عنوان الفتوى : نظرة شرعية في بعض العبارات

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا مسلم حريص على دينه، واطلعت على هاتين الجملتين؛ إحداهما: ( إذا كان الإمام كثير الظن تفسد الجماعة) والأخرى ( للشعب الجاهل إمام حرامي) من الكتاب التاريخي. وصاحب الكتاب كاتب علماني, لذا يبدو لي أن في هاتين الجملتين تحميقا لأئمتنا. هل لعلماء الأمة الإسلامية قول ينكرهما أو يشبههما؟ الكاتب من قومنا، والقوم يفهمون إذا أطلق الإمام أنه إمام المسجد أو إمام يرشد المسلمين. أرجو الإفادة بالتفصيل؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر أن مراد الكاتب بالإمام في هاتين العبارتين زعيم الجماعة ومقدم الطائفة، وعلى هذا الوجه الذي هو الظاهر فإن هاتين العبارتين لهما محمل صحيح، وليس معنى كون الكاتب علمانيا أن يحمل كل ما يكتبه على المحمل الباطل، بل الإنصاف مطلوب مع كل أحد.

فأما العبارة الأولى فالظاهر أن مراده منها نهي الإمام عن كثرة الظن السيء بأتباعه واتباع عوراتهم، وقد جاء في السنة ما يوافق هذا، فروى أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم. وذكره أبو داود ضمن باب في النهي عن التجسس.

 وأما العبارة الثانية فلها محمل صحيح كذلك، فإن من عدل الله تعالى أن جرت سنته بأن يكون الولاة والحكام من جنس أعمال الناس، فإن استقامت الرعية وأدوا حق الله وحق خلقه أدت الولاة حقوقهم واستقاموا لهم، وإن ظلمت الرعية وبخلوا وجانبوا الحق ولم يؤدوا حق الله والخلق كان عمالهم وولاتهم كذلك، وفي هذا المعنى يقول ابن القيم رحمه الله: وتأمل حكمته تعالى في أن جعل ملوك العباد وأمراءهم وولاتهم من جنس أعمالهم بل كأن أعمالهم ظهرت في صور ولاتهم وملوكهم، فإن استقاموا استقامت ملوكهم وإن عدلوا عدلت عليهم وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم، وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك، وإن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بها منعت ملوكهم وولاتهم ما لهم عندهم من الحق وبخلوا بها عليهم، وإن أخذوا ممن يستضعفونه مالا يستحقونه في معاملتهم أخذت منهم الملوك ما لا يستحقونه وضربت عليهم المكوس والوظائف، وكلما يستخرجونه من الضعيف يستخرجه الملوك منهم بالقوة، فعمالهم ظهرت في صور أعمالهم، وليس في الحكمة الالهية أن يولى على الاشرار الفجار إلا من يكون من جنسهم، ولما كان الصدر الاول خيار  القرون وأبرها كانت ولاتهم كذلك، فلما شابوا شابت لهم الولاة، فحكمة الله تأبى أن يولي علينا في مثل هذه الأزمان مثل معاوية وعمر بن عبدالعزيز فضلا عن مثل أبي بكر وعمر بل ولاتنا على قدرنا وولاة من قبلنا على قدرهم، وكل من الأمرين موجب الحكمة ومقتضاها. انتهى.

وأما إن كان سياق كلام الكاتب يدل على غير ما فهمناه من ظاهر العبارة فقد يختلف الحكم على هذا الكلام، ونحن لم نطلع على هذا الكتاب المشار إليه لنتبين السياق الذي سيق فيه هذا الكلام لنتمكن من الحكم عليه بوضوح.

والله أعلم.