ألا طرقتْ أروى الرحالَ وصحبتي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ألا طرقتْ أروى الرحالَ وصحبتي | بأرضٍ يناصي الحزنَ منها سهولها |
وقد غابتِ الشعرى العبورُ وقاربتْ | لتَنْزِلَ، والشّعرى بطيءٌ نُزولُها |
ألمّتْ بشُعْثٍ راكبينَ رؤوسَهُمْ | وأكوارِ عيسٍ قدْ براها رحيلُها |
تبين خليلي ناصحَ الطرفِ، هل ترى | بعَيْنِكَ ظُعْناً، قدْ أُقلَّتْ حُمولُها |
تحمَّلْن مِن صَحراء فَلْجٍ، ولم يكَدْ | بصيرٌ بها من ساعة ٍ يستحيلُها |
تمايَلْنَ للأهْواء، حتى كأنّما | يجورُ بها في السيرِ عمداً دليلُها |
نواعِمِ، لمْ يَلقَينَ في العَيْشِ تَرْحة ً | ولا عَثْرَة ً مِنْ جَدّ سوء يُزيلُها |
ولو بات يسري الذرُّ فوقَ جلودِها | لأثَّرَ في أبْشارِهنَّ مُحيلُها |
فلمّا استوى نصْفُ النّهار وأظْهرِتْ | وقَدْ حانَ مِنْ عُفْرِ الظّباء مَقيلُها |
حثَثْنَ المطايا، فاصْمعَدَّتْ لشأنها | ومَدَّ أزِمّاتِ الجِمالِ ذَميلُها |
فلما تلاحقْنا، نبذنا تحية ً | إليهِنَّ، والتَذَّ الحديثَ أصِيلُها |
فكان لدَيْنا السَرَّ بَيْني وبَيْنَها | ولمعَ غَضيضاتِ العُيونِ رسولُها |
فما خلتها إلا دوالحَ أوقرَتْ | وكمتْ بحملٍ نخلُها وفسيلُها |
تسلسل فيها جدولٌ من محلمٍ | إذا زعزتها الريحُ كادتْ تميلها |
يكادُ يحارُ المُجْتَني وَسْطَ أيْكِها | إذا ما تنادى بالعشي هديلُها |
رَأيْتُ قُرومَ ابني نِزارٍ، كلَيهما | إذا خطرتْ عندَ الإمام فُحولها |
يَرَوْنَ لهمّامٍ عَلَيْهِمْ فَضيلة ً | إذا ما قرومُ الناس عدتْ فضولها |
وأكملها عقلاً لدى كل موطنٍ | إذا وزنتْ، فيما يشكُّ، عقولها |
فتى النّاسِ همّامٌ، وموْضِعُ بَيْتِهِ | برَابِيَة ٍ، يعْلو الرَّوابيَ طُولها |
فلوْ كانَ همامٌ من الجنّ، أصبحتْ | سجوداً لهُ جنُّ البلادِ وغولها |
نَمَتْهُ الذُّرى مِنْ مالكٍ، وتعَطّفَتْ | عليهِ الروابي: فرعها وأصولها |
أجادَتْ بهِ ساداتُها، فترَغّبَتْ | لأخلاقهِ: أمجادها وحفيلُها |
تذرى جبالاً منهمُ مكفهرة ً | يكادُ يعسُدَّ الأفْقَ مِنْها حُلولها |
لأخْذِ نَصيبٍ، أوْ لأمْرٍ يَعُولها | إذا ضُيّعَتْ عُونُ النساء وحُولها |
تعدّ لأيامِ الحفاظِ كأنّها | قناً، لم يقومْ درأها مستحيلها |
فما تبلتْ تبلاً، فيدركَ عندها | ولا سقبتها في سواها تُبولها |
سَبوقٌ لغاياتِ الحفاظِ، إذا جرى | ووهابُ أعناقِ المئينَ حمولها |
ودَفّاعُ ضَيْمٍ، لا يُسامُ دَنِيّة ً | وقَطّاعُ أقْرانِ الأمورِ، وَصُولها |
وأخّاذُ أقْصى الحقّ، لا مُتَهضَّمٌ | أخوهُ، ولا هشُّ القناة ِ، رذيلها |
أغرُّ أريبٌ ليس ينقضُ عهدهُ | |
جوادٌ، إذا ما أمحلَ الناسُ ممرعٌ | كريمٌ لجوعاتِ النساء قتولها |
إذا نائِباتُ الدَّهْرِ شقّتْ عَلَيْهِمِ | كفاهُمْ أذاها، فاستخفّ ثقيلُها |
عروفٌ لإضعافِ المرازي مالُهُ | إذا عَجَّ مَنْحوتُ الصَّفاة ِ، بخيلُها |
وكرارُ خلفَ المرهقينَ جوادَهُ | حِفاظاً، إذا لمْ يَحْمِ أُنْثى حَليلُها |
ثَنى مُهْرَهُ، والخيْلُ رَهُوٌ كأنّها | قِداحٌ على كفّيْ مُفيضٍ يُجيلُها |
يُهينُ وراء الحيّ نَفْساً كريمة ً | لكبة موتٍ ليسَ يودى قتلها |
ويعلمُ أنَّ المرءَ ليسَ بخالدٍ | وأنَّ مَنايا النّاسِ يَسْعى دليلُها |
فإن عاش همامٌ لنا، فهوَ رحمة ٌ | مِنَ اللَّهِ، لمْ تُنْفَسْ عَلَينا فُضولها |
وإنْ مات، لمْ تَسْتَبدل الأرْضُ مثلَهُ | لأخذ نصيبٍن أو لأمرٍ يعولها |
وما بتُّ إلاّ واثِقاً إنْ مَدَحْتُهُ | بدَوْلَة ِ خيرٍ مِنْ نَداهُ يُديلُها |