عنوان الفتوى : فرق بين العجب المذموم وبين الفرح بفضل الله

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا امرأة عاملة, وظروف زوجي المادية غير جيدة, وأنا أعمل لأساعده - والحمد لله - ربنا فتح عليّ ووفقني في عمل جيد براتب جيد. وأنا منذ أكثر من 11 سنة أعمل, وربنا يعلم أنه بهدف ألا نحتاج لأحد, ولأعف أسرتي, وظروف زوجي بدأت تتحسن نسبيًا, ومازال راتبي أفضل من راتبه, ونحتاج للراتبين بحكم الظروف الاقتصادية الصعبة, وأفكر أن أترك العمل, ولكني وجدت صعوبة باتخاذ هذا القرار, والسبب أنه أصبحت لدي دوافع وضغوط اجتماعية لعملي, بمعنى أن عملي أعطى لي نوعًا من الوجاهة والمكانة الاجتماعية, وأنا - الآن وليس سابقًا - أشعر أن نيتي للعمل ليست صافية, فليست لكي أعف نفسي وأسرتي فقط, وإنما خالطها الآن الرياء والضرورة الاجتماعية, فهل أنا مأجورة الآن؟ بالله عليكم أفيدوني: كيف أصفي نيتي الآن؟ وكيف أتخلص من الرياء ومن ضيق العيش في نفس الوقت؟ وفي نفس النطاق وبالإضافة إلى ما سبق أريد أن أقول: إني أحب مساعدة الناس, ولكني أحس أن نفسي تفرح بهذا, ولا أدري هل هذا من العجب لأن الناس يحتاجون لي أم أنه من الفرحة بعمل الخير؟ وأحب أن أكون اليد العليا, وأعطي الناس, ولكني عندما أساعد أحدًا أعلم أنه سيتحدث عني بالخير, وأتذكر الحديث "إن من عمل العمل ليقال عنه كذا وكذا يضيع أجره" وأخاف أن أكون دخلت في الرياء والعجب, ومرات كثيرة لا أساعد أحدًا وأمتنع عن العطاء لهذا السبب, فهل ما أفعله صحيح؟ أفيدوني - جزاكم الله خيرًا -.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فيجوز للمرأة أن تعمل ولو لم تكن بحاجة للمال، ما دام العمل منضبطًا بالضوابط الشرعية، وراجعي الفتويين: 5181 80793.

والرياء المذموم إنما يدخل في العبادات المحضة كالصلاة والصيام، بخلاف الأمور المباحة التي تكون عبادات بالنية, كطلب الرزق والنفقة على العيال، وراجعي الفتويين: 174409 125089.

 والشيطان حريص على إبعاد المسلم عن الأعمال الصالحة، ومن حيله أن يزين للعبد ترك العمل الصالح خوفًا من الرياء، فينبغي على المرء الإعراض عن هذه الوسوسة، والحرص على عمل الصالحات, ومجاهدة النفس في تحقيق الإخلاص لله, وانظري الفتاوى: 176067  138811  30366.

وقد جاء ما يدل على أن الفرح بالصدقة خاصة محمود، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن من الخيلاء ما يبغض الله، ومنها ما يحب الله; فأما الخيلاء التي يحب الله فاختيال الرجل عند القتال، واختياله عند الصدقة، وأما التي يبغض الله فاختياله في البغي» أخرجه أبو داود، والنسائي، وصححه الألباني.

قال ابن القيم:" ويحب الخيلاء عند الصدقة - كما جاء ذلك مصرحًا به في الحديث - لسر عجيب، يعرفه أولو الصدقات والبذل من نفوسهم عند ارتياحهم للعطاء، وابتهاجهم به، واختيالهم على النفس الشحيحة الأمارة بالبخل, وعلى الشيطان المزين لها ذلك:

وهم ينفذون المال في أول الغنى ... ويستأنفون الصبر في آخر الصبر

مغاوير للعليا مغابير للحمى ... مفاريج للغمى مداريك للوتر

وتأخذهم في ساعة الجود هزة ... كما تأخذ المطراب عن نزوة الخمر

فهذا الافتخار من تمام العبودية. اهـ.

وقال القاري(واختياله عند الصدقة): بأن تهزه الأريحية والسخاء فيعطيها طيبة بها نفسه فلا يستكثر كثيرًا، ولا يعطي منها شيئًا إلا وهو يعده قليلا, وقال بعضهم: بأن يقول مع نفسه إن أعط صدقة كثيرة إني غني ولي صلة وتوكل على الله، فالتكبر عند المجاهدتين مجاهدة البدن ومجاهدة المال محمود أهـ

وفرق بين العجب المذموم وهو رؤية النفس ونسبة الفضل إليها ونسيان المنعم، وبين الفرح بنعمة الله وفضله والشعور بعظيم إنعامه وتمام فضله وإحسانه فهذا محمود، وانظري الفتوى: 134953.

وبهذا تعلمين أن عليك ألا تستجيبي لنداء الشيطان, بل عليك أن تستمري في عطائك وصدقاتك, سائلين المولى عز وجل أن يكتب لك الأجر والقبول .

والله أعلم.