عنوان الفتوى : مذاهب العلماء في تلبيس القبر بالإسمنت

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

نحن في ليبيا يا فضيلة الشيخ عند دفن الميت فإن قبره يحفر ويسوى بالإسمنت، ثم يصلى على الميت، ويدعى له، ثم يوضع في القبر ويوضع فوقه بعض الألواح الإسمنتية، ثم يهال عليه التراب حتى يسوى مستوى القبر بمستوى الأرض، ثم يعمل له بروز فوق الأرض فيكون على شكل.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالسؤال غير كامل, والذي يمكننا قوله بناء على ما ذكر أن تلبيس جوانب القبر من الداخل بالإسمنت قد أدخلها بعض أهل العلم في مسألة تطيين القبر, وقد اختلف الفقهاء في حكم تطيين القبر على قولين: أحدهما بالجواز وهو قول الجمهور، والآخر بالكراهة.

قال ابن قدامة في المغني: فَصْلٌ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ تَطْيِينِ الْقُبُورِ فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ, وَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ الْحَسَنُ، وَالشَّافِعِيُّ ... إلخ .

وقال النووي في المجموع: وأما تطيين القبر ، فقال إمام الحرمين والغزالي يكره، ونقل أبو عيسى الترمذي في جامعه المشهور أن الشافعي قال : لا بأس بتطيين القبر ، ولم يتعرض جمهور الأصحاب له فالصحيح أنه لا كراهة فيه، كما نص عليه. ولم يرد فيه نهي ... اهـ.

وفي رد المحتار من كتب الحنفية: تَطْيِين الْقُبُورِ مَكْرُوهٌ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ... اهــ .

وجاء في منح الجليل من كتب المالكية: وَ كُرِهَ تَطْيِينُ قَبْرٍ أَيْ تَلْبِيسُهُ بِالطِّينِ أَوْ تَبْيِيضُهُ بِالْجِيرِ، أَكْثَرُ عِبَارَاتِهِمْ فِي تَطْيِينِهِ مِنْ خَارِجِهِ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مِنْ دَاخِلِهِ ... اهـــ .

وبناء عليه إن كان بالإمكان الدفن من غير تلبيس القبر بالإسمنت فهو أفضل خروجا من الخلاف, وإلا فلا نرى بأسا بذلك.

وطريقة تسوية القبر المذكورة لا حرج فيها إن شاء الله تعالى إلا إذا زاد ارتفاع القبر عن الحد المشروع فإنه لا يُشرع, لكن المعروف أن أغلب القبور عندكم - في طرابلس وما جاورها - ترفع عن الحد المشروع ويبنى عليها, وهذا عمل مخالف للسنة. فقد روى مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ . اهــ .

وأقل أحواله الكراهة, وقد نص فقهاء المالكية على كراهة ذلك.

قال الحطاب المالكي – رحمه الله - في مواهب الجليل: يُكْرَهُ تَطْيِينُ الْقَبْرِ أَيْ أَنْ يُجْعَلَ عَلَيْهِ الطِّينُ وَالْحِجَارَةُ، وَيُكْرَهُ تَبْيِيضُهُ بِالْجِيرِ وَالْجِبْسِ وَيُكْرَهُ الْبِنَاءُ عَلَى الْقَبْرِ وَالتَّحْوِيزُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَصَدَ الْمُبَاهَاةَ بِالْبِنَاءِ عَلَيْهِ، أَوْ التَّبْيِيضِ، أَوْ التَّطْيِينِ فَذَلِكَ حَرَامٌ، وَيَجُوزُ التَّحْوِيزُ الَّذِي لِلتَّمْيِيزِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ حَجَرٌ ، أَوْ خَشَبَةٌ بِلَا نَقْشٍ .... وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُرَصَّصَ عَلَى الْقَبْرِ بِالْحِجَارَةِ وَالطِّينِ ، أَوْ يُبْنَى عَلَيْهِ بِطُوبٍ ، أَوْ حِجَارَةٍ ... اهــ .
ولا ندري ماذا يقول الحطاب رحمه الله تعالى إذا رأى ما عُمل عند قبره في تاجوراء عندكم, فقد بني على قبره واتُخذ زاوية – زاوية الحطاب - وصار مزارا يفعل عنده من البدع والخرافات والشركيات ما تأباه الشريعة وتمجه الفطر السليمة ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وانظر الفتوى رقم: 116055المقدار المسموح به في رفع القبر عن الأرض، وكذا الفتوى رقم: 138114 



والله تعالى أعلم