الحقُّ أبلجُ والسيوفٌ عوارِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
الحقُّ أبلجُ والسيوفٌ عوارِ | فَحَذَارِ مِنْ أَسَدِ العَرِينِ حذَارِ |
ملكٌ غدا جارَ الخلافة َ منكمُ | واللهُ قد أوصى بحفظِ الجارِ |
يارُبَّ فِتْنَة ِ أُمَّة ٍ قَدْ بَزَّها | جبارها في طاعة ِ الجبارِ |
جالتْ بخيذرِ جولة ِ المقدارِ | فأَحَلَّهُ الطُّغْيَانُ دَارَ بَوَارِ |
كمْ نعمة ٍ للهِ كانتْ عندهُ | فكأنها في غربة ٍ وإسارِ |
كسيتْ سبائبِ لومهِ فتضاءلتْ | كتضاؤلِ الحسناءِ في الأطمارِ |
موتورة ٌ طلبَ الإلهُ بثأرها | وكفى بربِّ الثأرِ مدركَ ثارِِ |
صَادَى أَمِير المُؤْمِنينَ بَزِبْرجٍ | في طَيهِ حُمَة ُ الشُّجاعِ الضَّارِي |
مَكْراً بَنَى رُكْنَيْهِ، إلاَّ أَنَّهُ | وطدَ الأساسَ على شفيرٍ هارِ |
حتَّى إذا ما اللَّهُ شَقَّ ضَمِيرَهُ | عَنْ مُسْتَكِن الكُفْرِ والإصْرَارِ |
ونحا لهذا الدينِ شفرتهُ انثنى | والحَقُّ مِنْهُ قانئُ الأظفَارِ |
هَذَا النَّبيُّ وكانَ صَفْوَة َ رَبهِ | منْ بينٍ بادٍ في الأنامِ وقارِ |
قدْ خصَ منْ أهلِِ النفاقِ عصابة ً | وهمْ أشدُ أذى ً منَ الكفار |
واختارَ منْ سعدٍ لعينِ بني أبي | سَرْحٍ لِوَحْي الله غَيْرَ خِيَارِ |
حتى َّ استضاءَ بشعلة ٍ السورِ التي | رفعتْ لهُ سجفاً عنِ الأسرارِ |
والهاشميونَ استقلتْ عيرهمُ | مِنْ كَرْبَلاَءَ بأَثْقَلِ الأَوْتارِ |
فشفاهمُ المختارُ منهُ ولم يكنْ | في دينهِ المختارُ بالمختارِ |
حتَّى إذا انكشفَتْ سَرائِرُه اغتَدَوْا | منهُ براءَ السمعِ والأبصارِ |
ما كانَ لولا فحشُ غدرٌ خيذرَ | ليكونَ في الإسلام عامُ فجارِ |
ما زالَ سرُّ الكفرِ بينَ ضلوعهِ | حتَّى اصطلَى سِرَّ الزنادِ الوَاري |
ناراً يُساوِرُ جِسْمَهُ مِنْ حَرها | لهبٌ كما عصفرتَ شقَّ إزارِ |
طارتْ لها شعلٌ يهدمُ لفحها | أرْكَانَهُ هَدْماً بغيْرِ غُبَارِ |
مشبوبة ً رفعتْ لأعظمِ مشركِ | ما كانَ يَرفَعُ ضَوْءَها للسَّارِي |
صلى لها حياً وكانَ وقودها | مَيْتاً ويَدخُلُها معَ الفُجَّارِ |
فصلنَ منهُ كلِّ مجمعِ مفصلٍ | وفعلَ فاقرة ً بكلِّ فقارِ |
وكذَاكَ أَهْلُ النَّارِ في الدُّنيا هُمُ | يومَ القيامة ِ جلُّ أهل النارِ |
يا مشهداً صدرتْ بفرحتهِ إلى | أَمْصَارِها القُصْوَى بَنُو الأمْصَارِ |
رمقوا أعالي جذعهِ فكأنما | وجَدُوا الهلالَ عَشِيَّة َ الإفْطَارَ |
واستنشأوا منهُ قتاراً نشرهُ | مِنْ عَنْبَرٍ ذَفِرٍ ومِسْكٍ دَارِي |
وتحدثوا عنْ هلكهِ كحديثِ منْ | بالْبَدْوِ عن مُتتَابِعِ الأمطارِ |
