عنوان الفتوى : تفضيل الابن البار بالمال وحرمان العاق منه
بالطلب المتضمن أن للسائلة ابنين أنفقت على تربيتهما وتعليمهما حتى كبرا، والتحق كل منهما بوظيفة يتكسب منها، وقد زوجت أحدهما وهيأت له أسباب الراحة بالسكن فى شقة ملائمة على حسابها، ولكن هذا الابن الذى تزوج وأنجب أولادا بدأ يعاملها بقسوة، بل ويعتدى عليها بالضرب والشتم والسب العلنى فهو عاق لدرجة أنها لا تطيق رؤيته. أما الولد الآخر فهو بار بها يعطف عليها ويحترمها ويقدرها ويعترف بفضلها، ويبذل قصارى جهده للعمل على إرضائها، وأن السائلة إزاء ذلك تريد أن تتصرف فى مالها بحيث لا ينال هذا الولد العاق شيئا منه. وأن تعطى ذلك المال السائلة كما تقول فى مالها لأى إنسان آخر دونهما، أو أن الولد البار قبل التصرف لنفسه. هل يكون فى تصرفها هذا شىء تحاسب عليه أم ماذا
عن النعمان بن بشير قال قال النبى صلى الله عليه وسلم (اعدلوا بين أبنائكم. اعدلوا بين أبنائكم. اعدلوا بين أبنائكم) رواه أحمد وأبو داود والنسائى. وروى مسلم وأبو داود وأحمد عن جابر قال (قالت امرأة بشير انحل ابنى علاما (أى اعطه عبدا) وأشهد لى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن ابنة فلان (أى زوجته وسماها) سألتنى أن أنحل ابنها غلامى. فقال له إخوة قال نعم. قال فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته. قال لا. قال فليس يصلح هذا، وإنى لا أشهد إلا على حق) ورواه أبو داود من حديث النعمان بن بشير. قال فيه (لا تشهدنى على جور. إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم) . هذا وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على كراهية التفاضل أو التفضيل أو إفراد بعض الأولاد ببعض المال أو كله. ثم اختلفوا هل يحرم ذلك التخصيص أو التفضيل بينهم فيرى أبو حنيفة والشافعى أن ذلك لا يحرم وقال الإمام مالك إنه يجوز إعطاء الرجل بعض ماله لبعض ولده دون بعض. وقال الإمام أحمد بن حنبل إن التفاضل بين الأولاد أو تفضيل بعضهم على بعض أو تخصيصه لا يجوز، ومن فعل ذلك فقد أساء. والذى نختاره للفتوى ما قال به الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعى بشرط أن يكون هناك سبب يدعو إلى تخصيص بعض الأولاد بشىء من المال دون بعض. وقد قال بهذا أيضا فقهاء الحنبالة، كما جاء فى كتاب المغنى لابن قدامة فى باب الهبة إذا قال فإنه خص بعضهم لمعنى بقتضى تخصيصه لحاجة أو زمانة (أى مرض طويل مزمن) أو عمى أو كثرة عائلته أو استغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل فذلك جائز وكذا لو صرف غطيته ومنعها عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصيه الله فله ذلك، ولا شك أن عقوق الابن وتعديه على أمه بالضرب والشتم والسب من أكبر الفوسق والآثام لأن الله أمر بالبر بالوالدين، وجعل برهما قرين عبادته فقال {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} النساء 36، وغير هذا من الآيات والأحاديث الوفيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا الشأن. ومنها حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (يا رسول الله من أحق بحسن صحابتى قال أمك. قال ثم من قال أمك. قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك) رواه البخارى. وإذا كان ذلك كان للسائلة أن تصرف مالها غلى البار من أولادها إثم عليها فى ذلك، وإن كان الأولى من هذا أن تعفو وتصفح وتدعو لولدها العاق بالهداية والتوفيق وتترك المال على ذمتها، فإن الآجال بيد الله {وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت} لقمان 34، وفى العفو عن الإساءة الكثير من الآيات الكريمة منها قوله تعالى {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} الشورى 40، وفى الحديث الشريف (أحسن إلى من أساء إليك) . وبهذا علم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |