إلى متى أنتَ باللذاتِ مشغولُ
مدة
قراءة القصيدة :
14 دقائق
.
إلى متى أنتَ باللذاتِ مشغولُ | وَأنتَ عنْ كلِّ ما قَدَّمْتَ مَسْؤُولُ |
في كلِّ يومٍ تُرجى أن تتوبَ غداً | وَعَقْدُ عَزْمِكَ بالتَّسْوِيفِ مَحْلُولُ |
أما يُرى لكَ فيما سَرَّ من عملٍ | يوماً نشاطٌ وعَّما ساء تكسيلُ |
فَجَرِّدِ العَزْمَ إنَّ الموتَ صارِمُهُ | مُجَرَّدٌ بِيَدِ الآمالِ مَسْلُولُ |
واقطع حبالَ الأمانيِّ التي اتَّصَلتْ | فإنما حَبْلُها بالزُّورِ مَوْصولُ |
أنفقتَ عُمركَ في مالٍ تُحَصِّلُهُ | وَمَا عَلَى غيرِ إثْمٍ منكَ تحصيلُ |
ورُحْتَ تعمرُ داراً لابقاءَ لها | وأنْتَ عنها وإن عُمِّرْتَ مَنْقُولُ |
جاءَ النَّذِيرُ فَشَمِّرْ لِلْمَسِيرِ بلا | مهلٍ فليس مع الإنذارِ تمهيلُ |
وصُنْ مَشِيبَكَ عنْ فِعْلٍ تُشانُ به | فكلُّ ذي صبوة ٍ بالشيبِ معذولُ |
لاتنكنهُ وفي القودينِ قد طلعتْ | منهُ الثُّريَّا وفوق الرَّأسِ إكليلُ |
فإنَّ أَرْواحَنا مِثْلَ النُّجُومِ لها | مِنَ المَنِيَّة ِ تَسْيِيرٌ وَتَرْحِيلُ |
وإنَّ طالِعَها مِنَّا وَغَارِبَها | جِيلٌ يَمُرُّ وَيَأْتي بَعْدَهُ جِيلُ |
حتى إذا بعثَ الله العبادَ إلى | يَوْمِ بِهِ الحكمُ بينَ الخلْقِ مَفْصولٌ |
تبينَ الربحُ والخسرانُ في أممٍ | تَخالفَتْ بيننا منها الأقاوِيلُ |
فأخسرُ الناسِ من كانتْ عقيدتهُ | فِي طَيِّها لِنُشُورِ الخَلْقِ تَعْطِيلُ |
وأمة ٌ تعبدُ الأوثانَ قد نصبتْ | لها التصاويرُ يوماً والتماثيلُ |
وأمة ٌ ذهبتْ للعجلِ عابدة َ | فنالها مِنْ عَذابِ الله تَعْجِيل |
وأمة ٌ زعمتْ أنَّ المسيحَ لها | ربٌ غدا وهو مصلوبٌ ومقتولُ |
فثلثتْ واحداً فرداً نوَحِّدُهُ | وَلِلْبَصَائِرِ كالأَبصارِ تَخْيِيلُ |
تبارَكَ الله عَمَّا قالَ جاحِدُه | وجاحِدُ الحَقِّ عِنْدَ النَّصْرِ مَخْذُول |
والفوزُ في أمة ٍ ضوءُ الوضوءِ لها | قد زانها غُررٌ منه وتحجيلُ |
تظلُّ تتلو كتاب اللهِ ليسَ بهِ | كسائِرِ الكُتْبِ تَحْرِيفٌ وتَبْدِيلُ |
فالكتبُ والرُّسلُ من عند الإلهِ أتتْ | ومنهمُ فاضِلٌ حَقَّا ومفضولُ |
والمصطفَى خيرُ خَلْقِ الله كلِّهِمِ | لهُ على الرسلِ ترجيحٌ وتفضيلُ |
مُحَمَّدٌ حُجَّة ُ الله التي ظَهَرَتْ | بِسُنَّة ِ مالها في الخلقِ تحويلُ |
نَجْلُ الأكارمِ والقومِ الذين لهم | عَلَى جَمِيعِ الأَنَامِ الطَّوْلُ والطُّولُ |
مَنْ كَمَّلَ الله معناهُ وصورتهُ | فلَمْ يَفُتْهُ عَلَى الحَالَيْنِ تَكْمِيلُ |
وخَصَّهُ بوقارٍ قرَّ منه لهُ | في أنفسِ الخلقِ تعظيمٌ وتبجيلُ |
بادِي السكينة ِ في سُخْطٍ لهُ وَرِضاً | فلم يزلْ وهو مرهوبٌ ومأمولُ |
يُقابِلُ البِشْرَ منه بالنَّدَى خُلُقٌ | زاكٍ على العدلِ والإحسانِ مجبولُ |
مِنْ آدمٍ ولحينِ الوضعِ جوهرهُ الـ | مكنونُ في أنفس الأصدافِ محمولُ |
فلِلنُّبُوَّة ِ إتْمامٌ ومُبْتَدَأٌ | به وَللفَخْرِ تَعْجِيلٌ وَتأْجِيلُ |
أتتْ إلى الناسِ من آياتهِ جُمَلٌ | أَعْيَتْ عَلَى الناسِ مِنْهُنَّ التَّفاصيلُ |
أَنْبَا سَطِيحٌ وَشِقٌّ وَابْنُ ذِي يَزَنٍ | عنه وقُسٌّ وَأحبارٌ مَقاوِيل |
وعنه أَنْبَأَ موسى وَالمسيحُ وقد | |
بأنه خاتمُ الرُّسلِ المباحِ له | مِنَ الغَنائِم تقسيمٌ وتَنْفِيلُ |
وليسَ أَعْدَلَ منه الشاهِدُونَ لهُ | ولا بأعلمَ منهُ إنْ هُمُ سيلوا |
وإنْ سألتهُمْ عنه فلا حرجٌ | إِنَّ المَحَكَّ عَنِ الدِّينارِ مَسْؤُولُ |
كم آية ٍ ظَهَرَتْ في حينِ مَوْلِدِهِ | بهِ البشائرُ منها والتَّهاويل |
علومُ غيبٍ فلا الأرصادُ حاكمة ٌ | وَلا التقاويمُ فيها وَالتَّحاويل |
إذِ الهَواتِفُ والأنوارُ شاهِدُها | لَدَى المَسامِع وَالأبصارِ مَقْبُول |
ونار فارسَ أضحتْ وهي خامدة ٌ | وَنَهْرُهُمْ جامِدٌ والصَّرْحُ مَثْلول |
ومُذْ هدانا إلى الإسلامِ مَبْعَثُه | دهى الشياطينَ والأصنامَ تجديلُ |
وانظر سماءً غدتْ مملوءة ً مرساً | كأنها البيتُ لما جاءهُ الفيلُ |
فردَّتِ الجنَّ عنْ سمع ملائكة ٌ | إذْ رَدَّتِ البَشَرَ الطَّيْرُ الأَبابِيل |
كلٌّ غَدا وله مِنْ جِنْسِهِ رَصَدٌ | لِلجنَّ شُهْبٌ وللإنسانِ سجِّيل |
لَوْلا نبيُّ الهدَى ما كانَ في فَلَكٍ | على الشياطينِ للأَمْلاكِ تَوْكِيل |
لَمَّا تَوَلَّتْ تَوَلّى كلُّ مُسْتَرِقٍ | عَنْ مَقْعَدِ السَّمْعِ منها وهْوَ مَعْزُول |
إنْ رُمتَ أكبرَ آياتٍ وأكملها | يا خيرَ مَنْ رُوِيَتْ لِلناسِ مَكْرُمَة ٌ |
