عنوان الفتوى : الضحك من سب الله أو الاستهزاء بالدين

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما حكم من يسمع سب الله، أو النبي صلى الله عليه وسلم، أو الدِّين، أو الاستهزاء بهم، ومن ثم يضحك ضحكًا كثيرًا، مع أنه يتمنى لو أن هناك دولة إسلامية حتى يشتكي ممن قال ذلك، ويحاكم وفق الشرع، فهل يرتد عن الدِّين؟ وهل هناك فرق بين من سمع السب وضحك، وبين من نقل الكفر عن شخص، وكان الضحك على الذي كفر، لا على الكفر؟ سمعت أن هناك شيخًا قال في تفسير قوله تعالى: (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) قال الشيخ: وقصة نزولها: أن هناك ثلاثة أشخاص استهزؤوا، وشخص منهم اكتفى بالضحك فقط، فأخذ حكمهم، فما قولكم في المسألة؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الضحك من السب، أو استهزاء المستهزئ بالدين، يعد كفرًا إذا كان باختيار العبد، راضيًا بالكفر، وأما إذا وقع ذلك غلبة، أو كان لمقصد آخر غير الرضا بالكفر، فلا يعد كفرًا، ولتنظر الفتوى رقم: 60843.

وأما ناقل الكفر، فليس بكافر إن نقله  منكِرًا، وأما إن نقله مستحسنًا له، فيكفر بنقله، قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى-: وأما: ناقل الكفر ليس بكافر, فليس بمرفوع, وفي كلام العلماء ما يدل على أن المسألة ليست على هذا الإطلاق؛ بل فيها تفصيل يتلخص في أن: حاكي الكفر عن الغير، يختلف حكمه باختلاف القرائن؛ فإن كانت الحكاية لغرض شرعي, فالأمر كذلك؛ لإجماع أئمة الهدى على حكايات مقالات الكفرة، والملحدين في كتبهم التي صنفوها, وبحالهم، ليبينوا ما فيها من فساد؛ ليتجنب، وليبطلوا شبهها عليهم، ومن أدلتهم على ذلك أن الله تعالى قد حكى مقالات المفترين عليه، وعلى رسله في كتابه على وجه الإنكار لقولهم, والتحذير من كفرهم, والوعيد عليه بالعقاب في الدارين, والرد عليهم بما بينه في حكم كتابه، وكذلك وقع في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة. وإن كانت الحكاية على وجه الاستحسان لمقالة المحكي عنه، فلا شك في كفر الحاكي، واستحقاقه ما يستحق المحكي عنه، وقد عقد القاضي عياض في الشفاء بابًا أطال فيه في بيان هذه المسألة؛ فليراجعه السائل، فإن فيه ما يقنعه. والله الموفق. اهــ.

وأما قوله تعالى: لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ {التوبة:66}، فقد عفا الله عن واحد من جلساء المستهزئين كان يضحك منهم، وينكر عليهم، فقد قال الطبري في تفسيره: واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: معناه: (إن نعف عن طائفة منكم) بإنكاره ما أنكر عليكم، من قبل الكفر (نعذب طائفة) بكفره، واستهزائه بآيات الله، ورسوله. اهـ.

وقال البغوي في تفسيره: وقال محمد بن إسحاق: الذي عفا عنه رجل واحد، هو مخشي بن حمير الأشجعي، يقال: هو الذي كان يضحك، ولا يخوض، وكان يمشي مجانبًا لهم، وينكر بعض ما يسمع، فلما نزلت هذه الآية تاب من نفاقه، وقال: اللهم إني لا أزال أسمع آية تقرأ أعنى بها، تقشعر الجلود منها، وتَجِب منها القلوب، اللهم اجعل وفاتي قتلًا في سبيلك، لا يقول أحد: أنا غسلت، أنا كفنت، أنا دفنت، فأصيب يوم اليمامة، فما أحد من المسلمين إلا عُرف مصرعه غيره. اهـ.

فليس صحيحًا ما سمعته من أن هذا الضاحك أخذ حكمهم.

والله أعلم.