أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أتلفت هاتفي بسبب الوسواس القهري، ساعدوني على التخلص منه

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم

أنا شاب كنت مبتلى بالعادة السرية، -والحمد لله- تركتها، المهمّ الآن أني مصاب بالوسواس، وحيثما كنت فإني أستعمل الهاتف والحاسوب في مشاهدة الأفلام الإباحية لإثارة شهوتي، -والحمد لله- تركت كل ذلك.

أتْلفْتُ هاتفي بعد أن وضعتُه تحت الماء الجاري لتطهيره، وحتى الآن أشك في طهارته، وأشك في نجاسة الكرسي الذي كنت أجلس عليه، حيث إنني كنت أستمني، وأُنزِل المذي في ملابسي حتى تبتلّ، فكان هذا البلل يلمس الكرسي، وكنت ألْمس بأصابعي النّجِسة لوحة المفاتيح والفأرة (الماوس).

أصبحت أشعر أن كل ما حولي نجس! حتى أنني قمت بوضع الكرسي تحت الدش، وصببت عليه الماء، وما زلتُ أشك في طهارته، وحتى الآن لا أعرف كيف أطهر لوحة المفاتيح والماوس بالماء، حيث إن ذلك يتلفهما.

لا أعرف ماذا أفعل، وأنا متوتر ومهموم في معظم الأحيان، وفي نفس الوقت لا أريد أن أخبر أهلي بأفعالي هذه، أنا تبْت الآن، لكني لا أعرف كيف أطهر ما حولي؟ وكيف أتخلّص من الوسواس؟ فأرجوكم أفتوني ماذا أفعل من حيث كيفية تطهير هذه الأشياء، وكيفية التخلّص من الوسواس؟ وهل إذا وجدت في ملابسي -بعد غسلها في الغسالة- طبقة رقيقة سميكة لا رائحة لها غير رائحة صابون الغسيل، ولا لون لها، هل تكون نجسة؟ وهل الغسل بصب الماء على الجسد فحسب؟

أشكركم شكرًا جزيلًا.

مدة قراءة الإجابة : 9 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلًا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، ونحن سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

بخصوص ما تفضلت به -أخي الحبيب- فنحب أن نحاورك من خلال ما يلي:

أولًا: شَكَر اللهُ لك توبتك وحسن استرشادك بدينك، وهذه خطوة مهمة -أخي الحبيب- على طريق الاستقامة، نسأل الله أن يتمّها عليك.

ثانيًا: من الأمور الهامة التي ينبغي لك معرفتها -أخي الحبيب- أن الشيطان لن يسْلِمك إلى طريق الله -عز وجل- من غير وساوس تقضّ عليك هذا المسير، ومن تلك الخطوات التي يحاول الشيطان شَغْلك بها: أمثال تلك الوساوس التي لا أصل لها في دين الله كما سنبين لك، المهم أن يُثْبِتَ عندك معنىً (كنجاسة المني)، ويجعل هذه الفَرَضية كأنها حقيقة، ثم بعد ذلك يقودك إلى ما وصلت إليه، في حين أن الفرضية أصلًا خاطئة.

ثالثًا: لقد ذكرت نجاسة المني، وهذا أمر ليس قطعيًا، أو محسومًا -أخي الحبيب-، فالمنيّ طاهر، وهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه غسل رطْبه وفرْك يابسه، وهذا أظهر دليل على طهارته، وعدم نجاسته؛ لأن فرْك الثوب منه إن كان يابساً، وصلاته فيه من غير غسل دليل على طهارته، والدليل على ذلك ما روته عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه) متفق عليه، ولمسلم: (لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فركاً، فيصلي فيه) وفي لفظ له: (لقد كنت أحكه يابساً بظفري من ثوبه)، وعليه فلا شيء مطلقًا لما تبَقّى من المني بعد خروجه، فهوّنْ على نفسك، ودع عنك وساوس الشيطان.

رابعًا: ما أنت فيه -أخي الحبيب- هو نوع من أنواع الوسواس، وهو أمر نفسي، وعلاجه كذلك نفسي، ولا تظن أنه عسير علاجُه، بل علاجه أمر ميسور جدًا، أهمّ شيء نريدك أن تفهمه هو طبيعة نشاط الوسواس، وهذا سيريحك كثيرًا ويسهّل عليك التخلص منه.

خامسًا: اعلم -بارك الله فيك- أن الوسواس لا ينشَط إلا في بيئة التفكير السلبي فيه، فإذا أردت القضاء عليه فحوّل كل أمر سلبي إلى إيجابي، فالوسواس سخيف، والإنسان يربطه في فكره بالسخف، فردّد في نفسك: هذا وسواس، كلام فاضي، كلام سخيف، هذا نوع من التغيير المعرفي المهم جدًّا، فحين يستخفّ الإنسان بشيء فسوف يحتقره، وحين يحتقره سوف يحدث ما يعرف بفك الارتباط الشرطي، أي أن الوسواس يُصبح ليس جزءًا من حالة الإنسان.

