المرجحات عند التعارض ثلاثة وعشرون مرجحا (1)
مدة
قراءة المادة :
67 دقائق
.
المُرَجِّحَاتُ عِنْدَ التَّعَارُضِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ مُرَجِّحًا (1)قَوْلُهُ:(المُرَجِّحَاتُ عِنْدَ التَّعَارُضِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ مُرَجِّحًا):أي المرجِّحات التي يُلجأ إليها عند تعارض دليلين، ثلاثةٌ وعشرون مرجِّحًا.
قَوْلُهُ:(1-يُرَجَّحُ المُتَوَاتِرُ عَلَى الآحَادِ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما متواتر، والآخر آحاد، وجب ترجيح النص المتواتر على الآحاد[1].
لأن المتواتر تيقُّنُه أرجحُ من الآحاد[2]، ولأن ما كان رواتُه أكثر كان أقوى في النفس وأبعد من الغلط والسهو[3].
والمتواتر قد يكون من الكتاب أو السنة، وقد تقدم تعريفه، وتعريف الآحاد في الباب الرابع.
مثال [1]: عَنْ عبدالله بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ[4] فَقَدْ طَهُرَ)[5].
وعَنْ عبدالله بن عُكَيْمٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلَا عَصَبٍ)[6].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت طهارة جلود الميتة بالدباغ.
والرواية الثانية تُثْبِت عدم طهارة جلود الميتة مطلقًا سواء كان بالدباغ، أو غيره.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى متواترة.
والرواية الثانية آحاد[7].
قال الإمام الطحاوي: (فقد جاءت هذه الآثار متواترة في طهور جلد الميتة بالدباغ، وهي ظاهرة المعنى، فهي أَولى من حديث عبدالله بن عُكَيمٍ الذي لم يَدُلَّنا على خلاف ما جاءت به هذه الآثار)[8].
مثال [2]: عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أيضًا[9].
وقال عبدالله بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه: (أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَصَلَّى، فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ)[10].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت مشروعية رفع اليدين في الصلاة عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، والرفع منه.
والرواية الثانية تُثْبِت الرفعَ عندتكبيرة الإحرام فقط.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى متواترة.
والرواية الثانية آحاد.
قال الإمام الشافعي: (بهذه الأحاديث[11] تركنا ما خالفها من الأحاديث؛ لأنها أثبت إسنادًا منه، وأنها عددٌ، والعددُ أولى بالحفظ من الواحد)[12].
ولا يوجد مثال صحيح على ترجيح الكتاب على السنة الآحاد.
قَوْلُهُ:(2-يُرَجَّحُ المُتَّصِلُ عَلَى المُرْسَلِ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما متصل، والآخر مرسل وجب ترجيحُ النصِّ المتصل على النص المرسل.
لأن المتصل مُتَّفَق عليه، والمرسل مُختَلَف عليه[13].
لأن فيه مَزِيَّة الإسناد، فيُقدَّم بها.
ولأن المرسل قد يكون بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم مجهول.
ولأنه مختلففي كونه حجة، والمسند مُتَّفَق على حجيَّته[14].
وقد تقدم تعريف الحديثِ المتصِل، والحديث المرسل في الباب الثاني.
مثال [1]: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعبَّاسٍ: (يَا عَبَّاسُ، أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا)[15].
وقال الحكم: (وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا)[16].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت أن مُغيثًا كان عبدا.
والرواية الثانية تُثْبِت أنه كان حرًّا.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى متصلة.
والرواية الثانية مرسلة[17].
مثال [2]: عنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ)[18].
وعَنْ عبدالله بن مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ: صَلَّى أَعْرَابِيٌّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَبَالَ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (خُذُوا مَا بَالَ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ فَأَلْقُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى مَكَانِهِ مَاءً)[19].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ التراب الذي بال عليه الأعرابي، واكتفى بإراقة الماء على البول، وهذا بخلاف الرواية الثانية.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على وصلها، والثانية مرسلة[20].
مثال [3]: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا....، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ)[21].
وعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا)[22].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى شرع النبي صلى الله عليه وسلم للمأمومين أن يصلوا جلوسًا إذا صلى الإمام جالسًا بخلاف الرواية الثانية، فقد نهى عن ذلك.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على وصلها، والثانية مرسلة[23].
قال الدار قطني: (الحديث مرسل لا تقوم به حجة)[24].
مثال [4]: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ، فَقَامَ، فَأَطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتِ الشَّمْسُ[25].
