أبِيتُ كَأني لِلصَّبَابَة ِ صَاحِبُ،
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أبِيتُ كَأني لِلصَّبَابَة ِ صَاحِبُ، | و للنومِ مذْ بانَ الخليطُ ، مجانبُ |
وَمَا أدّعِي أنّ الخُطُوبَ تُخِيفُني | لَقَدْ خَبّرَتْني بِالفِرَاقِ النّوَاعِبُ |
و لكنني ما زلتُ أرجو وأتقي | وَجَدَّ وَشِيكُ البَيْنِ وَالقَلْبُ لاعِبُ |
و ماهذهِ في الحبِّ أولَ مرة ٍ | أسَاءَتْ إلى قَلبي الظّنُونُ الكَوَاذِبُ |
عليَّ لربعِ " العامرية " وقفة ٌ | تُمِلّ عَليّ الشّوْقَ وَالدّمعُ كاتِبُ |
فلا ، وأبي العشاقِ ، ما أنا عاشقٌ | إذا هيَ لَمْ تَلْعَبْ بِصَبرِي المَلاعِبُ |
و منْ مذهبي حبُّ الديارِ لأهلها | وَللنّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ |
عتادي لدفعِ الهمِّ نفسٌ أبية ٌ | وَقَلبٌ على مَا شِئتُ مِنْهُ مُصَاحِبُ |
حَسُودٌ عَلى الأمرِ الذي هُوَ عَائِبُ | وَخُوصٌ كأمْثَالِ القِسِيّ نَجَائِبُ |
تكاثرَ لوامي على ما أصابني | كأنْ لم تنبْ إلا بأسري النوائبُ |
يقولونَ : " لمْ ينظرْعواقبَ أمرهِ " | و مثلي منْ تجري عليهٍِ العواقبُ |
ألألمْ يعلمِ الذلانُ أنَّ بني الوغى | كَذاكَ، سَليبٌ بِالرّمَاحِ وَسَالِبُ |
أرى ملءَ عيني الردى فأخوضهُ | إذِ المَوْتُ قُدّامي وَخَلْفي المَعَايِبُ |
وَإنّ وَرَاءَ الحَزْمِ فِيهَا وَدُونَهُ | مَوَاقِفَ تُنْسَى دُونَهُنّ التّجَارِبُ |
و أعلمُ قوماً لو تتعتعتُ دونها | لأجهَضَني بالذّمّ مِنهُمْ عَصَائِبُ |
و مضطغنٍ لمْ يحملِ السرَّ قلبهُ | تَلَفّتَ ثمّ اغْتَابَني، وَهوَ هَائِبُ |
تردى رداءَ الذلِّ لمَّـا لقيتهُ | كما تتردى بالغبارِ العناكبُ |
ومنْ شرفي أنْ لا يزالَ يعيبني | حسودٌ على الأمرِ الذي هوَ عاتبُ |
رَمَتْني عُيُونُ النّاسِ حَتّى أظُنّهَا | ستحسدني ، في الحاسدينًَ ، الكواكبُ |
فَلَسْتُ أرَى إلاّ عَدُوّاً مُحارباً، | و آخرَ خيرُ منهُ عندي المحاربُ |
وَيَرْجُونَ إدْرَاكَ العُلا بِنُفُوسِهِمْ | وَلَمْ يَعْلَمُوا أنّ المَعَالي مَوَاهِبُ |
فكمْ يطفئونَ المجدَ واللهُ موقدٌ | وَكَمْ يَنْقُصُونَ الفَضْلَ وَاللَّهُ وَاهبُ |
و هلْ يدفعُ الإنسانُ ما هوَ واقعٌ | وَهَلْ يَعْلَمُ الإنسانُ ما هوَ كاسِبُ؟ |
و هلْ لقضاءِ اللهِ في الخلقِ غالبٌ | وهلْ لقضاءِ اللهِ في الخلقِ هاربُ؟ |
وَلا ذَنبَ لي إنْ حارَبَتني المَطالِبُ | |
وهلْ يرتجي للأمرِ إلا َّرجالهُ | وَيأتي بصَوْبِ المُزْنِ إلاّ السّحائِبُ!؟ |
و عنديَ صدقُ الضربِ في كلِّ معركٍ | و ليسَ عليَّ إنْ نبونَ المضاربِ |