هذه التمارين هامة جدًا ومفيدة كذلك لأن تعمل على إقناع الذات بتفاهة الأمر، وهي -إن شاء الله- مؤثرة، لكنها تحتاج للصبر والتكرار والجدية في تطبيقها، وأن يخصص الإنسان لها وقتًا معينًا.

سادسًا: اجتهد أن تشغل أوقاتك بالأعمال الإيجابية النافعة، وأن ترهق تفكيرك دائمًا بما ينفعك، أو ينفع أهلك، أو أمتك، وأن تتعاون مع بعض الإخوة في أي نشاط اجتماعي، أو رياضي أو دعوي، كل هذه الحركات الإيجابية تعمل على التقليل من هذا التفكير السلبي.

أخيرًا: نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يرشدك إلي الحق.

والله ولي التوفيق.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة الدكتور/ أحمد المحمدي، المستشار التربوي، وتليها إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان:
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++
أسأل الله لك العافية والشفاء، وأهنئك بتوبتك هذه، والتي أسأل الله- تعالى- أن تكون توبة نصوحًا.

أيها الفاضل الكريم، الذي تعاني منه من بحثٍ حول تطهير نفسك ومحيطك بالصورة التي ذكرتها هو فعلٌ من أفعال الوسواس القهري، ولا علاقة له بالتوبة أبدًا، أنت عزمت وتركت وابتعدت وأبديت الندم على فعلك، وبعد ذلك –أيها الفاضل الكريم– يجب أن تكون فرحًا، وتعرف أن رحمة الله -تعالى- لا حدود لها.

كل الذي ذكرته من طقوسٍ تقوم بها من أجل اعتقادك بأن المكان به نجاسة، أو ملابسك بها نجاسة، هذه أفعال وسواسية، وبكل أسف الإنسان حين يُتابع الوسواس، ويطبق ما يجرّه نحو الوسواس، هنا نكون قد حفّزنا الوسواس وشجعناه وكافأناه مما يؤدي إلى استمراره، بل توسّعه وانتشاره، ويكون مُطْبِقًا.

لذا –أيها الفاضل الكريم– أنت محتاج لجلسة نفسية مع نفسك، وتقدّر الأمور بصورة منطقية وواقعية، هذه الأفعال هي أفعال وسواسية، أفعال سخيفة، أنا أعرف أنها مُلحة ومستحوذة عليك، لكن من خلال شيء من المنطق البسيط تستطيع أن تلفظها، دون أن تحاول أن تخضعها للمنطق، لا تقل: (إذا فعلتُ كذا وكذا، هذا سوف يؤدي إلى الطهارة، وإن لم أفعل كذا وكذا، هذا معناه النجاسة)، لا، ابنِ على اليقين القاطع، وحقّر هذه الفكرة، ولا تتّبع الأفعال التي تقوم بها، هذا مهم، وهذا ضروري، وهذه هي طريقة ووسيلة العلاج.

أزفّ لك بشرى كبيرة جدًّا، وهي أنه الآن -وبفضلٍ من الله تعالى- توجد أدوية فعّالة جدًّا لتفكيك الوسواس والقضاء عليه، لكن هذه الأدوية تتطلب الالتزام بجرعتها ومدة العلاج المقررة.

من أفضل الأدوية التي نصِفها في حالتك العقار الذي يعرف باسم (فلوكستين)، هذا هو اسمه العلمي، وله عدة مسميات تجارية أشهرها (بروزاك)، وفي مصر يوجد منتج محلي يعرف باسم (فلوزاك)، وهو جيد جدًّا.

إن تيسَّر لك الحال وذهبت إلى طبيب نفسي، فهذا هو الأمثل، وهذا هو الأفضل، وهذا هو الذي أوصي به، وإن لم تستطع فأرجو ألا يستدرجك الوسواس ويقنعك أنك لست في حاجة للدواء، لا، أنت في حاجة ماسة جدًّا للدواء، والدواء سوف يساعدك ويساعدك كثيرًا.

جرعة (البروزاك) التي تبدأ بها هي كبسولة واحدة في اليوم، تتناولها بعد الأكل، وقوة الكبسولة عشرين مليجرامًا، وبعد قضاء أسبوعين تجعلها كبسولتين في اليوم، يمكنك أن تتناول كبسولتين مع بعضهما البعض، تناولهما ليلاً أو نهارً لا يفرق كثيرًا، لكن بعض الناس قد يأتيهم إحساس بالأرق إذا تناولوا (البروزاك) ليلاً، فإن حدث لك هذا تناوله نهارًا.

بعد انقضاء شهرين وأنت على جرعة الكبسولتين في اليوم اجعل الجرعة ثلاث كبسولات، تناول كبسولة واحدة في الصباح وكبسولتين ليلاً، وهذه هي الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى كبسولتين ليلاً لمدة أربعة أشهر أخرى، ثم كبسولة واحدة ليلاً لمدة أربعة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.

الالتزام بالجرعة الدوائية ومدة العلاج هي أحد الشروط الأساسية لنجاح العمليات والآليات العلاجية التي تُطبق.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...