وانظرْ فليس كمثلِ الله من أحدٍ | ولا كقولٍ أتى من عندهِ قيلُ |
لو يستطاعُ لهُ مثلٌ لجيءَ به | والمستطاعُ من الأعمالِ مفعولُ |
لله كمْ أَفحَمَتْ أفْهامَنا حِكْمٌ | منه وكمْ أَعْجَزَ الألْبابَ تَأْويلُ |
يَهْدِي إلى كُلِّ رُشْدٍ حِينَ يَبْعثُهُ | إلى المسامعِ تتيبٌ وترتيلُ |
تَزْدادُ منه عَلى تَرْدادِهِ مِقَة ً | وكلُّ قولٍ على التردادِ مملولُ |
ما بَعْدَ آياتِهِ حَقٌّ لِمُتَّبِعِ | والحَقُّ ما بَعْدَهُ إلاَّ الأَباطِيلُ |
وما محمدٌ إلا رحمة ٌ بُعِثَتْ | للعالمينَ وفضلُ اللهِ مبذولُ |
هو الشفيعُ إذا كان المعادُ غداً | واشتدَّ للحشرِ تخويفٌ وتهويلُ |
فما على غيرهِ للناسِ معتمدٌ | ولا على غيرهِ للناسِ تعويلُ |
إنَّ امْرأً شَمَلَتْهُ مِنْ شَفَاعَتِهِ | عِناية ٌ لامْرُؤٌ بالفَوْزِ مَشْمُول |
نالَ المَقامَ الذي ما نالَهُ أحَدٌ | وطالما ميَّزَ المقدارَ تنويلُ |
وأدركَ السؤلَ لمَّاقامَ مجتهداً | ومَا بِكلِّ اجتهادٍ يُدْرَكُ السُّولُ |
لو أنَّ كُلَّ عُلاً بالسَعْيِ مُكْتَسَبٌ | ما جازَ حين نزولِ الوحيِ تزميلُ |
أَعْلَى المَراتِبِ عند الله رُتبَتُهُ | فاعلم فما موضعُ المحبوبِ مجهولُ |
من قاب قوسينِ أو أدنى له نزلٌ | وحُقَّ منه له مثوى ً وتحليلُ |
سَرع إلى المسجِدِ الأقصَى وَعاد بِهِ | ليلاً بُراقٌ يبارى البرقَ هذلول |
يا حبَّذا حالُ قُربِ لاأكيِّفُهُ | وحبَّذا حالُ وصْلٍ عنه مغفولُ |
وَكَمْ مواهِبَ لم تَدْرِ العِبادُ بها | أتتْ إليه وسترُ الليلِ مسدولُ |
هذا هو الفضلُ لا الدنيا وما رجحتْ | به الموازينُ منها والمكاييلُ |
وكم أتتْ عنْ رسول اللهِ بيَّنَة ٌ | في فضلها وافقَ المنقولَ معقولُ |
نورٌ فليسَ له ظلٌ يُرى ولهُ | مِنَ الغَمامَة ِ أَنَّى سَارَ تَظْليل |
ولا يُرى في الثَّرى أثرٌ لأخمصهِ | إذا مشى وله في الصخرِ توحيلُ |
دنا إليهِ حنينُ الجِذعِ من شغفٍ | إذْ نالهُ منه بَعْدَ القُرْبِ تَزْيِيلُ |
فَلَيْتَ مِنْ وَجهِهِ حَظِّي مُقابَلَة ٌ | وَلَيْتَ حَظِّيَ منْ كَفَّيْهِ تَقْبِيلُ |
بيضٌ ميامينُ يستسقى الغمامُ بها | للشمسِ منها وللأنواءِ تخجيلُ |
ما إنْ يَزالُ بها في كلِّ نازِلَة ٍ | للقُلِّ كثرٌ وللتصعيبِ تسهيلُ |
