عنوان الفتوى : مسائل حول تفويض الطلاق إلى الزوجة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لدي سؤالان: 1. إذا قام الرجل بتفويض إمكانية الطلاق للزوجة عند العقد، فالرجوع عن ذلك يكون عند الدخول، فإذا قام الرجل بتفويض أمر الطلاق للزوجة بعد الدخول كأن يقول لها : إن أمرها بيدها متى تشاء تطلق نفسها. فهل يجوز هذا؟ 2. وهل يمكن للفتاة أن تشترط عند العقد أن يقوم الزوج بتفويض أمرها إليها بعد العقد والزواج، والدخول، بثلاثة أيام مثلا، و متى شاءت تطلق نفسها، وأن تشترط أن لا يرجع عن هذا التفويض لاحقا؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسؤال فيه شيء من التداخل والظاهر أنه يتلخص في النقاط التالية:

·السؤال عما إذا كان تفويض الطلاق للزوجة يجوز بعد الدخول أم لا؟

·هل يمكن للفتاة أن تشتراط على الزوج تفويض أمر الطلاق إليها بعد الدخول بثلاثة أيام؟

· هل يمكنها اشتراط أن يبقى التفويض بيدها فتطلق نفسها متى شاءت؟

وقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا التنبيه إلى أن قول السائلة: إذا قام الرجل بتفويض إمكانية الطلاق للزوجة عند العقد، فالرجوع عن ذلك يكون عند الدخول... إذا كان قصدها منه أن وطء الزوج للزوجة يسقط ما كان بيدها من التفويض، فهذا صحيح كما سيأتي لاحقا. وأما إن كان المقصود أن رجوع الزوج لا يكون إلا عند الدخول فإن هذا غير صحيح. بل الصحيح أن أهل العلم قد اختلفوا فيما إذا كان له الرجوع عن ذلك أم لا. ومن قال بأن له الرجوع لم يقيد ذلك بدخول، بل جعل له الرجوع ما لم تقض هي؛ لأنه توكيل والتوكيل يصح فيه الرجوع عن الوكالة ما لم يقض الوكيل ما وكل فيه.

 جاء في المغني لابن قدامة: فإن رجع الزوج فيما جعل إليها أو قال: فسخت ما جعلت إليك بطل. وبذلك قال عطاء ومجاهد والشعبي والنخعي والأوزاعي وإسحاق. وقال الزهري والثوري ومالك وأصحاب الرأي: ليس له الرجوع; لأنه ملكها ذلك, فلم يملك الرجوع كما لو طلقت. ولنا أنه توكيل فكان له الرجوع فيه كالتوكيل في البيع, وكما لو خاطب بذلك أجنبيا. وقولهم: تمليك لا يصح; فإن الطلاق لا يصح تمليكه ولا ينتقل عن الزوج وإنما ينوب فيه غيره عنه, فإذا استناب غيره فيه كان توكيلا لا غير. ثم وإن سلم أنه تمليك, فالتمليك يصح الرجوع فيه قبل اتصال القبول به كالبيع... اهـ.

وأما السؤال عما إذا كان يجوز تفويض الطلاق للزوجة بعد الدخول فجوابه أنا قد بينا من قبل أن التفويض يجوز عند جمهور أهل العلم وخالف فيه الظاهرية، كما تقدم في الفتوىرقم: 9050. ولم يفرقوا بين أن يكون التفويض قبل الدخول أم بعده.

وفيما إذا كان يصح اشتراط أن يبقى التفويض بيدها فتطلق نفسها متى شاءت، فجوابه أنه يوجد اختلاف بين أهل العلم فيما إذا كان تمليك المرأة تطليق نفسها يختص بالمجلس الذي ملكت فيه ذلك أم أنه يبقى بيدها ما لم تقض. ورجح كثيرون أنه باق في يدها ما لم تقض أو توطأ؛ لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها حين أمره الله أن يخير أزواجه فبدأ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك... الحديث. فإن هذا يمنع قصره على المجلس.

وإذا وطئت بطل تفويضها.

 قال في المغني: وإن وطئها الزوج كان رجوعا; لأنه نوع توكيل, والتصرف فيما وكل فيه يبطل الوكالة. وإن ردت المرأة ما جعل إليها بطل, كما تبطل الوكالة بفسخ الوكيل. اهـ.

وفي المدونة: قال مالك: من قال لامرأته أمرك بيدك متى ما شئت أو إلى شهر فأمرها بيدها إلى ذلك الأجل إلا أن توقف قبل ذلك فتقضي أو ترد أو يطأها قبل ذلك فيبطل الذي كان في يدها من ذلك بالوطء إذا أمكنته, ولا يكون لها أن تقضي بعد ذلك. اهـ.

وراجعي الفتوى رقم: 129063.

وفيما إذا كان يمكنها أن تشترط أن لا يرجع الزوج عن هذا التفويض لاحقا، فالظاهر أن مقصود السائلة أن يبقى في يدها هذا التفويض حتى بعد الوطء، وإذا كان الحال كذلك فقد علمت مما ذكر أن الوطء مسقط لتفويضها، وبالتالي فليس لها أن تطلق نفسها ولو لم يرجع الزوج في تفويضها

.ونكتفي بهذا القدر من الإجابة؛ فباقي الأسئلة مندرجة فيه.

والله أعلم.