العقوبات تكفر الذنوب وتقوم على الرحمة والعدل
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
العقوبات تكفر الذنوب، وتقوم على الرحمة والعدل، لا الانتقامالعقوبات جزء من الشريعة، وهي رحمة كلها [1]، وعدل كلها، وأحكام الشريعة متكاملة ومترابطة، لها أسس ومقاصد لا يجوز تغييرها والتلاعب بها، وهي بهذا بعيدة كل البعد عن الأهواء والشهوات، وردود الأفعال كما هو الحال في جرائم الشرف، فلا يمكن أن ترتبط العقوبات في الإسلام بعقلية الانتقام، والقرار المتسرع، يقول الإمام محمد أبو زهرة: " العدالة والرحمة متلازمتان "[2].
والأدلة على ذلك كثيرة منها:
أ - قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].
ب - عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- في مجلس فقال: بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، وقرأ هذه الآية كلها فمن وفًّى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارته، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه [3].
ج - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما خير النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يأثم، فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه، والله ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه قط حتى تنتهك حرمات الله فينتقم لله[4].
د - عن عبادة بن الصامت، قال بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في عسرنا، ويسرنا، ومنشطنا، ومكارهنا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالعدل أين كنا لا نخاف في الله لومة لائم[5].
ويوضح العز بن عبد السلام ذلك بقوله: " وحاصل هذا كله التسوية في الأحكام عند التساوي في الأسباب....
ويجب على الحكام التسوية بين الخصوم في الإعراض، والإقبال وغير ذلك؛ لأن تقديم أحد الخصمين موجب لإيغار صدر الآخر وحقده "[6].
[1] العقوبة في الشريعة الإسلامية، د.
عبد الكريم زيدان، ص 11.
[2] الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي، ص 9.
[3] صحيح البخاري، باب الحدود كفارة، رقم 6402، ج 6 ص 2490.
[4] صحيح البخاري، باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله، رقم 6404، ج 6 ص 2491.
[5] الحديث صحيح، السنن الكبرى للنسائي، باب البيعة على القول بالعدل، رقم 7773، ج 4 ص 422.
[6] قواعد الأحكام في مصالح الأنام ج1: ص61.