هوَ الدّهرُ الذي أحدَثَ الدّهرُ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هوَ الدّهرُ الذي أحدَثَ الدّهرُ، | فمنْ شيمِ الأبرارِ، في مثلها، الصّبرُ |
سَتْصبرُ صَبرَ اليأسِ، أوْ صَبَر حِسبة ٍ، | فلا تَرْضَ بالصّبرِ، الذي معهُ وِزْرُ |
حذارَكَ منْ أن يعقبَ الرّزْءُ فتنة ً، | يضيقُ لها، عن مثل أخلاقك، العذرُ |
إذا أسِفَ الثّكلُ اللّبيبَ، فشَفَّهُ، | رأى أبرَحَ الثّكلَينِ أن يحبطَ الأجرُ |
مُصابُ الذي يأسَى بِمَيْتِ ثَوابِه، | هو البرحُ، لا الميتُ الذي أحرزَ القبرُ |
حَياة ُ الوَرَى نَهجٌ، إلى الموْتِ، مَهيَعٌ، | لهُمْ فيه إيضَاعٌ، كمَا يُوضِعُ السَّفرُ |
فيَا هاديَ المنهاجِ جرْتَ، فإنّما | هوَ الفجُ يَهديكَ الصّراطَ أوِ البَجرُ |
لنَا، في سوانَا، عبرة ٌ غيرَ أنّنَا | نُغَرّ بِأطْماعِ الأماني، فَنغْتَرّ |
إذا الموْتِ أضحى قَصْرَ كلّ مُعَمَّرٍ، | فإنّ سَوَاءً طالَ أوْ قَصُرَ العُمْرْ |
ألمْ ترَ أنَ الدّينَ ريعَِ ذمارُهُ، | فَلَمَ يُغْنِ أنصارٌ عَديدٌ ولا وَفْرُ |
بحيثُ استقَلّ المُلْكُ ثانيَ عِطْفهِ، | وجرّرَ، منْ أذْيالِهِ، العسكرُ المجرُ |
هوَ الضّيمُ، لوْ غيرُ القَضَاء يَرُومُهُ، | شآهُ المَرَامُ الصّعبُ وَالمسلَكُ الوَعرُ |
إذا عَثَرَتْ جُرْدَ السّوابِحِ في القَنَا | بليلِ عجاجٍ، ليس يصدعه فجرُ |
لقدْ بكرَ النّاعي عليْنَا بدعوة ٍ | عَوانٍ، أمَضّتْنَا لها لَوْعَة ٌ بِكْرُ |
أأنفَس نفسٍ في الورَى أقصدَ الرّدى ؟ | وأخطر عِلقٍ، للهُدى ، أهلكَ الدّهرُ؟ |
هينئاً، لبطنِ الأرضِ، أنسٌ مجدَّدٌ | بثاوِيَة ٍ حَلّتْهُ، فاستَوْحشَ الظّهرُ |
بطاهرة ِ الأثوابِ، فاتنة ِ الضّحى ، | مُسَبِّحَة ِ الآنَاء، مِحرَابُها الخِدْرُ |
فإنْ أُنْئِيَتْ فالنّفسُ أنأى نَفيسَة ٍ، | إذِ الجسمُ لا يسمو لتذكيرِهِ ذكرُ |
حَصَانٌ إنِ التّقوى استَبَدّتْ بسرّها، | فمن صالحِ الأعمالِ يَسْتَوْضَحُ الجهرُ |
يطأطأُ سترُ الصّونِ دون حجابها، | فيرفعُ، عن مثنى نوافلِها، السّترُ |
لَعَمرُ البُرودِ البِيضِ في ذلكَ الثّرَى ، | لقد أُدرِجتْ، أثناءها، النّعمُ الخُضْرُ |
عليها سلامُ اللهِ تترَى ، تحيّة ً، | ينسّمُها الغفرانَ، ريحانُها النّضْرُ |
وَعاهدَ تِلكَ الأرضَ عَهدُ غَمامة ٍ، | إذا استعبرَتْ في تربِها ابتسمَ الزّهرُ |
فديناكَ، إنّ الرّزْء كانَ غمامة ً، | طَلَعْتَ لَنا فيها، كمَا يَطلُعُ البَدْرُ |
ألسْتَ الذي إنْ ضاقَ ذرعٌ بحادثٍ | تَبَلّجَ مِنْهُ الوَجْهُ واتّسَعَ الصّدرُ؟ |
تعزّ بحوّاء، التي الخلقُ نسلُها، | فمَنْ دونَها في العَصرِ يتبعُه العصرُ |
نِساءُ النّبيّ المُصْطَفى ، أمّهاتُنَا، | ثَوَينَ فمَعناهُنّ، مُذْ حُقْبٍ، قَفْرُ |
وجَازَيْتَها الحُسنى ، فأُمٌّ شَفِيقَة ٌ، | تحَفّى بهَا ابنٌ، كُلُّ أفْعالِهِ بِرّ |
تمنّتْ وفاة ً، في حياتِكَ، بعدَما | توالَتْ، كنظمِ العقدِ، آمالُها النّثرُ |
كأنّ الرّدى نذرٌ عليها مؤكَّدٌ، | فإنْ أُسْعِفَتْ بالحظّ فيكَ وفي النّذْرُ |
توَلّتْ فأبقَتْ، من مُجابِ دُعائِها، | نفائسِ ذخرٍ ما يقاسُ بهِ ذخرُ |
تَتِمّ بهِ النُّعْمَى ، وَتَتّسِقُ المُنى ، | وَتُسْتَدْفَعُ البَلْوَى ، ويُستَقبل الصّبرُ |
فلا تهضِ الدّنيا جناحَكَ بعدَها، | فمنْكَ، لمنْ هاضتْ نوائبُها، جبرُ |
ا زِلْتَ مَوْفُورَ العَديدِ بِقُرّة ٍ | لعَيْنيَكَ، مشدُودٍ بهِمْ ذلك الأزْرُ |
بَنى جَهْوَرٍ! أنْتُمْ سَماءُ رِياسَة ٍ | لعافيكُمُ، في أفقِها، أنجمٌ زهرُ |
تَرَى الدّهرَ، إن يَبطشْ فمنكم يمينُه، | وإنْ تضحكِ الدّنيا، فأنتمْ لها ثغرُ |
لكُمْ كلُّ رَقْرَاقِ السّماحِ، كأنّهُ | حُسامٌ عَلَيْهِ، مِنْ طَلاقَتِه، أثْرُ |
سحائبُ نعمَى أبرَقتْ وتدفّقتْ، | فَصَيّبُها الجَدْوَى ، وبَارِقُها البِشْرُ |
إذا ما ذكرْتمْ واستشفّتُ خلالُكمْ | تضوّعَتِ الأخبارُ، واستمجدَ الخبرُ |
طريقتُكمْ مثلى ، وهديُكُمْ رضى ً، | ونائِلُكُمْْ غمرٌ، ومذهبُكُمْ قصرُ |
وَكم سائلٍ، بالغَيبِ عنكمْ، أجبتُهُ: | هُناكَ الأيادي الشّفعُ والسّوددُ الوِترُ |
عطاءٌ ولا منٌّ، وحكمٌ ولا هوى ً، | وحلمٌ ولا عجزٌ، وعزٌّ ولا كبرُ |
قَدِ استَوْفَتِ النّعماءُ فيكُمْ تَمامَها | علينا، فمنّا الحمدُ للهِ والشّكرُ |