزلَ من نحرِ الدنان | بدَمِ الزَّرْجُونْ |
تَتَلَقّى دَمَها حُورُ الجِنانْ | في صحافٍ جونْ |
فاسقنيها قهوة ً تكسو الكؤوسْ | بسنا الأنوارْ |
وتميتُ العقلَ، إذ تحيي النفوسْ | راحة ُ الأسرارْ |
غَرَسَتْ كَرمَتَها بينَ القِيانْ | يدُ أفلاطونْ |
وبماءِ الصرحِ قد كان يطانْ | دَنُّها المَخزُونْ |
اخبرتنا عن بني العصرِ القديمْ | خبراً مأثورْ |
وروَتْ يومَ مُناجاة ِ الكَليمْ | كيفَ دُكّ الطُّورْ |
ولماذا أتخذتْ أهلُ الرقيمْ | كَهفَها المَذكورْ |
وندا يونسُ عند الإمتحانْ | بالتقامِ النونْ |
مُذ جَلا شمسَ الضّحى بدرُ التّمامْ | في اللّيالي السّودْ |
وغدا يصبغُ أذيالَ الظلامْ | بِدَم العُنقُودْ |
قلتُ يا بُشراكُمُ هذا غُلامْ | وفتاة ٌ رودْ |
مزجا الكأسَ رواحا يسقيانْ | في حمى جيرونْ |
فبذلنا في القناني والقيانْ | ما حوَى قارُونْ |
نالَ فِعلُ الخَمرِ من ذاتِ الخِمارْ | عند شربِ الراحْ |
فغَدَتْ تَستُرُ من فرطِ الخُمارْ | وجهها الوضاحْ |
خلتُها، إذْ لم تدعْ بالإختمارْ | غيرَ صَلْتٍ لاحْ |
قمراً تمّ لسبعٍ وثمانْ، | في اللّيالي الجُونْ |
قدَرَتَهُ الشّمسُ في حالِ القِرانْ | فهوَ كالعُرجون |
أفعَمَ الزّامرُ بالنّفخِ المُدارْ | نايَهُ المَخصُورْ |
فغدا، وهوَ لأمواتِ الخُمارْ | مثلَ نَفخِ الصُّورْ |
أو كما عاشَ الورى بعدَ البوارْ | بندَى المنصورْ |
مَلِكٌ هَذّبَ أخلاقَ الزّمانْ | عدلُه المسنونْ |
وأعادَ النّاسَ في ظِلّ الأمانْ | عضبهُ المسنونْ |
ملكٌ أنجدَ طلابَ الندَى | غاية َ الإنجادْ |
متلفٌ، إن جالَ، آجالَ العدى | واللهي إنْ جادْ |
مَهّدَ الأرضِينَ بالعَدلِ، فكانْ | أمنُها مضمونْ |
ذيبُها والشاة ُ ترعى في مكانْ، | غدرُهُ مأمونْ |
باذِلُ الأموالِ من قَبلِ السّؤالْ | بأكفّ الجودْ |
ما رجاهُ آملٌ إلاّ ونالُ | غاية َ المقصودْ |
فإذا ما أَمَّهُ راجي النّوالْ | سادَة ٍ أنجادْ |
يهبُ الولدانَ والحورَ الحسانْ | في بيوتِ النّارْ |
وسواهُ إنْ دعاهُ ذو لِسانْ | يمنعُ الماعونْ |
يا مليكاً لبني الدرِ ملكْ، | فشَرى الأحرارْ |
ملكٌ أنتَ عظيمٌ أمْ ملكْ | ساطِعُ الأنوارْ |
بالذي تَختارُهُ دارَ الفَلَكْ، | وجرى المقدارْ |
مذْ رأى بأسكَ سلطانُ الأوانْ، | وَهوَ كالمَحزُونْ |
حاولَ النّصرَ كمُوسى ، فاستعانْ | بكَ يا هارونْ |