أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : رهبة عند لقاء الآخرين

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

أنا رجل, شبه بدين الجسد, عمري 27 سنة، متزوج, بدأت حياتي بأسرة محافظة، ويغلب عليها جانب الشدة في التعامل والقسوة, تعرضت للضرب أثناء صغري والإهانات, لا أتذكرها كثيراً, نشأت وفي قلبي الكثير من الغيرة مع من حولي, كنت سريع الغضب، وأحمل في قلبي الكثير من الهموم والحقد على الآخرين، كنت منطوياً في الغالب ولا أطيق الولوج مع الجماعات, صعب التعامل, قليل الأصدقاء, أهتم بالتدقيق على الآخرين وأنتقدهم بشدة, طبعي عاطفي, وما أتذكر مواقف حزينة سرعان ما يدمع لها قلبي وتكتمها عيني, أتميز بالذكاء والعمل الجيد, هكذا بدأت حياتي.

وبعد تخرجي من الجامعة اكتشفت سراً كامناً لم أعلم به, حينما ذهبت لكي أعمل مقابلة شخصية لوظيفة وأثنائها ارتعش جسمي، وأسرعت ضربات قلبي بشدة، وتصبب العرق مني، وعجز لساني عن الكلام!

حاولت اكتشاف الأمر إلا أنني لم أعلم ماذا يحدث لي! حاولت تجاوز هذه الحالة, وبعد فترة من الزمن أسند إلي إلقاء كلمة أمام الناس, الأمر الذي شعرت به من جديد وبشدة أكثر من سابقتها؛ حيث عجزت عن الحديث وثقل لساني! وصارت المواقف لمثل هذه الحالة تتوالى نظراً لتقدم سني ولزوم الاختلاط بالناس, ثم بدأت تتطور الحالة إلى أن صعب الأمر بشكل كبير, الأمر الذي جعلني ألجأ إلى طبيب نفسي في مركز معروف شمال الرياض, الذي زادني بؤساً ومرارةً حيث كانت جلساته مرتفعة القيمة، عديمة الفائدة, جلست عنده تسع جلسات وفي كل جلسة يلعب في جهاز البلاكبيري ويعطيني ورقة تمرين تنفس في نهاية كل جلسة! مللت منه وتركت زيارته! ثم تطورت الحالة حيث أني كنت أصلي بالناس في بعض الأحيان, وأما الآن فإن لساني صار ثقيلاً بقوة خفقان القلب, وكذلك إذا كان هناك حديث فيه شدة في الحوار أحس بأني لا أستطيع إكمال الحديث وكأن بي بكاء, إضافة إلى وجود رعشة بجانب الشفتين.

الآن أنا لا أستطيع أن أؤم الناس، ولا أستطيع أن ألقي أمامهم, وأرتبك عند لقاء الناس، وتتنوع هذه الحالة بأن تكون أحياناً شديدة وأحياناً خفيفة, وفي فترات تذهب مع استمرار الحديث، مع أني كثير النسيان، بالإضافة إلى أني أحرج كثيراً أثناء الحديث مع الآخرين، ولا أعرف أنطق الكلمات المناسبة للرد عليهم، الأمر الذي جعلني أسكت وأكتفي بابتسامة.

كما أني أخاف من اللوم والنقاش الحاد والمواجهة -أحياناً- أو التهيؤ لها, والظلام، لا أستطيع الانتظار, أود بعون الله أن أخلع هذا الهاجس عن جسدي، أود أن أكون طبيعيا، أود أن أكون متحدثاً.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ asas حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فكل الأعراض التي تعاني منها في الوقت الحاضر هي أعراض الرهاب الاجتماعي، وهو نوع من الخوف الذي يحدث للإنسان في مواقف اجتماعية معينة، وهذه المواقف يكون فيها شيء من المواجهة، ربما تكون مواجهة عادية، أو مواجهة تستحق التحضير والتحفز الجسدي والنفسي.

الناس يتفاوتون في درجة تكيفهم مع مثل هذه المواقف، وهنالك مجموعة من الناس يكون الأمر فيهم مرضيًا، وأعتقد أن حالتك من هذا القسم مما نسميه بالرهاب أو الخوف الاجتماعي.

