أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أقارن زوجتي بمن أراها.. هل سأضل على ذلك طوال العمر؟

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

السلام عليكم

أنا مغترب 29 سنة، ملتزم في بلد عربي، مشكلتي أني عقدت على إنسانه طيبة، ملتزمة دينيا، من عائلة طيبة عن طريق الزواج التقليدي عبر بحث أمي لي من نفس بلدي، تنازلت عن كثير من المواصفات مثل العمر أن لا يزيد عن 25 سنة، وكانت عندي مواصفات معينة بالشكل والجسم أرغبها، وكنت دائم الدعاء والتضرع لرب العالمين بأن يرزقني الزوجة التي أتمناها، لكن كوني مغترب، ومستعجل على الزواج قبلت بالتقدم لها بعد ما عرفت حسب ما أخبر أهلها أنها ببداية الـ 28 سنة، أنهت تعليمها الجامعي، وهي مدرسة.

جلست معها بكامل حشمتها مع وجود أهلها لم أدقق بالنظر إلى جسمها، ولم أتكلم معها كون أهلها محافظين واقتصر الموضوع على النظر السريع.

استخرت الله، ولم أشعر بشيء لم أكن منجذبا إليها كثيرا، ولم يكن هناك سبب مقنع لأرفضها قرأنا الفاتحة اتفقنا على كل شيء، تفاجأت بالمحكمة وقت العقد أنها أكبر مني بشهر، ولما وضعت حجابها لم تكن كما تمنيت في شكلها، أو جسمها، ولكنها مقبولة.

المشكلة بدأت بعد ذلك أني كل ما رأيت فتاة صغيرة بالعمر، أو عند سؤال أناس لماذا قبلت من هي بمثل عمري، وكلما أتذكر أني انخدعت بعمرها، خاصة وأني لو علمت بعمرها الحقيقي ما تقدمت لها أبداً أغرق في التفكير والمقارنة بينها وبين غيرها، وأبدأ بالاكتئاب، وألوم نفسي، أصبحت بعد أن كنت أغض بصري، أتابع ملامح وجسم كل فتاة، وألوم نفسي كيف قبلت.

مع العلم أني لم أرتبط، ولم أكن في أي علاقة من أي نوع مع أي فتاة، ولا حتى مجرد التفكير، أرجو منكم الإشارة علي، هل سينجح زواجي الذي سيكون الشهر القادم؟ كيف أتوقف عما أنا فيه؟ هل سأضل ألوم نفسي طوال العمر بعد الزواج؟ صحيح أنها مقبولة إلى حد ما، لكن تتبدل مشاعري كل ما رأيت من هي أصغر منها، وأجمل منها، حاولت مرات كثيرة أغض بصري، لكن بالمصادفة لا يقع أمامي إلا من أبدأ بمقارنة بينها وبين زوجتي.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ قصي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا التواصل، ونشكر لك هذا الوضوح في الطرح، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُسعدك بهذه الزوجة التي اختارتها الوالدة، فرضى الوالدة في حد ذاته مصدر خير وتوفيق وسداد، والناضج مثلك والعاقل مثلك من الرجال يحتاج لامرأة في عمره وفي نضجه، وأرجو أن تعلم أن الإنسان إذا أطلق بصره للغاديات الرائحات فإنه كما قال ابن الجوزي: (لن تُشبعه نساء بغداد، وإن تزوجهنَّ جميعًا) فغُض بصرك واتق الله تبارك وتعالى في نفسك، وارض بهذا الحلال الذي قدره الله تبارك وتعالى لك، واعلم أن هذه المتعلمة – المعلّمة – سيكون فيها خير كثير، وأنت تمدح أسرتها، ومدحتها بالخير، والوالدة تحبك ولا تختار لك إلا الأجود والأحسن والأفضل.

كما أرجو أن تعلم أن الإنسان إذا نظر في المتبرجات، فإنه سيرى كما قال ابن القيم:

فإنك متى أرسلت طرفك رائدًا**** لقلبك أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر**** عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ

والشيطان بكل أسف ينبغي أن نعلم أن هذا العدو دائمًا يزين لنا الحرام ويُقبح في وجوهنا وفي نفوسنا الحلال، كما قال ابن مسعود: (إن الحب من الرحمن، وإن البغض من الشيطان، يريد أن يُبغض لكم ما أحل الله لكم) فهذه التي يُبغضك فيها الشيطان هي الحلال، والتي يجعلك الشيطان تنظر إليها هي الحرام، والشيطان يستشرف المرأة التي تمشي في الشارع، يزين الحرام حتى وإن كانت قبيحة، يزينها في عين الرجل حتى يورده موارد الهلكة.

ولذلك ينبغي أن تُقبل على هذه الزوجة، -والحمد لله- أنت تكرر أنها مقبولة، واعلم أنها إذا كانت مقبولة عندك فهي جميلة، وكل امرأة ميّزها الله تبارك وتعالى بجوانب من الجمال، ولكن الجمال الأصلي والجمال الأهم هو جمال الروح، هو جمال الأخلاق، فإن جمال الجسم عمره محدود، ولكن جمال الروح بلا حدود، فصفاء النفس وحسن الخلق وكمال الدين.

وكل عيب فإن الدين يجبره**** وما لكسر قناة الدين جبران

لذلك ينبغي أن تُقبل على هذه الزوجة، وتتعوذ بالله من الشيطان، وأرجو كذلك أن تعلم أن مع اقتراب الزواج يشعر الإنسان بمسؤوليات، ويشعر بمثل هذه الأمور، والعمر ليس له علاقة كبيرة، والحب لا يعرف الأعمار، ونسأل الله أن يؤلف بينك وبينها على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونتمنى ألا تُشعرها بهذا الجانب، وألا تكسر خاطرها بانها كبيرة في السن، وتذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم – تزوج خديجة وهي أكبر منه بسنوات عديدة، وسعد معها، وسعدت معه، وكان نموذجًا - عليه الصلاة والسلام – وقدوة للرجال في الوفاء لخديجة في حياتها وبعد مماتها، رضي الله عنها وأرضاها.

من هنا نحن ندعوك للإقبال على هذه الزوجة، والتعوذ بالله من الشيطان، وغض البصر، واجتهد في أن تتذكر محاسنها، واعلم أن العمر مناسب طالما هي في سنك، أو تقول هي أكبر منك بشهر، أو نحو ذلك، فإننا دائمًا نقول للعاقل مثلك والناضج مثلك: تصلح معه امرأة في سنه أو قريبة منه، لأن النضج في النساء قد يتأخر، وأنت -ولله الحمد- تزوجت امرأة عاقلة ناضجة جامعية معلمة، نسأل الله أن يبارك لك فيها، وأن يبارك لها فيك، وأن يُلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...