وعَنْ قَبِيصَةَ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: كُسِفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ فَزِعًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَانْجَلَتْ، فَقَالَ: (إِنَّمَا هَذِهِ الْآيَاتُ يُخَوِّفُ اللهُ بِهَا فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا مِنَ الْمَكْتُوبَةِ)[26].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى شرع النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الخسوف والكسوف صفةً معينة بخلاف الرواية الثانية، ففيها أن صلاة الكسوف تُصلَّى مثل آخر صلاة مكتوبة.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على وصلها، والثانية مرسلة[27].
مثال [5]: عَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ، فَسُئِلَ النَّبِيُّصلى الله عليه وسلم عَنْهَا فَقَالَ: (أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ)[28].
وعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ قَالَ: (إِنْ كَانَ جَامِدًا أُخِذَ مَا حَوْلَهَا قَدْرَ الْكَفِّ)[29].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى فيها مشروعية أكْل السَّمن الجامد إذا وقعت فيه فأرة إلا ما حول الفأرة فقط.
والرواية الثانية فيها إلقاء قدْر الكفِّ من حول الفأرة.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على وصلها، والثانية مرسَلة[30].
قَوْلُهُ: (3-تُرَجَّحُ رِوَايةُ الأَوْثَقِ وَالأَضْبَطِ وَالأَفْقَهِ عَلَى مَنْ دُونَهُ):أي إذا تعارض دليلان أحدهماراوِيه أوثقُ وأضبطُ وأفقهُ، والآخر راوِيه دُونَه وجب ترجيح رواية الأوثق والأضبط والأفقه على الرواية الأخرى[31].
لأن رواية الأوثق والأضبط أغلب على الظن[32].
ولأن الفقيه يُميز بين ما يجوز وبين ما لا يجوز، فإن حضر المجلس وسمع كلامًا لا يجوز إجراؤه على ظاهره بحث عنه، وسأل عن مُقدِّمَتِه، وسبب وروده، فحينئذ يطلع على الأمر الذي يزول به الإشكال.
أما من لم يكن عالِمًا، فإنه لا يُميز بين ما يجوز وبين ما لا يجوز، فينقلالقدر الذي سمعه، وربما يكون ذلك القدر وحده سببًا للضلال[33].
مثال [1]: عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: (أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ، ثُمَّ يَصُومُهُ)[34].
وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا يَصُومُ)[35].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت مشروعية صوم من أصبح جُنُبًا.
والرواية الثانية تُثْبِت عدم جواز صوم من أصبح جُنُبًا.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى راويتُها أفقه وهي عائشة رضي الله عنها.
والرواية الثانية من رواية أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، وهو أقلُّ فقهًا من عائشةَ رضي الله عنها.
مثال [2]: عَنْ وَائِلٍ رضي الله عنه، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ: (آمِينَ) يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ[36].
وعَنْ وَائِلٍ رضي الله عنه، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ حِينَ قَالَ: ﴿ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]، قَالَ: (آمِينَ) وَيَخْفِضُ بِهَا صَوْتَهُ[37].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى فيها رفع صوت الإمام بالتأمين.
والرواية الثانية فيها خفض صوت الإمام بالتأمين.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى من رواية سفيانَ الثوريِّ، وهو أفقهُ من شُعْبةَ بن الحجَّاج الذي روى الرواية الثانية[38]، مع أن كلاهما ثقة حافظ[39].
مثال [3]: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ، فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ)[40].
وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، قَالَ: (حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ)[41].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى فيها مشروعية الجلوس إذا وُضعت الجنازة على الأرض قبل إدخالها القبر.
والرواية الثانية فيها عدم مشروعية الجلوس حتى يُوضعَ الميتُ في القبر.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى من رواية سفيانَ الثوريِّ، وهو أحفظ من أبي مُعاوية الذي روى الرواية الثانية[42].
قَالَ الإمامُ أَبُو دَاوُدَ السَّجِسْتَانيُّ: (وَسُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ)[43].
قَوْلُهُ: (4-يُرَجَّحُ الأَكْثَرُ رُوَاةً عَلَى الأَقْلِّ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما رواته أكثر من الآخر، وجب ترجيح الدليل الأكثر رواة؛ لأنه رواية الأكثر تكون أقوى في الظن، وأبعد عن الخطأ والغلط والنسيان، وعن تعمُّد الكذب[44].
مثال [1]: عن ابن عمرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أيضًا[45].
وقال عبدالله بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه: (أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَصَلَّى، فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ)[46].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت مشروعية رفع اليدين في الصلاة عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، والرفع منه.
والرواية الثانية أثبتت الرفع عند تكبيرة الإحرام فقط.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى أكثرُ رواةً بلغوا ثلاثةً وثلاثين صحابيًّا[47].
