عنوان الفتوى : حكم المال المكتسب من ممارسة رياضة الملاكمة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا ملاكم، وأحب الملاكمة أكثر من أي شيء، لكن سؤالي هو: هل الملاكمة جائزة أم لا؟ وهل المال الذي يأتي منها جائز أم لا؟ علما أني آخذ في السنة ما يعادل (1) مليون دولار أمريكي (إعلانات) وفي القتال الواحد آخذ ما يعادل (3) مليون دولار إذا فزت أو خسرت، وإذا فزت يأتيني مال من الرهان يعادل (7) ملايين دولار، علما أني أتصدق من المال الذي يأتي من الرهان، (لا أستطيع أن أفعل أي شيء غير الملاكمة، ولدي (4) زوجات ومطلقتان أصرف عليهم و(11) ولدا) (وإذا كان المال الذي يأتي من الملاكمة حراما هل يعادل في تحريمه المال الذي يأتي من الربا والقمار وأكل مال اليتيم؟).

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ممارسة الملاكمة بالطريقة المعهودة اليوم مما لا يقره الشرع لما فيها من الضرر والإضرار، وقد سبق لنا بيان حرمة ذلك في الفتويين التالية أرقامهما: 4336، 130472، في الأخيرة قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الملاكمة.

فيجب على السائل التوبة والإقلاع عن الملاكمة والتكسب منها، ومن الرهان عليها، ومما يأتيه بسببها من مال الإعلانات، وما سبق أن تحصل عليه من مال عن طريق الملاكمة فينظر إن كان جاهلا بحرمة ذلك فقد ذهب بعض العلماء إلى أن له بعد توبته أن ينتفع بالمال الذي اكتسبه، وراجع في ذلك الفتويين التالية أرقامهما: 138376، 118237، وأما إن كان يعلم بالتحريم فعليه أن يتخلص مما في يده من هذه المكاسب في وجوه الخير ومنافع المسلمين، ويجوز له إن كان فقيرا أن يأخذ منه بقدر حاجته له ولمن يعول دون زيادة، أسوةً ببقية الفقراء، قال النووي في (المجموع): قال الغزالي: "إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه، فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله، فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه، وإن كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة كالقناطر والربط والمساجد ومصالح طريق مكة ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه، وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء ... وإذا دفعه إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير بل يكون حلالا طيبا، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته؛ لأنه أيضا فقير". وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب، وهو كما قالوا. اهـ.

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى إن هذا التائب إن  كان يقدر على التجارة أو الاستثمار في مجال معين فله أن يأخذ من هذا المال ما يكون رأس مال لهذه التجارة؛ ليستغني بذلك عن الكسب المحرم وعما في أيدي الناس. 

ففي فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: ... فإن تابت هذه البغي وهذا الخمار وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال مقدار حاجتهم، فإن كان يقدر يتجر أو يعمل صنعة كالنسج والغزل أعطي ما يكون له رأس مال... اهـ

وأما سؤال: (هل يعادل في تحريمه المال الذي يأتي من الربا والقمار وأكل مال اليتيم؟) فالمراهنة في حكم القمار وهي ضرب من أكل المال بالباطل, وأما الربا وأكل مال اليتيم فذلك أشد في الحرمة، وهو من أكبر الكبائر ومن السبع الموبقات، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات. قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات. رواه البخاري ومسلم.

ولكن العاقل لا ينبغي أن ينظر إلى درجة الذنب ـ لو قدر أنه من صغائر الذنوب ـ وإنما ينظر إلى عظمة من يعصيه.

والله أعلم.