عنوان الفتوى : حكم الغش في البيع والمال المكتسب منه

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا بائع عصافير الزينة (كناري) ولكنني كنت عندما أريد بيع عصفور معين، يسألني المشتري عن عمر العصفور، وعن جنسه. فكنت أكذب في ذلك، وأقول مثلا إذا كان عمره شهرا، أقول شهرين. أو إذا كان ذكرا، أقول أنثى؛ لأنني لا أعرف كيف أفرق بين الذكر والأنثى. وقد تبت الآن إلى الله من هذا العمل. هل المال الذي أخذته حلال أم حرام؟ وماذا علي أن أفعل؟ جزاكم الله خيرا.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد نهى الشرع عن الغش والكذب والتدليس في البيع والشراء، وحث على الصدق فيهما، ففي الصحيحين عن حَكِيم بْن حِزَامٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا؛ بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا؛ مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي.

لكن البيع لا يبطل بسبب الغش والتدليس.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من غشنا فليس منا». وقال: هذا حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم، كرهوا الغش، وقالوا: هو حرام. فإن باعه، ولم يبينه، فالبيع صحيح في قول أكثر أهل العلم، منهم مالك، وأبو حنيفة، والشافعي. اهـ.

وأما سؤالك عن المال المكتسب من هذا البيع الذي شابه غش: فإنه يحرم عليك منه ما كان مقابل الغش، أي الزيادة التي حصلت في الثمن بسبب الغش، فترد الزائد الى المشتري. وإن تعذر معرفة المشتري، فإنك تتصدق بها عنه.

جاء في  الفتاوى الكبرى لابن تيمية -رحمه الله-: وَمَنْ بَاعَ مَغْشُوشًا، لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ مِن الثَّمَنِ إلَّا مِقْدَارُ ثَمَنِ الْغِشِّ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ لِصَاحِبِهِ، أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ، إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ.
مِثْلَ مَنْ يَبِيعُ مَعِيبًا مَغْشُوشًا بِعَشَرَةٍ، وَقِيمَتُهُ لَوْ كَانَ سَالِمًا عَشَرَةٌ، وَبِالْعَيْبِ قِيمَتُهُ ثَمَانِيَةٌ، فَعَلَيْهِ إنْ عَرفَ الْمُشْتَرِي، أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الدِّرْهَمَيْنِ إنْ اخْتَارَ، وَإِلَّا رَدَّ إلَيْهِ الْمَبِيعَ، وَإِنْ لَمْ يعرفْهُ، تَصَدَّقَ عَنْهُ بِالدِّرْهَمَيْنِ. اهـ.

وإذا لم تعرف قدر المال الحرام, فإنّك تتحرى قدر استطاعتك، بحيث تطمئن أنّك أخرجت قدر الحق أو أكثر منه.

قال ابن العربي في تفسيره: وإذا التبس عليه قدر الحلال من الحرام، فإنه يقوم بتقدير ما يرى أنه حرام، ويحتاط في ذلك حتى لا يبقى في نفسه شك، وأن ذمته برئت من الحرام. اهـ. 
 والله أعلم.