خَفَّ القطينُ، فراحوا منكَ، أوْ بَكَروا
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
خَفَّ القطينُ، فراحوا منكَ، أوْ بَكَروا | وأزعجتهم نوى في صرفْها غيرُ |
كأنّني شارِبٌ، يوْمَ اسْتُبِدَّ بهمْ | من قرقفٍ ضمنتها حمصُ أو جدرُ |
جادَتْ بها مِنْ ذواتِ القارِ مُتْرَعة ٌ | كلْفاءُ، يَنْحتُّ عنْ خُرْطومِها المَدرُ |
لَذٌّ أصابَتْ حُميّاها مقاتِلَهُ | فلم تكدْ تنجلي عنْ قلبهِ الخُمرُ |
كأنّني ذاكَ، أوْ ذو لَوْعة ٍ خَبَلَتْ | أوْصالَهُ، أوْ أصابَتْ قَلْبَهُ النُّشَرُ |
شَوْقاً إليهِمْ، وَوجداً يوْمَ أُتْبِعُهُمْ | طرْفي، ومنهم بجنبيْ كوكبٍ زُمرُ |
حثّوا المطيّ، فولتنا مناكبِها | وفي الخدورِ إذا باغمتَها الصوَرُ |
يبرقنَ بالقومِ حتى يختبِلنهُمْ | ورأيهُنَّ ضعيفٌ، حينَ يختبرُ |
يا قاتلَ اللهُ وصلَ الغانياتِ، إذا | أيقنَّ أنكَ ممنْ قدْ زها الكبرُ |
أعرضنَ، لما حنى قوسي مُوترها | وابْيَضَّ، بعدَ سَوادِ اللِّمّة ِ، الشّعَرُ |
ما يَرْعوينَ إلى داعٍ لحاجتِهِ | ولا لهُنَّ، إلى ذي شَيْبَة ٍ، وَطَرُ |
شرقنَ إذْ عصرَ العِيدانُ بارحُها | وأيْبسَتْ، غَيرَ مجْرَى السِّنّة ِ، الخُضَرُ |
فالعينُ عانية ٌ بالماء تسفحهُ | مِنْ نِيّة ٍ، في تلاقي أهْلِها، ضَرَرُ |
منقضبينَ انقضابَ الحبلِن يتبعهُم | مِنَ الشّقيقِ، وعينُ المَقْسَمِ الوَطَرُ |
ولا الضِّبابَ إذا اخْضَرَّتْ عُيونُهُمُ | أرْضاً تَحُلُّ بها شَيْبانُ أوْ غُبَرُ |
حتى إذا هُنَّ ورَّكْنَ القَضيمَ، وقَدْ | أشرقنَ، أو قلنَ هذا الخندقُ الحفرُ |
إلى امرئٍ لا تعدّينا نوافلهُ | أظفرهُ اللهُ، فليهنا لهُ الظفرُ |
ألخائضِ الغَمْرَ، والمَيْمونِ طائِرُهُ | خَليفَة ِ اللَّهِ يُسْتَسْقى بهِ المطَرُ |
والهمُّ بعدَ نجي النفسِ يبعثه | بالحزْمِ، والأصمعانِ القَلْبُ والحذرُ |
والمستمرُّ بهِ أمرُ الجميعِ، فما | يغترهُ بعدَ توكيدٍ لهُ، غررُ |
وما الفراتُ إذا جاشتْ حوالبهُ | في حافتيهِ وفي أوساطهِ العشرُ |
وذَعْذعَتْهُ رياحُ الصَّيْفِ، واضطرَبتْ | فوقَ الجآجئ من آذيهِ غدرُ |
مسحنفرٌ من جبال الروم يسترهُ | مِنْها أكافيفُ فيها، دونَهُ، زَوَرُ |
يوماً، بأجْودَ مِنْهُ، حينَ تَسْألُهُ | ولا بأجهرَ منهُ، حين يجتهرُ |
ولمْ يزَلْ بكَ واشيهِمْ ومَكْرُهُمُ | حتى أشاطوا بغَيْبٍ لحمَ مَنْ يَسَرُوا |