فاعجبْ لأفعالها إن كنتَ مدركها | واطربْ إذا ذُكرتْ تلك الأفاعيلُ |
كم عاود البرءُ من إعلالهِ جسداً | بلمسهِ واستبانَ العقلَ مخبولُ |
وَرَدَّ ألفَيْنِ في رِيِّ وَفي شِبَعٍ | إذ ضاق باثنينِ مشروبٌ ومأكولُ |
وردَّ ماءً ونوراً بعدَ ماذهبا | رِيقٌ لهُ بِكِلا العَيْنَيْنَ مَتْفُولُ |
ومنبعُ الماء عذباً من أصابعهِ | وذاكَ صُنْعٌ به فينا جَرَى النيلُ |
وكم دعا ومحيَّا الأرضِ مكتئبٌ | ثمَّ انثنى وله بِشرٌ وتهليلُ |
فأصْبَحَ المَحْلُ فيها لا مَحَلَّ لَهُ | وغالَ ذكرَ الغلا من خصبها غولُ |
فبالظِّرابِ ضُرُوبٌ لِلْغَمامِ كما | عَنِ البِناءِ عَزالِيها مَعازيلُ |
وآضَ من روضها جيدُ الوجودِ به | مِنْ لُؤْلُؤِ النَّورِ تَرْصِيعٌ وتكليلُ |
وَعَسْكَرٍ لَجبٍ قَدْ لَجَّ في طَلَبٍ | لغزوهِغَرَّهُ بأسٌ وترعيلُ |
دعا نزالِ فولَّي والبوارُ به | من الصَّبا والحصى والرُّعبِ منزولُ |
واغيرتا حين أضحى الغارُ وهو بهِ | كمثلِ قلبي معمورٌ ومأهولُ |
كأَنَّمَا المُصطَفى فيهِ وصاحِبُه الصَّـ | ـديقُ ليثانٍ قد آواهما غيلُ |
وَجلَّلَ الغارَ نَسْجُ العنكبوتِ عَلَى | وَهْنٍ فيا حَبَّذا نَسْجٌ وَتَجْلِيلُ |
عناية ٌ ضلَّ كيدُ المشركينَ بها | وما مَكايِدُهمْ إلاَّ الأضاليلُ |
إذْ يَنظُرُونَ وهمْ لا يُبْصِرُونَهُما | كأنَّ أبصارهم من زيغها حُولُ |
إنْيقطع الله عنه أمة ً سفهتْ | نفوسها فلها بالكفرِ تعليلُ |
فإنما الرُّسلُ والأملاكُ شافعها | لِوُصْلة ٍ منه تَسکلٌ وَتَطْفِيلُ |
ماعُذْرُ من منعَ التصديقَ منطقهُ | وقد نبا منه محسوسٌ ومعقولُ |
والذئبُ والعيرُ والمولودُ صدَّقَهُ | والظُّبْيُ أَفْصَحَ نُطْقاً وَهْوَ مَحْبُولُ |
والبَدْرُ بادَرَ مُنْشَقًّا بِدَعْوَتِهِ | له كما شقَّ قلبٌ وهو متبولُ |
وَالنَّخْلُ أثْمَرَ في عام وسُرَّ بِهِ | سلمانُ إذ بسقتْ منه العثاكيلُ |
إنْ أَنْكَرَتْهُ النَّصَارَى واليَهُودُ عَلَى | ما بيَّنتْ منه توراة ٌوإنجيلُ |
فقد تكرَّرَ منهم في جحودهم | للكفرِ كفرٌ وللتجهيل تجهيلُ |
قلْ للنصارى الألى ساءت مقالتهم | فما لها غير محضِ الجهلِ تعليلُ |
مِنَ اليَهُودِ اسْتَفَدْتُمْ ذَا الجُحودَ كما | من الغرابِ استفادَ الدفنَ قابيلُ |
