أرى البُعدَ لم يُخْطِرْ سواكم على بالي،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أرى البُعدَ لم يُخْطِرْ سواكم على بالي، | وإنْ قَرّبَ الأخطارَ من جَسِدي البالي |
فيا حَبّذا الأسقامُ، في جَنْبِ طاعَتي | أوامِرَ أشواقي، وعِصْيانِ عُذّالي |
ويا ما أَلَذّ الذّلّ في عِزّ وَصْلِكُمْ، | وإن عَزّ، ما أحلى تَقَطُّعَ أوصالي |
نأيتمْ فحالي بعدكمُ ظلَّ عاطلاً | وما هوَ مِمّا ساء، بل سَرّكُم حالي |
بَليتُ بِهِ لَمّا بُليتُ صَبابَة ً | أبلَّتْ فلي منها صبابة ُ إبلالِ |
نصبتُ على عيني بتغميضِ جفنها | لزَورَة ِ زُورِ الطّيفِ، حِيلة َ مُحتالِ |
فما أسعَفَتْ بالغُمضِ، لكِن تعَسّفتْ | عليَّ بدمعٍ دائمِ الصَّوبِ هطَّالِ |
فيا مهجتي ذوبي على فقدِ بهجتي | لِتَرْحالِ آمالي، ومَقْدَمِ أوْجالي |
وضِنّي بدَمْعٍ، قد غَنيتُ بِفَيضِ ما | جرى منْ دمي إذْ طلَّ ما بينَ أطلالِ |
ومَن لي بأن يَرْضَى الحَبيبُ، وإن علا الـ | ـنّحيبُ، فإبْلالي بَلائي وبَلْبالي |
فما كَلَفي في حُبّهِ كُلفَة ً لَهُ، | وإنْ جَلّ ما ألْقَى من القيلِ والقالِ |
بقيتُ بهِ لمَّا فنيتُ بحبِّــهِ | بِثَرْوَة ِ إيثاري، وكَثْرَة ِ إقْلالي |
رعى اللهُ مغنى ً لمْ أزلْ في ربوعهِ | معنًّي وقلْ إنْ شئتَ يا ناعمَ البالِ |
وحَيّا مُحَيّا عاذِلِ ليَ لم يَزَلْ | يُكَرِّرُ مِن ذِكْرَى أحاديثِ ذي الخالِ |
رَوَى سُنّة ً عندي، فأرْوى من الصّدى ، | وأهدى الهُدى ، فاعجبْ وقد رام إضلالي |
فأحببتُ لومَ اللؤمِ فيهِ لوْ أنَّني | منحتُ المنى كانتْ علامة َ عذَّالي |
جهلتُ بأنْ قلتُ اقترحْ يامعذِّبي | عليّ، فأجْلى لي، وقال:اسْلُ سلْسالي |
وهَيهاتِ أن أسلو، وفي كُلّ شَعْرَة ٍ، | لحتفي غرامُ مقبلُ أيَّ إقبالِ |
وقالَ ليَ الَّلاحي مرارة ُ قصدهِ | تحَلّى بها:دَعْ حُبّهُ.قُلتُ:أحلى لي |
بذلتُ لهُ روحي لراحة ِ قربهِ | وغيرُ عَجيبِ بَذْليَ الغالِ في الغالي |
فجادَ، ولكن بالبُعادِ، لِشِقْوَتي، | فيا خيبة َ المسعى وضيعة َ آمالي |
وحانَ لهُ حيـي على حينِ غرَّة ٍ | ولمْ أدرِ أن الآلَ يذهبُ بالآلِ |
تحكَّمَ في جسمي النُّحولُ فلوْ أتى | لقبضي رسولٌ ضلَّ في موضعٍ خالِ |
فلوْ هُمّ باقي السّقمِ بي لاستَعانَ، في | تلافي بما حالتْ لهُ منْ ضنى حالي |
ولم يَبْقَ مِنّي ما يُناجي تَوَهّمي، | سِوى عِزّ ذلّ في مهانَة ِ إجْلالِ |