إذا طلعَ البدرُ المنيرُ عشاءً
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
إذا طلعَ البدرُ المنيرُ عشاءً | رأيتَ لهُ في المحدثاتِ ضياءَ |
وليسَ لهُ نورٌ إذا الشمسُ أشرقتْ | وقد كان ذاك النورُ منه عشاء |
فما النورُ إلا من ذكاءٍ لذاكَ لمْ | يكن يغلب البدرُ المنير ذكاء |
فإنَّ لها محلين في ذاتها وفي | صِقالة ِ جسمٍ غدوة ً ومساء |
ألمْ ترَ أنَّ البدرَ يكسفُ ذاتَها | إذا كانَ محقاً غيرة ً ووفاءض |
ولكن عن الأبصار والشمسُ نورها | بِها لمْ يزلْ يُعطي العيونَ جَلاءَ |
وإدراكيَ المرئيَّ بيني وبينها | وقدْ جعلَ اللهُ عليهِ غِطاءَ |
وهذا من العلمِ الغريبِ الذي أتى | إليكمْ بهِ الكشفُ الأتمُّ نداءَ |
وكلُّ دليلٍ جاءكمْ في معاندِ | يخالفُ قولي فاجعلوهُ هباءَ |
خُصصتُ بهذا العلم وحدي فلم أجد | لهُ ذائقاً حتَّى نكونَ سواءَ |
وبالبلدِ الجدباً طعمْتُ مذاقَهُ | لذا لم أجدْ عنْ ذا المذاقِ غناءَ |
أتاني بهِ أحوى ولمْ يأتني بهِ | إذا سالَ وادٍ بالعلومِ غثاءَ |
فزدتُ به لُطفاً وعلماً ولم أزد | بهِ في وجودي غلظة َ وجفاءَ |
وأعلمنَي فيهِ بأنَّ مهيمني | معي مثله فابنوا عليه بناء |
علياً رفيعاً ذا عماد وقوّة | بلا عمدٍ حتّى يكونَ صماءَ |
مزينة بالأنجم الزهرِ واجعلوا | قلوبكمُ فرشاً لها وغطاء |
فيغشاكمُ حتى إذا ما حملتمُ | بدت زينة ٌ تعطي العيونَ رواء |
معطرة َ الأعرافِ معلولة ً للحمى | يمدُّ بها كوني سناً وسناءَ |
ليعجز عن إدراكه كلّ ذي حجى | ويقبلُه منهُ حياً وحياءض |
سينصرُنُا هذا الذي قدْ سردتُهُ | إذا كشفَ الرحمن عنك غطاء |