العلاجات التي قمتَ بها من خلال مقابلة الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي وعمل الجلسات السلوكية: لا تنظر إليها نظرة سلبية، نعم أعتقد أن التكلفة قد تكون عالية وباهظة، لكن أرجو أن تطبق نفس التمارين والإرشادات التي تعلمتها واكتسبتها كمهارة علاجية من خلال تلك اللقاءات، وتمارين الاسترخاء لا شك أنها مهمة جدًّا، وفي ذات الوقت أقول لك: أنك في تلك الفترة لو كنت تناولت أحد الأدوية المضادة للرهاب الاجتماعي قطعًا كان سوف تكون نتائج العلاج أفضل، لأن الأبحاث جميعها تُشير أن تطبيق التمارين السلوكية والمعرفية وتناول الدواء في نفس الوقت هي الوسائل الأفضل لأن يتحصل الإنسان على أفضل نتائج العلاج.

عمومًا: لا تأس على ما مضى، إن شاء الله تعالى الآن تستطيع تصحيح مسارك تمامًا، وأنا أقول لك: حقر فكرة الخوف، أكثر من المواجهات، وفي ذات الوقت أريدك أن تستوعب حقيقة مهمة جدًّا، وهي: أن مشاعرك الخاصة بعدم طلاقة اللسان وارتعاش الجسد هي حقيقة تجارب خاصة بك أنت، وليست مكشوفة، وليست معلومة للآخرين، ولا أحد يطلع عليها.

أحد مشاكل الأخوة والأخوات الذين يعانون من الهرع الاجتماعي دائمًا يتخوفون الفشل أمام الآخرين، اعتقادًا منهم بأن كل ما يحسون به يُنقل أو يطلع عليه من حولهم، هذا ليس صحيحًا أبدًا، وأداؤك أنا أؤكد لك أنه أفضل مما تتصور.

هنالك أيضًا آليات علاجية مهمة جدًّا منها: زيارة الأهل والأرحام والجيران، مجالسة الأصدقاء والإخوان، الحرص على صلاة الجماعة، ممارسة الرياضة الجماعية، هذه كلها وسائل علاجية ممتازة جدًّا.

وفوق ذلك يأتي موضوع الدواء، الدواء مهم جدًّا، وأنا أؤكد لك أنه توجد أدوية سليمة، أدوية ممتازة، لا تسبب الإدمان، وفعاليتها مضمونة - إن شاء الله تعالى - .

الدواء الجيد هو عقار زيروكسات، والذي يسمى علميًا باسم (باروكستين) يمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام – أي نصف حبة – تناولها يوميًا بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة واستمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين يوميًا، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة في المساء أو بمعدل حبة مساءً وحبة صباحًا، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة ونصف يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أيضًا، ثم اجعلها حبة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة لمدة شهر، ثم نصف حبة يوميًا يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

كما ذكرتُ لك هو من الأدوية السليمة، وحتى تتحصل على فائدته يجب أن تتبع التعليمات التي ذكرتها لك، وإن أردت أن تذهب مرة أخرى إلى الطبيب فهذا أيضًا حسن وجيد.

هذه هي الخطوات العلاجية المهمة، ويجب ألا تتجنب، يجب ألا تمتنع أبدًا، خاصة الصلاة في جماعة، ما دام الناس قد وثقوا بك وقدموك للصلاة، فهذا - إن شاء الله تعالى – دليل أنك أهل لذلك، وإن شاء الله تعالى الدواء سوف يساعدك مساعدة كبيرة جدًّا.

فيما يخص التربية والتنشئة والطفولة: لا أريدك أبدًا أن تنظر إليها نظرة سوداوية، نعم نعرف أن المخاوف تظهر أكثر لدى الذين كانت طفولتهم لا تخلو من صعوبات وضغوطات وتنشئة منضبطة أكثر مما يجب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ 1680 الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ
لدي خوف وصعوبة عند الحديث مع الناس.. أريد حلا 1257 الأحد 09-08-2020 02:09 صـ
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ 2340 الخميس 23-07-2020 06:16 صـ
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ 1667 الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ 3567 الأحد 19-07-2020 09:33 مـ