عنوان الفتوى : ساعدت زوجها ماليا وعدها قبل وفاته بنصف البيت

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

الإخوة الأعزاء؛ جزاكم الله خيرا. توفيت والدتي ورغب أبي في الزواج من أخرى، وعندما تقدم لخطبتها أعلمها أن البيت المملوك له قد سجل باسم أولاده، فقالت إنها ميسورة الحال ولا حاجة لها بورث منه. وأتم أبي التسجيل مشترطا علينا أن نقوم بإعادة تقسيم نصف التركة مرة ثانية، إذا وهبه الله أبناء من زوجته الثانية على أساس أن نصف العقار هو لوالدتنا رحمها الله، حيث كانت قد ساهمت في تشييد البيت ببيع حليها و ساعدت والدي كثيرا في تكاليف الحياة، وكان قد وعدها في حياتها بنصف البيت، وإن لم يسجله لها قانونيا. البيت الآن مكون من عدة شقق لكل منا شقته المستقلة التي يحوزها بالفعل، لكن المتصرف في الباقي هو والدي الذي اشترط ألا نتصرف في البيت طوال حياته.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنبدأ أولا بآخر ما سألت عنه فنقول: إن اتفاق الزوجين على أن لا يرث أي منهما الآخر هو أمر باطل ولا يجوز العمل به.

و أما السؤال عما إذا كان لوالدتك نصف البيت فجوابه أنها إذا كانت أنفقت ما أنفقته على وعد من أبيك بتسجيل نصف البيت باسمها، فإن الوعد لا تنعقد به الملكية، وكل ما في الامر أنها تملك الرجوع في جميع ما صرفته إذا لم ينفذ لها الوعد، وإن كانت قد أنفقت ما أنفقته في بناء البيت على أنها شريكة بالفعل وليس مجرد وعد، فإنها تملك من البيت بقدر ما أنفقته، وتكون شريكة لوالدك فيه، سواء وثق والدك مشاركتها له أم لم يوثقها، ولا نقول هي شريكة له بالنصف، ولكن بقدر ما أنفقته في بناء البيت، وينتقل نصيبها فيه بعد مماتها إلى ورثتها الشرعيين، ولا يحق لأبيك منع من كان منهم بالغا رشيدا من التصرف في نصيبه من تركتها، ولا يحق له أيضا أن يسجل نصيبها فيه باسم أحد من ورثتها، وإنما الواجب قسمة نصيبها من البيت على ورثتها القسمة الشرعية.

وأما إن كانت متبرعة بما أنفقته وليست شريكة، فالبيت لأبيك، وكونه وعدها بأن يسجل باسمها نصف البيت وماتت قبل ذلك، فهذا الوعد لا يصير به نصف البيت ملكا لوالدتك، وغاية ما فيه أنه وعد بالهبة، وقد ماتت والدتك قبل أن تتم الهبة فلا شيء لها.

وإعلام والدك لزوجته الثانية عند خطبتها أن البيت مسجل باسم أولادها، وقولها إنها ليست بحاجة للميراث لا يسقط حقها فيه، بل لو صرحت بإسقاط حقها فإنه لا يسقط لأنه إسقاط حق قبل وجوبه، وبالتالي فإذا مات قبلها فلها الثمن من التركة بما فيها نصيبه من البيت، وكذا كتابته البيت باسم أولاده لا يصير به البيت ملكا لهم ما دام لم يسلمه لهم ويمكنهم من التصرف فيه تصرف المالك، وإذا مات على هذا فالكتابة تأخذ حكم الوصية وهي وصية لا عبرة بها لكونها وصية لوارث، ولا تمضي إلا برضا الورثة كما فصلناه في الفتوى رقم: 105958، والفتوى رقم: 118835، وما بناه الواحد منكم بماله الخاص فهو ملك له ويختص به إذا كانت الأرض المبني عليها مملوكه له بأن اشتراها من الوالد أو وهبها له هبة صحيحة، ومساعدة الوالد والوالدة له لا ينفي ملكيته لما بناه، وإذا كنتم لا تعلمون على وجه التحديد مقدار مشاركة الوالدة في بناء البيت فلا مناص من التقدير أو قسمة التراضي، وانظر الفتوى رقم: 68291، وإذا لم يحصل تراض فلا بد من رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.