عنوان الفتوى : لا يجوز الاستيلاء على الميراث تحت سيف الإكراه

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما موقف الإسلام من سوء معاملة زوجة أخ لنا توفي في سن صغير، وأمه مازالت تعيش وهي لا تتعامل معنا برحمة، وكأن الميت مصيبتها لوحدها، كذلك تسلط الناس على إجبار أمي للتنازل عن ورثها في ابنها بحجة أن أولاده صغار، مع أن أمي لها 8 أحفاد آخرين منهم بنت مات زوجها ولها 5 أولاد أيتام، ولم تطلب الابنة كتابة شيء مساعدة لأولادها. ماذا نفعل مع زوجة أخي المتوفى، وهى سوف تحرمنا أولادها، وما حق عمة الأولاد عند هذه الأرملة والأولاد مازالوا صغارا 10و 8 و5 سنين لا يعلمون شيئا؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ينبغي لأحد أن يلح على الورثة كي يتنازلوا له عن نصيبهم الشرعي من الميراث، لأن هذا الإلحاح يدخل في سؤال الناس، وهو مخالف أيضاً لما ينبغي أن يكون عليه المسلم من العفة والاستغناء، فإذا أخذ هذا الشخص شيئا من أصحابه بغير رضاهم بل بسيف الحياء والخجل وتحت ضغط السؤال والإلحاح، فإنه لا يحل له أخذه ولا يطيب له الانتفاع به؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني، وهذا لم تطب نفس صاحبه به فكيف يحل لآخذه؟ قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في الفتاوى الفقهية: ... ألا ترى إلى حكاية الإجماع على أن من أخذ منه شيء على سبيل الحياء من غير رضا منه بذلك لا يملكه الآخذ، وعللوه بأن فيه إكراهاً بسيف الحياء فهو كالإكراه بالسيف الحسي، بل كثيرون يقابلون هذا السيف ويتحملون مرارة جرحه ولا يقابلون الأول خوفاً على مروءتهم ووجاهتهم التي يؤثرها العقلاء ويخافون عليها أتم الخوف... انتهى.

فالواجب على زوجة أخيكم أن تتقي الله وتحسن معاملة أهل زوجها، ولا تمنع أولادها من زيارة أجدادهم وأعمامهم وعماتهم، فهذا حرام لا يجوز لما فيه من تقطيع الأرحام التي أمر الله أن توصل. وعليها أن تكف عن سؤالهم أموالهم وإرثهم، ولتتوكل على الله وحده، وتحسن الظن به، فإن الأولاد وإن كانوا صغارا ضعفاء فإن الله سيرزقهم ويرعاهم وهو سبحانه خير الرازقين.

مع التنبيه على أن حضانة الأم للأولاد تستمر حتى بلوغهم سن السابعة، أما من بلغ السابعة فقد حصل خلاف بين الفقهاء هل يضم إلى أبيه أو من يقوم مقامه أو يخير بين الأب والأم، وكذا حصل الخلاف في البنت خاصة، هل تستمر حضانتها إلى زواجها أم إلى بلوغها تسع سنوات أو غير ذلك، وكل هذا قد تم بيانه في الفتوى رقم: 6256 .

والذي نراه راجحاً هو مراعاة مصلحة الطفل، قال الشوكاني في نيل الأوطار: واعلم أنه ينبغي قبل التخيير والاستهام ملاحظة ما فيه مصلحة للصبي، فإذا كان أحد الأبوين أصلح للصبي من الآخر قدم عليه من غير قرعة ولا تخيير، هكذا قال ابن القيم، واستدل بأدلة عامة نحو قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا. وزعم أن قول من قال بتقديم التخيير أو القرعة مقيد بهذا، وحكى عن شيخه ابن تيمية أنه قال: تنازع أبوان صبيا عند الحاكم فخير الولد بينهما فاختار أباه، فقالت أمه: سله لأي شيء يختاره؟ فسأله فقال: أمي تبعثني كل يوم للكاتب والفقيه يضرباني، وأبي يتركني ألعب مع الصبيان! فقضى به للأم. انتهى.

فإذا عُدم الأب فالعصبات من جد ونحوه يقومون مقام الأب، جاء في المغني لابن قدامة: فإن كان الأب معدوما أو من غير أهل الحضانة وحضر غيره من العصبات كالأخ والعم وابنه قام مقام الأب، فيخير الغلام بين أمه وعصبته لأن عليا رضي الله عنه خير عمارة الجرمي بين أمه وعمه. انتهى.

والله أعلم.