وتَبَاشَرُوا كتَباشُرِ الحَرَمْين في | قُحَمِ السنينِ بأَرْخَصٍ الأسْعَارِ |
كانَتْ شَماتَة ُ شامتٍ عاراً فَقَدْ | صارتْ بهِ تنضو ثيابِ العارِ |
قدْ كانَ بوأهُ الخليفة ُ جانباً | مِنْ قَلْبِهِ حَرَماً على الأَقْدَارِ |
فَسَقَاهُ ماءَ الْخَفْضِ غَيْرَ مُصَرَّدِ | وأنامهُ في الأمْنِ غَيْرَ غِرَارِ |
ورَأَى بهِ مالم يكُنْ يَوْماً رَأَى | عَمْرُو بنُ شَأْسٍ قَبْلَهُ بِعِرَارِ |
فإذا ابنُ كافرة ٍ يسرُّ بكفرهِ | وجداً كوجدِ فرزدقٍ بنوارِ |
وإذا تذكرهُ بكاهُ كما بكى | كعبٌ زمانُ رثى أبا المغوارِ |
دلتْ زخارفهُ الخليفة َ أنهُ | ما كلُّ عودٍ ناضرِ بنضارِ |
يا قابضاً يدَ آلِ عادلاً | أتبعْ يميناً منهمُ بيسارِ |
أَلْحِقْ جَبيناً دَامِياً رَمَّلْتَهُ | بِقَفاً، وصَدْراً خائِناً بِصدارِ |
واعلمْ بأنكَ إنما تلقيهمُ | في بعضِ ما حفروا منَ الآبارِ |
لوْ لم يكدْ للسامري قبيلهُ | ما خَارَ عِجْلُهُمُ بِغَيْرِ خُوَارِ |
وثَمُودُ لَوْ لَمْ يُدْهِنُوا في رَبَّهم | لم تَدْمَ ناقَتُه بِسَيْفِ قُدَارِ |
ولقد شفى الأحشاءَ منْ برحائها | أَنْ صَارَ بَابَكُ جارَ مازَيَّارِ |
ثانيهِ في كبدِ السماءِ ولم يكنْ | لاثنْينِ ثانٍ إذْ هُما في الغَارِ |
وكأنما انتبذا لكيما يطويا | عنْ ناطسٍ خبراً منَ الأخبارِ |
سودُ الثيابِ كأنما نسجتْ لهمْ | أَيْدِي السَّمُومِ مَدَارِعاً مِنْ قَارِ |
بَكرُوا وأسْروْا في مُتُونِ ضَوَامِرٍ | قِيدَت لَهُمْ مِنْ مَرْبِطِ النَّجارِ |
لا يبرحونَ ومن رآهم خالهمْ | أَبَداً على سَفَرٍ مِنَ الأسفارِ |
كادُوا النُّبُوَّة َ والهُدَى ، فتَقطَّعَتْ | أعناقهمْ في ذلكَ المضمارِ |
جَهِلُوا، فلم يَسْتَكثِرُوا مِنْ طاعة ٍ | معروفة ٌ بعمارة ِ الأعمارِ |
فاشددْ بهارونَ الخلافة َ إنهُ | سكنٌ لوحشتها ودارُ قرارِ |
بفتى بني العباسِ والقمرِ الذي | حَفَّتْهُ أنْجُمُ يَعْرُبٍ ونِزَارِ |
كَرَمُ العُمُومَة ِ والخؤولَة ِ مَجَّهُ | سَلَفا قُرَيْشٍ فيهِ والأنْصَارِ |
هُوَ نَوْءُ يُمْنٍ فيهمُ وسَعَادة ٍ | وسراجُ ليلٍ فيهمُ ونهارِ |
فاقْمَعْ شَياطينَ النفاقِ بِمُهْتَدٍ | تَرْضَى البَرِيَّة ُ هَدْيَهُ والبَاري |
ليسيرَ في الآفاقِ سيرة َ رأفة ٍ | ويَسُوسَها بِسَكينة ٍ ووَقارٍ |
فالصينُ منظومٌ بأندلسٍ إلى | حِيطانِ رُومية ٍ فَمُلْكِ ذَمَارِ |
ولقَدْ عَلِمْتُ بأنَّ ذلك مِعْصَمٌ | ما كنْتَ تَتْرُكُهُ بغَيْرِ سِوَارِ |
فالأرض دارٌ أقْفَرت مالم يَكُنْ | مِنْ هَاشِمٍ رَبٌّ لتِلكَ الدَّارِ |
سورُ القرانِ الغرُّ فيكمْ أنزلتْ | ولكمْ تصاغُ محاسنُ الأشعارِ |