فلَمْ يَكُنْ طاوِياً عنّا نصِيحَتَهُ | وفي يدَيْه بدُنْيا دونَنا حَصَرُ |
فهو فداءُ أميرِ المؤمنينَ، إذا | أبدى النواجذَ يومٌ باسلٌ ذكرُ |
مفترشٌ كافتراشِ الليث كلكلهُ | لوقعة ٍ كائنٍ فيها لهُ جزرُ |
مُقَدِّماً مائتيْ ألْفٍ لمنزِلِهِ | ما إن رأى مثلهمْ جنّ ولا بشرُ |
يَغْشَى القَناطِرَ يَبْنيها ويَهْدِمُها | مُسَوَّمٌ، فَوْقَه الرَّاياتُ والقَتَرُ |
قَوْمٌ أنابَتْ إليهِمْ كلُّ مُخْزِية ٍ | وبالثوية ِ لم ينبضْ بها وترُ |
وتَسْتَبينُ لأقوامٍ ضَلالَتُهُمْ | ويستقيمُ الذي في خدهِ صعرُ |
ثم استقلَّ باثقال العراقِ، وقدْ | كانتْ لهُ نقمة ٌ فيهم ومدخرُ |
في نَبْعَة ٍ مِنْ قُرَيشٍ، يَعْصِبون بها | ما إنْ يوازَى بأعْلى نَبْتِها الشّجَرُ |
تعلو الهضابِ، وحلّوا في أرومتها | أهْلُ الرّياء وأهْلُ الفخْرِ، إنْ فَخَروا |
حُشْدٌ على الحَقّ، عيّافو الخنى أُنُفٌ | إذا ألمّتْ بهِمْ مَكْروهَة ٌ، صبروا |
وإن تدجتْ على الآفاقِ مظلمة ٌ | كانَ لهُمْ مَخْرَجٌ مِنْها ومُعْتَصَرُ |
أعطاهُمُ الله جداً ينصرونَ بهِ | لا جَدَّ إلاَّ صَغيرٌ، بَعْدُ، مُحْتقَرُ |
لمْ يأشَروا فيهِ، إذْ كانوا مَوالِيَهُ | ولوْ يكونُ لقومٍ غيرهمْ، أشروا |
شمسُ العداوة ِ، حتى يستقادَ لهم | وأعظمُ الناس أحلاماًن إذا قدروا |
لا يستقلُّ ذوو الأضغانِ حربهمُ | ولا يبينُ في عيدانهمْ خورُ |
هُمُ الذينَ يُبارونَ الرّياحَ، إذا | قَلَّ الطّعامُ على العافينَ أوْ قَتَروا |
بني أميّة َ، نُعْماكُمْ مُجَلِّلَة ٌ | تَمّتْ فلا مِنّة ٌ فيها ولا كَدَرُ |
بني أُميّة َ، قدْ ناضَلْتُ دونَكُمُ | أبناءَ قومٍ، همُ آووا وهُمْ نصروا |
أفحمتُ عنكُم بني النجار قد علمت | عُلْيا مَعَدّ، وكانوا طالما هَدَرُوا |
حتى استكانوا: وهُم مني على مضضٍ | والقولُ ينفذُ ما لا تنفذُ الإبرُ |
بَني أُميّة َ، إنّي ناصِحٌ لَكُمُ | فَلا يَبيتَنَّ فيكُمْ آمِناً زُفَرُ |
وأَتْخِذوهُ عَدُوّاً، إنَّ شاهِدَهُ | وما تغيبَ من أخلاقهِ دَعرُ |
إن الضغينة َ تلقاها، وإن قدُمتْ | كالعَرّ، يَكْمُنُ حِيناً، ثمّ يَنْتشِرُ |
وقَدْ نُصِرْتَ أميرَ المؤمنين بِنا | لمّا أتاكَ ببَطْنِ الغُوطَة ِ الخَبَرُ |
يعرفونكَ رأس ابن الحُبابِ، وقدْ | أضحى ، وللسيفِ في خيشومهِ أثرُ |
لا يَسْمَعُ الصَّوْتَ مُسْتَكّاً مسامِعُهُ | وليسَ ينطقُ، حتى ينطقَ الحجرُ |
أمْسَتْ إلى جانبِ الحَشاكِ جيفَتُهُ | ورأسهُ دونهُ اليحمومُ والصُّوَرُ |