فإنَّ عِنْدَكُمُ تَوْراتُهُمْ صَدَقَتْ | ولمْ تُصَدَّقْ لكمْ منهمْ أناجِيلُ |
ظلمتونا فأضحوا ظالمينَ لكم | وذاكَ مِثْلُ قِصاصٍ فيهِ تَعْدِيلُ |
منكمُ لنا ولكم من بعضكمْ شغلٌ | والناسُ بالناسِ في الدنيا مشاغيلُ |
لقدْ عَلِمْتُمْ ولكِنْ صَدَّكُمْ حَسَدٌ | أنّا بما جاءنا قومٌ مقابيلُ |
أما عرفتم نبي الله معرفة َ الأبـ | ـأَبْناء لكنكم قَوْمٌ مناكِيلُ |
هذا الذي كنتم تستفتحون به | لولا اهتدى منكمُ للرشدِ ضِلِّيلُ |
فَلا تُرَجُّوا جزِيلَ الأجْرِ مِنْ عَمَلٍ | إنَّ الرَّجاء مِنَ الكُفَّارِ مَخْذُولُ |
تؤذنونَ بزقٍّ من جهالتكمْ | به انتفاخٌ وجسمٌ في ترهيلُ |
موتوا بغيظٍ كماقد ماتَ قبلكمُ | قابيلُ إذ قرَّبَ القربانَ هابيلُ |
ياخي من رويتْ للناسِ مكرمة ٌ | عنهُ وفُصِّلَ تَحْرِيمٌ وَتَحْلِيلُ |
كَمْ قد أتتْ عنكَ أخبارٌ مُخَبِّرَة ٌ | في حُسْنِها أشْبَهَ التَّفْرِيعَ تَأْصِيلُ |
تَسْرِي إلَى النَّفْسِ منها كلما ورَدَتْ | أنْفاسُ وَرْدٍ سَرَتْ وَالوَرْدُ مَطْلولُ |
مِنْ كُلِّ لَفْظٍ بَلِيغٍ راقَ جَوْهَرُهُ | كأنُهُ السَّيْفُ ماضِ وَهْوَ مَصْقُولُ |
لم تبقِ ذكراً لذي نُطقٍ فصاحتهُ | وهل تضيءُ مع الشمسِ القناديلُ؟ |
جاهَدْتَ في الله أبْطَالَ الضَّلالِ إلى | أن ظلَّ للشركِ بالتوحيدِ تبطيلُ |
شَكا حُسامُكَ ما تَشْكو جُمُوعُهُمْ | ففيه منها وفيها منه تَفْلِيلُ |
لله يَوْمُ حُنَيْنٍ حينَ كانَ بهِ | كساعة ِ البَعْثِ تَهْوِيلٌ وَتَطْوِيلُ |
ويوم أقبلتِ الأحزابُ وانهزمتْ | وكمْ خبا لهبٌ بالشركِ مشعولُ |
جاءوا بأسلحة ٍ لم تحمِ حاملها | إنَّ الكُماة َ إذا لم ينصروا ميلُ |
مِنْ بَعدِما زُلزلتْ بالشِّرْكِ أبْنِيَة ٌ | وانْبَتَّ حَبْلٌ بأيْدِي الرَّيْبِ مَفْتُولُ |
وظنَّ كلُّ امرىء ٍ في قلبهِ مرضٌ | بأنَّ موعدهُ بانَّصرِ ممطولُ |
فأنزَلَ الله أمْلاكاً مُسَوَّمَة | لبوسها من سكيناتٍ سرابيلُ |
شاكى السلاح فما تشكو الكلالَ ومن | صنعِ الإلهِ لها نسجٌ وتأثيلُ |
مِنْ كُلِّ مَوْضونَة ٍ حَصْداءَ سابِغَة ٍ | تَرُدُّ حَدَّ المَنايا وهْوَ مَفْلُولُ |
وَكلِّ أَبْتَرَ لِلْحَقِّ المُبِينِ بهِ | وللضلالة ِ تعديلٌ وتمييلُ |
