عنوان الفتوى : الخلع بلفظ الطلاق وحكم إرجاع المختلعة في العدة

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

ماذا لو أن زوجاً لم يقم بواجباته نحو زوجته ، كالنفقة وغيرها ، بل وآذاها قولاً وفعلاً، واضطهدها وأخذ راتبها وصرفه على نفسه ، مما دفعها وأسرتها إلى أن يطلبوا منه الطلاق ، فقال: لن أطلقها إلا إذا أسقطت عني المهر ، فوافق أهلها على ذلك وكتبوا ورقة بالنيابة عنها قالوا فيها: لقد وضعت عنه المهر، وليس بيني وبينه أخذ ولا عطاء من الآن فصاعداً ، فكتب الزوج رداً على تلك الورقة قائلاً : وفقاً لما توصل إليه كبار العائلة ، ونظراً لانعدام التفاهم بيني وبينها، فإني أطلقها ثلاثاً، ولا علاقة بيني وبينها من الآن فصاعداً، وليس بيني وبينها أي طفل (وفي تلك اللحظة كان يعلم أنها حامل منه، بل وكان قد جامعها قبل ذلك بيومين ، ولكنه تجاهل ذلك). الأسئلة هي: - هل هذا خلع أم طلاق ؟ - وإذا كان خلعاً ، فهل له نفس أحكام الطلاق في مسألة الإرجاع ؟ أي هل هناك فرصة في الإرجاع ؟ - وإذا كان طلاقاً ، فهل يُعتبر ما قاله طلقة واحدة وبالتالي هناك فرصة للإرجاع ، أم إنه طلاق بائن لا رجعة فيه ؟ - وإذا كان طلاقاً، فما مصير المهر الذي أجبرها على التنازل عنه؟ هل يجب عليه دفعه ؟ فالذي نعرفه أن الرغبة إن كانت من قبل المرأة في الفراق دونما سبب ، فهذا خلع ولا مهر على الزوج ، أمّا إن كان هو من دفعها إلى طلب الفراق (وهو ما عليه الحال هنا) فهذا طلاق ، ولا يسقط المهر عنه بحال من الأحوال ، وإن كان في ظاهره يشبه الخلع ، ويجري عليه نفس أحكام الطلاق كتحري الطهر عند الطلاق ، وأنه إذا قال لفظ الطلاق ثلاث مرات دفعة واحدة فإنها لا تُحسب إلا طلقة واحدة ..إلى غير ذلك . فما رأيكم في فهمنا هذا ؟ نرجو منكم التوضيح ، فنحن في الحقيقة نرى أن الله تعالى ما وسّع في الطلاق وجعله ثلاث مرات إلا ليسهل على عبادة المراجعة ، وإن كنت لا أفهم آراء بعض علماء السنة الذي يشددون في هذه المسألة ويقولون إن الطلاق طلاق، وأنه يقع ثلاثاً بمجرد أن ينطقه الزوج ثلاث مرات حتى ولو في مجلس واحد. - ماذا عن الطفل الذي في أحشائها والذي تظاهر الزواج بأنه لا علاقة له به ؟ إنها ستضعه بعد سبعة أو ثمانية أشهر ، فما الأحكام المتعلقة بذلك الطفل؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله :
أولاً :
الطلاق الذي يكون مقابل مال أو التنازل عن المهر : هو خلع ، ولو تم بلفظ الطلاق ، على الأرجح ، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال : (126444).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فَالطَّلَاقُ الْمُطْلَقُ فِي كِتَابِ اللَّهِ يَتَنَاوَلُ الطَّلَاقَ الَّذِي يُوقِعُهُ الزَّوْجُ بِغَيْرِ عِوَضٍ ، فَتَثْبُتُ لَهُ فِيهِ الرَّجْعَةُ ، وَمَا كَانَ بِعِوَضِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِيهِ ؛ وَلَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الْمُطْلَقِ ؛ وَإِنَّمَا هُوَ فِدَاءٌ تَفْتَدِي بِهِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا ، كَمَا تَفْتَدِي الْأَسِيرَةُ نَفْسَهَا مِنْ أَسْرِهَا ؛ وَهَذَا الْفِدَاءُ لَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ، سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الْفَسْخِ أَوْ الْفِدَاءِ وَالسَّرَاحِ أَوْ الْفِرَاقِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْإِبَانَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ" ، انتهى "مجموع الفتاوى" (32/ 306) .
وعلى ذلك يكون ما حصل من هذا الزوج خلعا ، لا طلاقا ، ويكون النكاح مفسوخاً بينهما .

ثانياً : الخلع يعتبر فسخاً ، لا طلاقاً ، فلا يحسب من عَدد الطلاق ، وليس للزوج إرجاع زوجته دون رضاها .
فإن تراضيا على الرجعة : فلا بد من عقد جديد بمهر جديد يتفقان عليه .
قال ابن عبد البر : " جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ : لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا إِلَّا بِرِضًى مِنْهَا ، وَنِكَاحٍ جَدِيدٍ ، وَصَدَاقٍ مَعْلُومٍ ". انتهى من "الاستذكار" (6/ 82) .
وقال ابن رشد : " جمهور العلماء : أجمعوا على أنه لا رجعة للزوج على المختلعة في العدة ... والجمهور أجمعوا على أن له أن يتزوجها برضاها في عدتها ".
انتهى من " بداية المجتهد" (3/92) .

ثالثاً :
الطفل الذي تحمل به هو طفل شرعي ، ويثبت نسبه لأبيه شاء ذلك أم أبى ، وهو ملزم بالنفقة عليه ، وعلى أمه ، وتأمين المسكن لهما ، طيلة فترة الحمل .
وأما بعد الولادة ، فهو ملزم بالنفقة على طفله فقط ، ويدخل في النفقة : تكاليف الولادة ، والمسكن ، والمأكل والمشرب ، والكسوة ، وأجرة الرضاع ، وما يحتاجه الولد من دواء وغيره .
وتقدر هذه النفقة بالمعروف ، ويراعى فيها حال الزوج .
وقد سبق بيان كل هذا بالتفصيل في جواب السؤال : (146851) .
وقد سبق بيان أن الطلاق الثلاث يقع واحدة ، على القول الراجح المفتى به في الموقع .
ينظر جواب السؤال رقم : (96194) .
ووينظر أيضا للفائدة : جواب السؤال رقم : (46561) ، ورقم : (167255) .
والله أعلم .