عنوان الفتوى : مذاهب العلماء في ردة السكران

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما هو حكم السكران إذا كفر؟.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعتبار ردة السكران محل خلاف بين أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: اختلفت الرواية عن أحمد في ردة السكران فروي عنه أنها تصح، قال أبو الخطاب: وهو أظهر الروايتين عنه، وهو مذهب الشافعي، وعنه: لا يصح، وهو قول أبي حنيفة، لأن ذلك يتعلق بالاعتقاد والقصد، والسكران لا يصح عقده ولا قصده، فأشبه المعتوه، ولأنه زائل العقل، فلم تصح ردته كالنائم، ولأنه غير مكلف، فلم تصح ردته كالمجنون، والدليل على أنه غير مكلف، أن العقل شرط في التكليف، وهو معدوم في حقه، ولهذا لم تصح استتابته، ولنا: أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ قالوا في السكران: إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فحدوه حد المفتري، فأوجبوا عليه حد الفرية التي يأتي بها في سكره وأقاموا مظنتها مقامها، ولأنه يصح طلاقه فصحت ردته كالصاحين. وقولهم: ليس بمكلف ـ ممنوع، فإن الصلاة واجبة عليه، وكذلك سائر أركان الإسلام، ويأثم بفعل المحرمات، وهذا معنى التكليف، ولأن السكران لا يزول عقله بالكلية، ولهذا يتقي المحذورات، ويفرح بما يسره، ويساء بما يضره، ويزول سكره عن قرب من الزمان، فأشبه الناعس، بخلاف النائم والمجنون، وأما استتابته فتؤخر إلى حين صحوه ليكمل عقله، ويفهم ما يقال له، وتزال شبهته إن كان قد قال الكفر معتقدا له، كما تؤخر استتابته إلى حين زوال شدة عطشه وجوعه، ويؤخر الصبي إلى حين بلوغه وكمال عقله، ولأن القتل جعل للزجر، ولا يحصل الزجر في حال سكره. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الحنفية وهو قول للشافعية: إلى أن ردة السكران لا تعتبر، وحجتهم في ذلك: أن الردة تبنى على الاعتقاد، والسكران غير معتقد لما يقول، وذهب أحمد في أظهر الروايتين عنه والشافعية في المذهب إلى وقوع ردة السكران، وحجتهم: أن الصحابة أقاموا حد القذف على السكران، وأنه يقع طلاقه، فتقع ردته، وأنه مكلف، وأن عقله لا يزول كليا، فهو أشبه بالناعس منه بالنائم أو المجنون. اهـ.

والله أعلم.