لم تبقِ للشركِ من قلبٍ ولا سببٍ | إلاَّ غَدَا وَهْوَ مَتبُولٌ وَمَبْتُولُ |
وَيَوْمُ بَدْرٍ إذِ الإسلامُ قد طَلَعَتْ | به بُدُوراً لها بالنصْرِ تَكميلُ |
سيءتْ بما سرنا الكُفَّار منه وقد | أفنى سراتهمُ أسرٌ وتقتيلُ |
كأنَّما هُوَ عُرْسٌ فيه قد جُلِيَتْ | على الظبا والقنا روسٌ مفاصيلُ |
والخَيْلُ تَرْقُصُ زَهْواً بالكُماة ِ وما | غيرَ السيوفِ بأيديهمْ مناديلُ |
ولا مُهُورَ سِوَى الأرْوَاحَ تَقْبَلُها الْبِيـ | ـضُ البهاتيرُ والسُّمْرُ العطابيلُ |
فلوْ تَرَى كلَّ عُضْوٍ مِنْ كماتِهِمُ | مُفَصَّلاً وهْوَ مَكفُوفٌ ومَشْلولُ |
وكلُّ بيْتٍ حَكى بَيْتَ العَرُوضِ لهُ | بالبِيضِ والسُّمْرِ تَقْطِيعٌ وتَفْصِيلُ |
وداخلتْ بالردى أجزاءهم عللٌ | غدا المرفَّلُ منهاوهوَ مجزولُ |
وَكلُّ ذِي تِرَة ٍ تَغْلِي مَراجلُهُ | غَدا يُقادُ ذَليلاً وهْوَ مَغلول |
وكلُّ جرحٍ بجسمٍ يستهلُّ دماً | كأنهُ مبسمٌ بالرَّاحِ معلولُ |
وعاطلٌ مِنْ سلاحٍ قد غدَا ولهُ | أساورُ من حديدٍ أو خلاخيلُ |
والأرضُ مِنْ جُثَثِ القَتْلَى مُجَلَّلَة ٌ | والتُّرْبُ مِنْ أَدْمُعِ الأحياءِ مَبْلولُ |
غَصَّتْ قلوبٌ كما غصَّ القليبُ بهم | فللأسى فيهمُ والنارِ تأكيلُ |
فأصْبَحَ البِئْرُ إذْ أَهْلُ البَوارِ به | مِثْلُ الوَطيسِ بهِ جُزْرٌ رَعابيلُ |
وأصبحتْ أِّيماتٍ محصناتُهُمُ | وأمهاتُهُمُ وهي المثاكيلُ |
لاتمسكُ الدمعَ من حزنٍ عيونهمُ | إلاَّ كما يمسكُ الماءَ الغرابيلُ |
وصارَ فَقْرُهُم لِلمسلِمينَ غِنَى | وفي المَصائِبِ تَفْوِيتٌ وتَحْصِيلُ |
ورَدَّ أَوْجُهَهُمْ سُوداً وأعْيُنَهُمْ | بِيضاً مِنَ الله تَنكيدٌ وتَنْكِيلُ |
سالتْ وساءتْ عُيونٌ منهمُ مَثَلاً | كَأنَّما كلُّها بالشَّوْكِ مَسْمُولُ |
أبْغِضْ بها مُقَلاً قد أشْبهَتْ لَبَناً | طفا الذبابُ عليهِ وهو ممقولُ |
ويومَ عَمَّ قلوبَ المسلمينَ أسى ً | بِفَقْدِ عَمِّكَ والمَفْقُودُ مَجْذُولُ |
ونال إحدى الثنايا الكَسْرُ في أحدٍ | وجاءَ يَجْبُرُ منها الكَسْرَ جِبْرِيلُ |
وفي مواطنَ شتى كم أتاكَ بها | نَصْرٌ مِنَ الله مَضْمُونٌ ومَكْفُولُ |
ومَلَّكَتْ يَدَاكَ الْيُمْنَى مَلائكَة ٌ | غُرٌ كرامٌ وأبطالٌ بهاليلُ |
