عنوان الفتوى : لا حرج في عملك بشهادتك ما دمت تبت من الغش

مدة قراءة السؤال : 6 دقائق

إخواني في الله أود أولاً أن أتوجه إليكم بالشكر على ما تبذلونه لتعريفنا نحن العامة بأمور ديننا وجزاكم الله كل خير لأننا ككثير من الشباب لا نعرف سوى اليسير في أمور ديننا الحنيف وقد قرأت فتواكم المتعلقة بالغش في الثانوية وقد أفتيتم بأن من تاب فعمله حلال لأن العبرة ليست بالشهادة بل بالعمل إذا كان يحسنه. دعوني أتناول معكم هذه القضية بالنقاش لأن الأمر أصابني في بداية حياتي وأصبحت في حيرة من أمري وتلك قصتي: أنا مهندس أبلغ من العمر 31 عاماً والحمد لله أتقن عملي بشهادة الجميع ومتزوج ولي طفل عمره ثلاث سنوات وتعتريني أفكار أرجو من حضراتكم قراءتها. غششت في الثانوية وحصلت بالغش على حوالي 12 درجة وحصلت على مجموع 89.5 % وكان هذا المجموع هو بالضبط الحد الأدنى لدخولي كلية الهندسة. دخلت كلية الهندسة وندمت وتبت من الغش ونجحت بمجهودي دون غش وكان من الممكن أن أعين معيداً ولكنني فضلت الحياة العملية ولكن بعد ذلك جاءتني فكرة الغش في الثانوية فأخذت أفكر ماذا أفعل وقرأت فتاوى كثيرة منها من قال إن التوبة تجب ما قبلها ومن قال لابد من العودة للامتحان مرة أخرى ومن نبت لحمه من حرام فالنار أولى به فقررت أن ألجأ إلى موقعكم الذي ألجأ إليه في كثير من مشاكلي وقرأت فتواكم وأنكم لا تحرمون مال من غش في الثانوية ولكنني لدي بعض النقاط أفكر فيها: أولا: أنا أخذت 12 درجة ليست من حقي ودخلت كلية ليست من حقي وإن كنت نجحت فيها دون غش بامتياز مع مرتبة الشرف ولكنها في الأصل ليست من حقي وطبيعي أن أكون أخذت حق زميل لي آخر ربما يكون قد دخل كلية أدنى درجة وقد تكون على سبيل المثال كلية الإعلام ولا سبيل لإرجاع هذا الحق له وربما يكون قد وفق في هذه الكلية. ثانياً: إنني وكنت لا أستحق كلية الهندسة فأنا أستحق بعد خصم 12 درجة كلية الحاسبات والمعلومات ولكنني لم أدخلها ولا سبيل لي الآن أن أعود إليها بعد هذه الفترة . ثالثاً: بما أنني غششت فأستحق الفصل طبقاً للقانون لمدة عامين فبالتالي لا أستحق حتى الثانوية التي نجحت فيها بمجموع كبير حتى بعد خصم 12 درجة الخاصة بالغش. رابعاً: قرأت فتواكم بخصوص هذا الأمر وإنني ما دمت أتقن عملي فمالي حلال ولكن إتقاني للعمل جاء من الكلية وعملي جاء من الكلية ولولا الكلية ما أصبحت مهندساً ناجحاً في عملي ولولا الشهادة ما عملت في هذه المهنة في الأصل. أتعذب بسبب هذا الأمر وأفكر في ترك الهندسة ولكن هناك بعض المشاكل هي: أولاً. أنا متزوج وتزوجت من طبيبة نساء وعندي ولد عمره ثلاث سنوات وقد تزوجت من فلوسي التي حصلت عليها من الهندسة فزواجي تم بأموال أظن أنها حرام، فهل معنى هذا أن هذا الزواج مبني على باطل لأن الأموال من حرام ولسبب آخر أن زوجتي جزاها الله كل خير ذات مؤهل عال وأني لا استحق حتى الثانوية لأنني من المفروض أن أفصل عامين بسبب الغش فلا يوجد تكافؤ. ثانياً: زوجتي الحمد لله لديها بعض الأموال أفكر في استثماره في مشروع ولكنني أفكر أيضاً في إنني لا أستحق ذلك أيضاً لأنني تعرفت على زوجتي وتزوجتها عبر فلوسي من الهندسة فالعلاقة مبنية على حرام . ثالثاً: ابني هذا الذي أربيه من أموال أظن أنها حرام وبعد عامين سأبدأ أعلمه من هذه الأموال وأفكر حتى وإن تركت الهندسة فيما بعد فإنني فيما بعد إذا أصبحت شيخاً وتولى ابني الإنفاق علي سيكون حراماً بالنسبة لي، لا بالنسبة له، لأنني علمته من حرام. رابعاً: حتى إذا حاولت أن أبدأ من جديد وعملت مشروعا فالشقة التي أسكن فيها من أموالي ولن أستطيع أن أترك كل شيء ومسئولياتي تجاه عائلتي مرة واحدة، كما أنني عندي سيارة ولو استغللتها في الذهاب إلى عملي فسيكون حراماً. خامساً: لو بدأت مشروعا وتخلصت من أموالي كلها فهل إذا أكلت من أموال زوجتي سيكون حراماً لأن معرفتي بها جاءت عن طريق الهندسة وماذا أفعل في شقتي وأثاثها. كل ما أفكر في ترك الهندسة أفكر أنني أستحق بعد خصم 12 درجة كلية الحاسبات وبما إنني نجحت في الهندسة فربما كنت أنجح بنفس الدرجة في الحاسبات وأعود أفكر أنني لا أستحق حتى كلية الحاسبات لأنني استحق الفصل لمدة عامين في الثانوية وإن كنت أستحق المجموع العالي الذي يدخلني كلية الحاسبات وماذا أفعل لمن أكون قد أخذت حقه لأنني لا يمكن أن أعرفه لأننا في الثانوية متنافسون على كليات القمة وكما قال أحد السائلين إننا كمن يتنافسون على مقعد في البرلمان ونجح نائب برلماني في مجلس الشعب بالتزوير وذهب الآخر إلى مجلس الشورى مثلاً لأنه جاء في المرتبة الثانية أعلم أنني أثقلت عليكم وأتمنى ألا تحيلوني إلى الفتاوى الأخرى التي تتحدث عن نفس الموضوع وأرجو من حضراتكم أن تردوا على حالتي هذه لأنني أتعذب وأنا أرى ابني وأظن أن أعلمه من حرام وأرى زوجتي ذات مؤهل عال وأنا حتى لا أستحق الثانوية، عذرا على الإطالة وأرجو الرد لتريحوني ؟

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا داعي إلى كثرة الأمثلة وتعديد الحالات التي يمكن أن تصرف فيها أموالك، فإن الحكم على شيء واحد منها يغني عن التعرض لجميعها وتفصيلاتها.

وكما ذكرت أنت فقد ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه: لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت، النار أولى به. رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح.

ولكن جاء في حديث آخر أن: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني . وفي مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر. وروى الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وابن ماجه، والحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.

فاترك عنك هذه الوساوس الكثيرة، وإذا كنت واثقا فيما قرأته من فتاوانا فاعلم أن المفتى به عندنا هو أن عملك بالشهادة التي حصلت عليها، إذا كنت متقنا له ومؤهلا، وتؤديه بإخلاص وإتقان بهذه الشهادة، وكنت قد تبت من الغش، فلا حرج عليك -إن شاء الله - في شغل الوظيفة التي يتيحها لك تخصصك، ولا يضرك ما سلف بإذن الله.

والله أعلم.