عنوان الفتوى : التغافر والتسامح خير من القطيعة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل تعتبر المرأة قاطعة للرحم إذا منعت أولادها من زيارة أهل زوجها، علما بأنه بعد وفاة زوجها لاقت أذى كثيراً من ذويه، فقد أهانوها كثيراً واتهموها في عرضها وشرفها وأرادوا أخذ الأولاد منها والله يعلم أنها بريئة مما يفترون، وقد كانت تحسن معاملتهم في حياة زوجها وحتى بعد وفاته، إلا أنهم آذوها مما أثر في نفسها وفي أولادها لدرجة جعلت الأبناء لا يطيقون رؤية جدتهم أو أعمامهم، وقد كانت تسمح لأهل زوجها بزيارة الأولاد إلى أن فوجئت يوما بأنهم رفعوا عليها دعوى في المحكمة يتهمونها بقطع الرحم، فقررت هذه الأرملة منع الزيارة لتتقي شر أهل زوجها الذين يكرهونها كرها شديداً لا يخفوه عنها ولو مراعاة لشعور الأولاد، فهل تعتبر هذه المرأة آثمة؟ وجزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن صلة الرحم واجبة، وقطيعتها محرمة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق الخلق. حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت:هذا مقام العائذ من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ* أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا. متفق عليه.

فلا يجوز للأخت منع أبنائها من صلة أرحامهم ولا أمرهم بقطعها، أما ما فعله أهل الزوج بالأخت من إيذاء وطعن في عرضها فحرام ومن كبائر الذنوب ويجب عليهم التوبة إلى الله من ذلك، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58}، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النور:23-24}.

وننصح الأخت بالصفح والعفو عنهم لتنال أجر العافين عن الناس، قال الله تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:133-134}.

وأن تقابل إساءتهم بالإحسان إليهم، كما قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35}.

فإن لم تستطع فلا تمنعن أبناءها من صلتهم، ولا توغر صدورهم بكره أقاربهم، وينبغي لها أن تربيهم على البر والصلة، والتسامح والإحسان.

والله أعلم.