يُسارِعُونَ إذا نَادَيْتَهُمْ لِوَغَى | إنَّ الكرامَ إذا نودوا هذاليلُ |
مِنْ كُلِّ نِضْوٍ نُحولٍ ما يزالُ به | إلى المكارمِ جدٌّ وهو مهزولُ |
بنانهُ بدمِ الأبطالِ مختضبٌ | |
آلَ النبي بمنْ أو ما أشبهكم | لقد تعَذَّرَ تشبيهٌ وتمثيلُ |
وهل سبيلٌ إلى مدحٍ يكون به | لأهْلِ بَيْتِ رَسولِ الله تَأْهِيلُ |
يا قَوْمِ بايَعْتُكُمْ أَنْ لا شَبِيهَ لَكُمْ | مِنَ الوَرَى فاسْتقِيلوا البَيْعَ أوْ قِيلُوا |
جاءت على تلو آياتِ النبي لهم | دلائلٌ هي للتاريخِ تذييلُ |
مَعاشِرٌ ما رَضُوا إنِّي لَمُبْتَهِجٌ | بهِمْ وما سَخِطُوا إنِّي لمَثْكُولُ |
وإنَّ من باع في الدنيا محبتهم | مبغضهُ اللهَ في الأخرى لمرذولُ |
وحسبُ من نكلتْ عنهمْ خواطرهُ | إنْ ماتَ أو عاشَ تنكيلٌ وتثكيلُ |
إنَّ المَوَدَّة َ في قُرْبَى النبيِّ غِنى ً | لا يَسْتَمِيلُ فُؤَادي عنهُ تَمْوِيلُ |
وكَمْ لأصْحَابِهِ الغُرِّ الكِرامِ يَدٌ | عِنْدَ الإلهِ لها في الفضلِ تَخْوِيل |
قومٌ لهمْ في الوغى من خوفِ ربهمُ | حسنُ ابتلاءٍ وفي الطاعاتِ تبتيلُ |
كأنهمْ في محاريبِ ملائكة ٌ | وفي حُروبِ أعادِيهمْ رَآبِيلُ |
حَكَى العَباءة َ قَلْبي حينَ كانَ بها | لِلآلِ تَغْطِيَة ٌ والصَّحْبِ تَخْليل |
وَلِي فُؤَادٌ ونُطْقٌ بالوِدادِ لَهمْ | وبالمَدائحِ مَشغوفٌ ومَشْغولُ |
فإن ظننتُ بهم ختلاً لبعضهمُ | إني إذنْ بِغُرورِ النفْس مَخْتُول |
أ~مة ُ الدينِ كلٌَ في محاولة ٍ | إلى صوابِ اجتهادٍ منه مَوْكُولُ |
لِيَقْضيَ الله أَمْراً كانَ قَدَّرَهُ | وكُلُّ ما قَدَّرَ الرّحْمنُ مفعُولُ |
حسبي إذا ما منحتُ المصطفى مدحي | في الحشرِ تزكية ٌ منهُ وتعديلُ |
مَدْحٌ بهِ ثَقُلَتْ ميزانُ قائلِهِ | وخَفَّ عنهُ من الأوزارِ تثقيلُ |
وكيفَ تَأْبَى جَنَى أَوْصافِهِ هِمَمٌ | يروقها من قطوفِ العزِّ تذليلُ |
وليس يدركُ أدنى وصفهِ بشرٌ | أيقطعُ الأرضَ ساعٍ وهو مكبولُ |
كُلُّ الفَصاحَة ِ عِيٌّ في مَناقِبِهِ | إذا تَفَكَّرْتَ والتَّكْثِيرُ تَقْلِيلُ |
لو أجمعَ الخلقُ أن يحصوا محاسنهُ | أَعْيَتْهُمُ جُمْلَة ٌ منها وتَفْصِيلُ |
عُذْراً إليك رسولَ الله مِنْ كَلِمي | إنَّ الكريمَ لديهِ العُذْرُ مقبولُ |