إذا كانَ "سيفُ الدولة ِ" الملكُ كافلي | فلا الحَزْمُ مَغلوبٌ ولا الخصْمُ غالِبُ |
إذا اللَّهُ لَمْ يَحْرُزْكَ مِمّا تَخَافُهُ، | عَليّ لِسَيْفِ الدّولَة ِ القَرْمِ أنْعُمٌ |
وَلا سَابِقٌ مِمَّا تَخَيّلْتَ سَابِقٌ، | ولاَ صاحبٌ مما تخيرتَ صاحبُ |
أأجْحَدُهُ إحْسَانَهُ فيّ، إنّني | لكافرُ نعمى ، إنْ فعلتُ ، مواربُ |
لَعَلّ القَوَافي عُقْنَ عَمّا أرَدْتُهُ، | فلا القولُ مردودٌ ولا العذرُ ناضبُ |
و لا شكَّ قلبي ساعة ً في اعتقادهِ | وَلا شَابَ ظَني قَطّ فِيهِ الشّوَائِبُ |
تُؤرّقُني ذِكْرَى لَهُ وَصَبَابَة ٌ، | وَتَجْذُبُني شَوْقاً إلَيْهِ الجَوَاذِبُ |
وَلي أدْمُعٌ طَوْعَى إذا مَا أمَرْتُها، | وَهُنّ عَوَاصٍ في هَوَاهُ، غَوَالِبُ |
فلا تخشَ " سيفَ الدولة ِ" القرمَ أنني | سِوَاكَ إلى خَلْقٍ مِنَ النّاسِ رَاغبُ |
فلا تُلبَسُ النّعمَى وَغَيرُكَ مُلبِسٌ، | وَلا تُقْبَلُ الدنيَا وَغَيرُكَ وَاهِبُ |
وَلا أنَا، مِنْ كُلّ المَطاعِمِ، طَاعِمٌ | وَلا أنَا، مِنْ كُلّ المَشَارِبِ، شَارِبُ |
وَلاَ أنَا رَاضٍ إنْ كَثُرْنَ مكاسِبي، | إذا لمْ تكنْ بالعزِّ تلكَ المكاسبُ |
و لا السيدُ القمقامُ عندي بسيدٍ | إذا اسْتَنْزَلَتْهُ عَن عُلاهُ الرّغَائِبُ |
أيَعْلَمُ مَا نَلْقَى ؟ نَعَمْ يَعْلَمُونَهُ | على النأيِ أحبابٌ لنا وحبائبُ |
أأبْقَى أخي دَمْعاً، أذاقَ كَرى ً أخي؟ | أآبَ أخي بعدي ، منَ الصبرِآئبُ؟ |
بنَفسِي وَإنْ لمْ أرْضَ نَفسِي لَرَاكِبٌ | يُسَائِلُ عَني كُلّمَا لاحَ رَاكِبُ |
قريحُ مجاري الدمعِ مستلبُ الكرى | يُقَلْقِلُهُ هَمٌّ مِنَ الشوْقِ نَاصِبُ |
أخي لا يُذِقْني الله فِقْدَانَ مِثْلِهِ! | و أينَ لهُ مثلٌ ، وأينَ المقاربُ؟ |
تَجَاوَزَتِ القُرْبَى المَوَدّة ُ بَيْنَنَا، | فأصْبَحَ أدْنَى مَا يُعَدّ المُنَاسِبُ |
ألا لَيْتَني حُمّلْتُ هَمّي وَهَمّهُ، | وَأنّ أخي نَاءٍ عَنِ الهَمّ عَازبُ |
فَمَنْ لمْ يَجُدْ بالنّفسِ دون حبيبِهِ | فما هوَ إلاَّ ماذقُ الودِّ كاذبُ |
أتَاني، مَعَ الرُّكْبَانِ، أنّكَ جَازِعٌ، | وَغَيرُكَ يَخْفَى عَنْهُ لله واجِبُ |
وَمَا أنْتَ مِمّنْ يُسْخِطُ الله فِعلُهُ | و إن أخذتْ منكَ الخطوبُ السوالبُ |
وَإني لَمِجْزَاعٌ، خَلا أنّ عَزْمَة ً | تدافعُ عني حسرة ً وتغالبُ |
و رقبة َ حسادٍ صبرتُ لوقعها | لها جانبٌ مني وللحربِ جانبُ |
فكمْ منْ حزينٍ مثلَ حزني ووالهٍ | ولكنني وحدي الحزينُ المراقبُ |
ولستُ ملوماً إنْ بكيتكَ منْ دمي | إذا قعدتْ عني الدموعُ السواكبُ |
ألا ليتَ شعري هلْ أبيتنَّ ليلة ً | تناقلُ بي فيها إليكَ الركائبُ؟ |