يسألُهُ الصُّبْرُ مِن غسّان، إذ حضروا | والحزنُ كيف قراكَ الغلمة ُ الجشرُ |
والحارثَ بن أبي عوفٍ لعبنَ بهِ | حتى تعاورَهُ العقبانُ والسبرُ |
وقيس عيلان، حتى أقبلوا رقصاً | فبايعوكَ جهاراً بعدما كفروا |
فلا هدى اللَّهُ قَيساً مِن ضَلالتِهِمْ | ولا لعاً لبني ذكوانَ إذا عثروا |
ضجّوا من الحرب إذا عضَّت غوارَبهمْ | وقيسُ عيلان من أخلاقها الضجرُ |
كانوا ذَوي إمة ٍ حتى إذا علقتْ | بهمْ حبائلُ للشيطانِ وابتهروا |
صُكّوا على شارِفٍ، صَعْبٍ مَراكبُها | حَصَّاءَ لَيْسَ لها هُلْبٌ ولا وبَرُ |
ولمْ يَزَلْ بِسُلَيْمٍ أمْرُ جاهِلِها | حتى تعايا بها الإيرادُ والصدرُ |
إذْ يَنظُرون، وهُمْ يجْنون حَنْظَلَهُمْ | إلى الزوابي فقلنا بعدَ ما نظروا |
كروا إلى حرتيهم يعمُرونَهُما | كما تكرُّ إلى أوطانها البقر |
وأصْبحَتْ مِنهُمُ سِنْجارُ خالِيَة ً | والمحلبياتُ فالخابورُ فالسرَرُ |
وما يُلاقونَ فَرَّاصاً إلى نَسَبٍ | حتى يُلاقيَ جَدْيَ الفَرْقَدِ القَمَرُ |
وما سعى فيهم ساعٍ ليدرِكنا | إلا تقاصرَ عنا وهوَ منبهرُ |
وقد أصابتْ كلاباً، من عداوتنا | إحدى الدَّواهي التي تُخْشى وتُنْتَظَرُ |
وقد تفاقمَ أمرٌ غير ملتئمٍ | ما بَيْنَنا رَحِمٌ فيهِ ولا عِذَرُ |
أما كليبُ بن يربوعِ فليسَ لهمْ | عِنْدَ التّفارُطِ إيرادٌ ولا صدَرُ |
مخلفونَ، ويقضي الناسُ أمرهمُ | وهُمْ بغَيْبٍ وفي عَمْياءَ ما شَعروا |
مُلَطَّمونَ بأعْقارِ الحِياضِ، فما | ينفكّ من دارمي فيهم أثرُ |
بئس الصحاة ُ وبئس الشربُ شربهُمُ | إذا جرى فيهمِ المزاءُ والسكرُ |
قوم تناهت اليهم كل فاحشة | وكل مخزية سبت بها مضر |
على العِياراتِ هَدّاجونَ، قدْ بلَغَتْ | نَجْرانَ أوْ حُدّثتْ سوءاتِهم هَجَرُ |
الآكلون خبيثَ الزادِ، وحدهُمُ | والسائلون بظهرِ الغيبِ ما الخبرُ |
واذكرْ غدانة ً عداناً مزنمة ً | مِن الحَبَلَّقِ تُبْنى حوْلها الصِّيَرُ |
تُمْذي، إذا سَخَنَتْ في قُبلِ أذْرُعِها | وتزرئِمُّ إذا ما بلها المطرُ |
وما غُدانَة ُ في شيء مكانَهُمُ | الحابسو الشاءَ، حتى يفضلَ السؤرُ |
يتصلونَ بيربوعِ ورفدهمُ | عِنْدَ التّرافُدِ، مغْمورٌ ومُحْتَقَرُ |
صُفْرُ اللِّحى مِن وَقودِ الأدخِنات، إذا | ردّ الرفادَ وكفَّ الحالبِ القررُ |
وأقسمَ المجدُ حقاً لا يحالفهمْ | حتى يحالفَ بطنَ الراحة ِ الشعرُ |