إنْ لَمْ يكنْ مَنْطِقِي في طيبِهِ عَسَلاً | فإنه بمديحي فيكَ مَعْسُولُ |
ها حُلَّة ً بخِلاَلٍ منكَ قد رُقِمَتْ | مافي محاسنها للعيبِ تخليلُ |
جاءت بحبى وتصديقي إليكَ وما | حبيِّ مشوبٌ ولا التصديقُ مدخولُ |
ألبستها منك حُسناً فازدهتْ شرفاً | بها الخواطرُ منا والمناويلُ |
لم أنتحلها ولم أغصبْ معانيها | وَغيرُ مَدْحِكَ مَغصوبٌ ومَنْحُولٌ |
ومَا على قَوْلِ كعْبٍ أَنْ تُوازِنَهُ | فَرُبَّمَا وَازَنَ الدُّرَّ المَثَاقيلُ |
وهلْ تعادلهُ حُسناً ومنطقها | عن منطق العربِ العرباء معدولُ |
وَحَيْثُ كُنَّا معاً نَرْمِي إلى غَرَضٍ | فحبذا ناضلٌ منا ومنضولُ |
إن أقفُ آثارهُ إني الغداة َ بها | على طريق نجاحٍ منك مدلولُ |
لمَّا غفرتَ له ذنباً وصنتُ دماً | لولا ذِمامُكَ أَضْحى وَهْوَ مَطْلولُ |
رَجَوْتُ غُفْرانَ ذَنْبٍ مُوجِبٍ تَلَفِي | لهُ منَ النَّفْسِ إملاءُ وَتَسْوِيلُ |
وليسَ غيرَكَ لِي مَوْلى ً أؤَمِّلُهُ | بَعْدَ الإلَهِ وَحَسْبِي مِنْكَ تَأْمِيلُ |
ولي فُؤَادُ مُحِبِّ ليسَ يُقْنِعُهُ | غيرُ اللقاءِ ولا يشفيهِ تعليلُ |
يميلُ بي لك شوقاً أو يخيل لي | كأنما بيننا من شُقة ٍ ميلُ |
يهمُّ بالسعيِّ والأقدارُ تمسكهُ | وكيفَ يعدوُ جوادٌ وهو مشكولُ |
مَتَى تَجُوبُ رسولَ الله نَحْوَكَ بِي | تِلْكَ الجِبالَ نَجِيبَاتٌ مَراسِيلُ |
فأَنْثنِي وَيَدي بالفَوْزِ ظافِرَة ٌ | وثوبُ ذنبي من الآثامِ مغسولُ |
في مَعْشَرٍ أَخْلصوا لله دِينَهُمُ | وفَوَّضُوا إنْ هُمُ نالوا وإنْ نِيلُوا |
شُعْثٍ لهُمْ مِنْ ثَرَى البَيْتِ الذي شَرُفَتْ | به النبيُّون تطييبٌ وتكحيلُ |
مُحَلِّقي أَرْؤُسٍ زِيدَتْ وجُوهُهُمْ | حسناً بهِ فكأنَّ الحلقَ ترجيلُ |
قد رَحب البيتُ شَوْقاً وَالمقَامُ بهمْ | والحِجْرُ والحَجَرُ الملْثُومُ والميلُ |
نذرتُ إن جمعتْ شملي ببابكَ أوْ | شَفَتْ فُؤَادِي بِهِ قَوْداءُ شِمْلِيلُ |
ألُّ من طيبة ٍ بالدمعِ طيبَ ثرى ً | لِغُلَّتي وغَلِيلي منه تَبْلِيل |
دامَتْ عليكَ صلاة ُ الله يَكْفَلُها | مِنَ المهَيْمِن إبلاغٌ وتَوْصِيلُ |
ما لاحَ ضوء صباحٍ فاشتسرّبه | من الكواكبِ قنديلٌ فقنديلُ |