ما بينَ مُعْتَرَكِ الأحداقِ والمُهَجِ،
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ما بينَ مُعْتَرَكِ الأحداقِ والمُهَجِ، | أنا القَتيلُ بلا إثْمٍ ولا حَرَجِ |
ودَّعْتُ، قبلَ الهَوى ، رُوحي، لما نَظَرَتْ | عيناي منْ حسنِ ذاكَ المنظرِ البهجِ |
لِلّهِ أجفانُ عينٍ، فيكَ، ساهِرَة ٍ، | شَوْقاً إليكَ، وقَلْبٌ، بالغَرامِ، شَجِ |
وأضْلُعٌ نَحِلَتْ كادتْ تُقَوِّمُها، | مِنَ الجَوى ، كبِدي الحرّى ، مِنَ العَوَجِ |
وأدمعٌ هملتْ لولا التَّنفسُ منْ | نارِ الهَوى ، لمْ أكَدِ أنجو منَ اللُّجَجِ |
وحبَّذا فيكَ أسقامُ خَفيتُ بها | عنّي تَقومُ بها، عِنْدَ الهَوى حُجَجي |
أصبحتُ فيكَ كما أمسيتُ مكتئباً | ولَمْ أقُلْ جَزَعاً:يا أزْمَة ُ انْفَرِجي |
أهفو إلى كلِّ قلبٍ بالغرامِ لهُ | شغلٌ وكلِّ لسانٍ بالهوى لهجِ |
وكُلِّ سَمْعٍ عنِ اللاحي، بهِ صَمَمٌ؛ | وكلِّ جفنٍ إلى الإغفاءِ لمْ يعجِ |
لا كانَ وجدٌ بهِ الآماقُ جامدة ٌ | ولا غَرامٌ بهِ الأشْواقُ لمْ تَهِجِ |
عذِّبْ بما شئتَ غيرَ البعدِ عنكَ تجدْ | أوفى مُحِبٍ، بما يُرْضيكَ مُبْتَهِجِ |
وخذْ بقيَّة َ ما أبقيتَ منْ رمقٍ | لا خيرَ في الحبِّ إنْ أبقى على المهجِ |
منْ لي باتلافِ روحي في هوى رشأ | حلوِ الشَّمائلِ بالأرواحِ ممتزجِ |
منْ ماتَ فيهِ غراماً عاشَ مرتقياً | ما بينَ أهلِ الهوى في أرفعِ الدَّرجِ |
محجَّبٌ لوْ سرى في مثلِ طرَّتهِ | أغنتهُ غرَّتهُ الغرَّا عنِ السُّرجِ |
وإنْ ضَلِلْتُ بليلٍ، من ذوائِبِهِ، | أهدى ، لِعيني الهدى ، صُبْحٌ منَ البَلَجِ |
وإنْ تنفَّسَ قالَ المسكُ معترفاً | لعار في طيبهِ منْ نشرهِ أرجى |
أعوامُ إقبالهِ كاليومِ في قصرٍ | ويومُ إعراضهِ في الطّولِ كالحججِ |
فإنْ نأى سائراً يا مهجتي ارتحلي | وإنْ دنا زائراً يا مقلتي ابتهجي |
قُلْ للذي لامني فيهِ، وعنّفَني: | دعني وشأني وعدْ عنْ نصحكَ السَّمجِ |
فاللّوْمُ لُؤمٌ، ولم يُمدَحْ بهِ أحدٌ؛ | وهل رأيتَ مُحِبّاً بالغرَامِ هُجي |
يا ساكِنَ القَلبِ لاتَنظُرْ إلى سكَني | وارْبَحْ فؤادَكَ ؛واحذَرْ فتنة َ الدّعجِ |
يا صاحبي، وأنا البَرّ الرّؤوفُ، وقد | بذلتُ نصحي بذاكَ الحيِّ لا تعجِ |
فيهِ خلعتُ عذاري واطَّرحتُ بهِ | قَبولَ نُسكيَ، والمَقبولَ من حِججي |
وابيضّ وَجهُ غَرامي في مَحَبّتِهِ، | واسودَّ وجهُ ملامي فيهِ بالحججِ |
تَبارَكَ اللّهُ!ما أحلَى شَمَائِلَهُ، | فكمْ أماتتْ وأحيتْ فيهِ منْ مهجِ |
يهوى لذكرِ اسمهِ منْ لجَّ في عذلي | سمعي وإنْ كانَ عذلي فيهِ لمْ يلجِ |
وأرْحَمُ البرقَ في مَسراهُ، مُنتَسِباً | لِثَغْرِهِ، وهَوَ مُستحْيٍ من الفَلَجِ |
تراهُ إنْ غابَ عنِّي كلُّ جارحة ٍ | في كلّ مَعنى ً لطيفٍ، رائقٍ، بهِجِ |
في نغمة ِ العودِ والنَّايِ الرَّخيمِ إذا | تألَّقا بينَ ألحانٍ منَ الهزجِ |
وفي مَسارِحِ غِزلانِ الخَمائِلِ، في | بردِ الأصائلِ والإصباحِ في البلجِ |
وفي مَساقِطِ أنداءِ الغَمامِ، على | بِساطِ نَوْرٍ، من الأزهارِ مُنْتَسِجِ |
وفي مَساحِبِ أذيالِ النّسيمِ، إذا | أهْدى إليّ، سُحيراً، أطيبَ الأرَجِ |
وفي الْتِثاميَ ثَغْرَ الكاسِ، مُرْتَشِفاً | رِيقَ المُدامَة ِ، في مُستَنْزَهٍ فَرِجِ |
لم أدرِ ما غُربَة ُ الأوطانِ، وهو معي، | وخاطِري، أينَ كَنّا، غَيرُ مُنْزَعِجِ |
فالدَّارُ داري وحبِّيَ حاضرٌ ومتى | بدا فمنعرجُ الجرعاءِ منعرجي |
ليهنَ ركبٌ سروا ليلاً وأنتَ بهمْ | بسيرهمْ في صباحٍ منكَ منبلجِ |
فليَصنعِ الرّكبُ ما شاؤوا بأنْفُسِهم؛ | هُمْ أهلُ بدرٍ، فلا يَخشونَ من حَرجِ |
يَحقّ عِصياني اللاحي عليكَ، وما | بأضْلُعي، طاعة ً للوَجْدِ، مِن وَهَجِ |
أنظرْ إلى كبدٍ ذابتْ عليكَ جوى ً | ومقلة ٍ منْ نجيع الدَّمعِ في لججِ |
وارحمْ تعثرَ آمالي ومرتجعي | إلى خِداعِ تَمنّي الوَعْدِ بالفَرَجِ |
واعطِفْ على ذُلّ أطماعي بهَلْ وعسَى ، | وامننْ عليَّ بشرحِ الصَّدرِ منْ حرجِ |
أهلاً بما لمْ أكنْ أهلاً لموقعهِ | قولِ المبشِّرِ بعدَ اليأًسِ بالفرجِ |
لكَ البشارة ُ فاخلعْ ما عليكَ فقدْ | ذكرتَ ثمَّ على ما فيكَ منْ عوجِ |