أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : هل إذا تبت إلى الله سأعيش حياة مثالية بدون أغلاط؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد أن أتوب إلى الله, وأقلع عن جميع المعاصي, أريد توجيهكم بالطريق الصحيح لذلك, ولكن لدي أسئلة تتبادر إلي كل ما أفكر بالاستقامة والالتزام, ومنها:

1-هل سأعيش حياة مثالية بدون أغلاط؟

2-هل أترك أصحابي الذين عشت معهم معظم حياتي, مع العلم أنه لا يوجد فيهم من لا يصلي, ولا يوجد فيهم أحد يدخن, ولكنهم من النوع الذي يتابع الأفلام والمسلسلات بكثرة؟

3-تأتي إلي أفكار بأني لن أستطيع التوبة والالتزام بسبب أن والدي ليس ملتزما, وأن الجزاء من جنس العمل, وأني سوف أصبح مثله؟

لدي أسئلة كثيرة, ولكن جميعها تنحصر تحت الطريقة التي أبدأ بها توبتي والتزامي واستقامتي, مع العلم أني قد التزمت وتركت الالتزام.

جزاكم الله خيرا.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك أخي الحبيب في موقعك إسلام ويب, وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت, ونسأل الله أن يبارك فيك, وأن يحفظك من كل مكروه.

الأخ الحبيب: ابتداء تهنئة من القلب لك على منة الله عليك بالتوبة، ونرجو الله أن يوفقك لكل خير, وأن ينعم عليك بنعمة التوبة التي حببك الله فيها وعلمك طريقها.

الأخ الحبيب: اعلم ابتداء أن الله يريد أن يتوب على عباده كما قال تعالى: كما قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾ (27) وأنه جل في علاه يحب أهل التوبة منهم قال الله: ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ والخطأ أمر وارد فهذه طبيعة البشر، لكن شتان بين من يخطئ وهو مقبل على المعصية غير مكترث بربه ومن يخطئ وقلبه يعتصر ألما وحزنا ، لذلك أخبر النبي أن الخطاء -أي كثير الخطأ- إذا تاب كان من خيار أقرانه فعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النبي-صلى الله عليه وسلم- قَالَ « كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ».

إن العبد إذا تاب إلى ربه تاب الله عليه وفرح به، فعَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثَيْنِ حَدِيثًا عَنْ نَفْسِهِ وَحَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِى أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ ثُمَّ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مكاني الَّذِى كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ».

وباب التوبة مفتوح لا يغلق صباحا ومساء يبسط الله يده ليقبل توبة التائبين، فعَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».

ومهما كان ذنبك عظيما -أخي الحبيب- اعلم أن الله يقبله، ومن أدل الأمور على ذلك حديث المرأة من جهينة فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهِىَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَى فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ فَدَعَا نَبيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلِيَّهَا فَقَالَ « أَحْسِنْ إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فَائْتِنِي بِهَا». فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا نبي اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ تُصَلِّى عَلَيْهَا يَا نَبِىَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ فَقَالَ «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى ».

أما عن الأسئلة فإنا نجيبك عنها سريعا:

أولا: هل سأعيش حياة مثالية بدون أغلاط؟ بعد التوبة ستعيش حياة طيبة بذكر الله، يصارعك فيها الشيطان لكنك بالتوبة تنتصر عليه في أغلب جولاتك إن شاء، وما تقع فيه من معاص تتوب فيغفره الله لك إن شاء.

ثانيا: بالنسبة لأصحابك: لا ننصحك بالمكوث معهم طويلا فإن الصاحب ساحب، اجلس معهم بمقدار الإبقاء على أخوتهم, واستحدث أصدقاء صالحين جددا، وأبدا في السير مع الصالحين حتى تثبت قدمك، ثم عليك بأصحابك بعد أن تذوق طعم الإيمان، اجتهد عليهم حتى يهديهم الله على يديك وتأخذ أجرهم.

وخلاصة الأمر: تعامل مع أصحابك بالقدر الذي لا يصرفك عن طاعة الله ولا يثنيك عن عبادته، فإن تضرر دينك فالفرار منهم أخي الحبيب.

ثالثا: لا علاقة بين صلاح الوالد أو فساده وصلاح الولد أو فساده، نعم للوالد تأثير إيجابي وسلبي على الأولاد, لكن ليس بالضرورة ابن الصالح صالح أو العكس، وانظر إلى أصحاب رسول الله فقد كان آباؤهم كفرة, ومع ذلك كانوا من أبر الناس وأفضلهم.

وفقك الله وسدد خطاك.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...