عنوان الفتوى : في دينه وخلقه لا يضره كيف حال أهله

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا فتاة في التاسعة والعشرين من العمر متدينة وعلى خلق ومن عائلة محافظة, تقدم منذ 3 أشهر شخص لخطبتي من نفس مجال عملي والحقيقة التمست في الشاب كافة المواصفات التي أريدها في الشخص الذي أتمنى الارتباط به من دين وخلق مشهود له بها في العمل ومن الأصدقاء المشتركين بيننا، المشكلة أن أخي غير موافق على الموضوع (والدي متوفى) بحجة أن والده لديه علاقات بالنساء ويرتكب الفواحش والزنا -حسب وجهة نظر أخي- مع العلم بأن أخي الأكبر موافق وهو يقول إن هذا الكلام مجرد شائعات مغرضة لأن والده رجل معروف في البلاد وأن أخي الأكبر سأل عنه شخصا يعرفه منذ 30 عاما ولم يقل هذه الأشياء المريعة, وأنا في حيرة شديدة حيث إني أريد هذا الشخص بقوة وفي نفس الوقت أريد موافقة عائلتي وموقف أمي سلبي للغاية حيث هددها أخي بأنه سيترك العائلة إذا تم هذا الموضوع وهي ضدي وليست معي، مع أنها كانت معي، وأخي نشر نوعا من اللغط والكلام البذيء على الشرف والعرض على والده وأنا أخاف عليه من الوقوع في الإثم، فأرجو إفادتي هل موقف أخي صحيح أو أنه سيقع في الإثم لأنه أوقف نصيب أخته على هذه الأسباب، مع العلم بأن الشاب مستقل عن والده وهو إنسان ذو دين وخلق مشهودان، وهل لو أن والده فيه هذه الصفات هل يذهب الأبناء بجريرة الآباء، مع العلم بأن عائلة الشاب (أمه وإخوته وأخواته) محافظون جداً ووالدهم مهتم بهم وبتربيتهم جيداً، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد جاءت الشريعة بحماية أعراض المسلمين، والمحافظة على حرماتهم، وهذا مقصد من مقاصد الشريعة الغراء، وغاية من غاياتها، ولهذا فقد سد الشرع الباب أمام الذين يلتمسون العيب والنقيصة للمسلمين، ويريدون الطعن في أعراضهم وأنسابهم، فحرم القذف وجعله كبيرة من كبائر الإثم، وعلى هذا فلا يجوز أن يقال عن شخص إنه زان ولو بعبارة غير صريحة ما لم يكن معروفاً بالزنى مجاهراً به، ومن رماه بالزنا فإنه يأثم إثماً عظيماً ويجلد ثمانين جلدة وترد شهادته، ويحكم عليه بالفسق، ما لم يأت ببينة قاطعة تدل على صدقه، كإقرار الفاعل أو شهادة أربعة شهود على حالة الزنا، قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:4-5}، وقال سبحانه وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23}.

وبذلك يظهر أن ما يفعله أخوك من اتهام لهذا الرجل هو من كبائر الذنوب وعظائم الآثام التي تستوجب المبادرة بالتوبة إلى علام الغيوب، ما لم تكن معه بينة على قوله، ولا ينبغي لأهل الفتاة أن يدققوا النظر إلى أهل المتقدم لابنتهم، بل ينبغي أن يكون النظر إلى المتقدم نفسه، فإذا كان مرضياً في دينه وخلقه فلا يضرهم كيف حال أهله إذا كان الزوج سيعيش منفصلاً عنهم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. أخرجه الترمذي وغيره بإسناد حسن، ولم يقل إذا جاءكم من ترضون دينه ودين أهله وخلقه وخلق أهله، وقد تقرر في الشريعة أنه لا تزر وازرة وزر أخرى وأنه لا تكسب كل نفس إلا عليها.. وأحق الناس بتزويج المرأة أبوها ثم أبوه وإن علا، ثم ابنها وابنه وإن سفل، ثم أخوها الشقيق ثم الأخ لأب ثم أولادهم وإن سفلوا ثم العمومة.

وطالما أن والدك قد توفي فانظري من يلي أمر زواجك بعده حسب الترتيب المذكور، فإن لم يوجد الجد فيتولى عقد زواجك إذاً أخوك الأكبر الذي ذكرت أنه موافق على هذا الشخص، لأن الولي لا بد منه في النكاح إذ هو شرط من شروط صحته، ولا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم وصححه الألباني.

وطالما كان هذا الشاب كفؤاً لك في دينه وخلقه وأردت الزواج منه فليس لإخوتك أن يمنعوك من الزواج به، فإن فعلوا كانوا عاضلين مستحقين للإثم واللوم.

 قال ابن قدامة في المغني: فإن رغبت في كفء بعينه وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته كان عاضلاً لها، فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها بهذا. فإن امتنعوا من تزويجك بدون سبب فلك أن ترفعي أمرك إلى القاضي ليجبرهم على التزويج أو يزوجك هو. وللفائدة في الموضوع راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46526، 106193، 7759.

والله أعلم.