عنوان الفتوى : أحكام إنشاء حساب دعوي مع نية التربح منه

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

ما حكم نشر الفتيات لصورهن على السوشيال ميديا: انستجرام وغيره. وتكون الحجة هي الدعوة إلى لبس الحجاب، والدعوة إلى لبس الواسع وما أشبه ذلك، مع اقتباس آيات من القرآن الكريم تفي بهذا الغرض، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الصور عامة يراها الشباب والبنات، وتنشرها فتيات ليست لهن صفة.
السؤال: ما الحكم إذا كان الغرض هو استغلال الدين وآيات القرآن الكريم في زيادة المتابعين، والتفاعل بغرض الربح؟
وما الحكم إذا كان ذلك بغرض دعوي من خلال الدعوة للبس الحجاب، والواسع من خلال الصور الشخصية، إذا كانت النية خالصة لله؟
وهل من الجائز أن تتم الدعوة إلى الله بالصور الشخصية، مع استغلال امتيازات التطبيق: فكلما زاد عدد المتابعين على البروفايل، والإعجاب على الصور، يكون محل جذب لشركات الإعلان، فيتم الإعلان على هذا الحساب، فيكون الربح من خلال الصورة الشخصية التي في الأساس نشرت لغرض الدعوة إلى لبس الحجاب والواسع. إذا كانت النية خالصة لله، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الصورة عامة؟
وشكرا.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا يجوز للمرأة نشر صورها التي تُظهر ما لا يجوز للرجال رؤيته منها، وانظر الفتاوى: 426274 - 379654 - 145131 - 396334. وغرض الدعوة للحجاب لا يسوغ نشر تلك الصور المحرمة، كما أن كتابة الآيات القرآنية على تلك الصور لا يجوز، كما سبق في الفتوى: 273097

وأما إنشاء حساب دعوي ولا غرض لصاحبه إلا جمع المتابعين، والتربح من الحساب دون أي التفات إلى طلب المثوبة والأجر من الله، فهذا صنيع قبيح، والتماس للدنيا بعمل الآخرة، ولا يظن بمسلم أن يفعله.

وأما إنشاء حساب بقصد التقرب إلى الله بنشر الخير والدعوة إلى الله، مع نية التربح والتكسب من الحساب، فلا حرج فيه، وصاحبه مأجور إن شاء الله.

قال ابن رجب: فإن خالط نية الجهاد مثلا نية غير الرياء، مثل أخذه أجرة للخدمة، أو أخذ شيء من الغنيمة، أو التجارة، نقص بذلك أجر جهادهم، ولم يبطل بالكلية، وفي "صحيح مسلم" عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الغزاة إذا غنموا غنيمة، تعجلوا ثلثي أجرهم. فإن لم يغنموا شيئا، تم لهم أجرهم». اهـ.
وقد ذكرنا فيما مضى أحاديث تدل على أن من أراد بجهاده عرضا من الدنيا، أنه لا أجر له. منها: حديث أبي هريرة: أن رجلا قال: يا رسول الله؛ رجل يريد الجهاد، وهو يبتغي عرضا من عرض الدنيا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أجر له، فأعاد عليه ثلاثا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا أجر له.

وهي محمولة على أنه لم يكن له غرض في الجهاد إلا الدنيا.

وقال الإمام أحمد: التاجر، والمستأجر، والمكاري، أجرهم على قدر ما يخلص من نيتهم في غزاتهم، ولا يكون مثل من جاهد بنفسه وماله لا يخلط به غيره. وقال أيضا فيمن يأخذ جعلا على الجهاد: إذا لم يخرج لأجل الدراهم، فلا بأس أن يأخذ، كأنه خرج لدينه، فإن أعطي شيئا، أخذه.
وكذا روي، عن عبد الله بن عمرو، قال: إذا أجمع أحدكم على الغزو، فعوضه الله رزقا، فلا بأس بذلك. وأما إن أحدكم إن أعطي درهما غزا، وإن منع درهما مكث، فلا خير في ذلك..اهـ. من جامع العلوم والحكم.
وقال الهيتمي: العمل إما رياء محض؛ بأن يراد به غرض دنيوي فقط ولو مباحا، فهو حرام لا ثواب فيه.

وإما مشوب برياء ولا ثواب فيه أيضا؛ للخبر الصحيح: "من عمل عملا أشرك فيه غيري. . فأنا منه بريء، هو للذي أشرك".

وحمْلُ الغزالي الإشراك فيه على المساواة، محله في إشراك دنيوي لا رياء فيه، على أن هذا لا يؤثر في منع الثواب مطلقا؛ كما يدل عليه نص الشافعي والأصحاب: أن من حج بنية التجارة. . كان له ثواب بقدر قصده الحج، فعلم أن من قصد بجهاده إعلاء كلمة الله -تعالى- ونيل نحو غنيمة. . نقص أجره، ولم يبطل؛ لخبر مسلم: "إن الغزاة إن غنموا. . تعجلوا ثلثي أجرهم، وإلا. . تم لهم أجرهم" .

وبه يتبين حمل الأحاديث الكثيرة المصرحة بأن إرادة المجاهد الدنيا تحبط أجره، على ما إذا تمحض الجهاد للدنيا. اهـ. من الفتح المبين بشرح الأربعين.
والله أعلم.