والرواية الثانية أَقلُّ رواةً.
وهذا المثال على قول من يقول بأن الحديث لم يبلغ حد التواتر.
مثال [2]: عن بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ)[48].
وعَنْ طَلْقٍ بنِ عَليٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا تَرَى فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: (هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ)، أَوْ قَالَ: (بَضْعَةٌ مِنْهُ)[49].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُوجِب الوضوء على من مس ذكره.
والرواية الثانية لا تُوجِب الوضوء على مَن مسَّ ذَكَرَه.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى أكثر رواة من الثانية، فالثانية لم يَرْوِها إلا واحد.
مثال [3]: عَنْ عبدالله بن الزُّبَيْرِ رضي الله عنه، قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ، جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ، وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ)[50].
وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَيْفَ يُصَلِّي؟ قَالَ: (...
ثُمَّ رَفَعَ إِصْبَعَهُ، فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا)[51].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الأولى تفيد الإشارة فقط بالأصبع.
والرواية الثانية تفيد تحريك الأصبع.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى هي رواية الأكثر.
والرواية الثانية تَفرَّد بها زائدة فقط[52].
قال الإمام ابن خُزَيْمَةَ: (ليس في شيء من الأخبار (يُحرِّكُهَا) إلا في هذا الخبر، زائدةُ ذَكَرَهُ)[53].
مثال [4]: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ)[54].
وعنْ أُسَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ)[55].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الأولى تُحرِّم ربا الفضل، وربا النسيئة.
والرواية الثانية تُجوِّز ربا الفضل.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى هي رواية الأكثر.
والرواية الثانية تَفرَّد بها أسامة رضي الله عنه[56].
مثال [5]: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي)[57].
وفي رواية ابنِ سمعانَ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ: (إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (قَالَ اللهُ عز وجل: إِنِّي قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لَهُ، يَقُولُ عَبْدِي إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1][58].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت مشروعية البَداءة بـ ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ في الصلاة.
والرواية الثانية تُثْبِت مشروعية البَداءة بـ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ في الصلاة.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على عدالة رواتها، بخلاف الرواية.
قال الدار قطني: (اتفاقهم على خلاف ما رواه ابن سمعان أولى بالصواب)[59].
قَوْلُهُ: (5-تُرَجَّحُ رِوَايةُ الرَّاوِي المُتَفَقِ عَلَى عَدَالَتِهِ عَلَى المُخْتَلَفِ فِي عَدَالَتِهِ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما راويه مُتَّفَق على عدالته وتزكيته، والآخر مختلف في عدالته وتزكيته، وجب تقديم رواية المُتَّفَق على عدالته وتزكيته؛ لأن رواية المُتَّفَق على عدالته أقوى في الظن، والاختلاف في العدالة سبب لضَعف الحديث[60].
مثال [1]: عن بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ رضي الله عنها أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ)[61].
وعَنْ طَلْقٍ بنِ عَليٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا تَرَى فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: (هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ)، أَوْ قَالَ: (بَضْعَةٌ مِنْهُ)[62].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى توجب الوضوء على مَن مسَّ ذكَرَه.
والرواية الثانية لا توجب الوضوء على من مسَّ ذَكَرَه.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على عدالة رواتها، بخلاف الرواية الثانية فمُخْتَلَف في عدالة رواتها، ولكثرة المزكِّين لرواة حديث بُسْرَة، وقِلَّة ذلك في حديث طَلْق[63].
مثال [2]: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: (وَاللهِ مَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ الْبَيْضَاءِ إِلَّا فِي المَسْجِدِ)[64].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ)[65].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية، فالرواية الأولى تفيد مشروعية صلاة الجنازة في المسجد.
والرواية الثانية تُفيد أن من صلَّى الجنازة المسجد، فلا شيء له من الثواب.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى رواتها مُتَّفَق على توثيقهم، والرواية الثانية فيها صالح مولى التَّوْءَمة مُخْتَلَف في عدالته.
قال الإمام البَيهقيُّ: (حديث عائشة رضي الله عنها أصح منه[66]، وصالح مولى التَّوْءَمة مُختَلَف في عدالته كان مالكُ بن أنس يُجَرِّحُهُ)[67].
قَوْلُهُ: (6-يُرَجَّحُ مَا سَلِمَ مِنَ الاِضْطِرَابِ عَلَى المُضْطَرِبِ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما سَلِم من الاضطراب، والآخر مضطرب وجَب ترجيح ما سلِم من الاضطراب على المضطرب.
لأن ما سلِم من الاضطراب يدل على حفظه وضبطه، وسوء حفظ صاحبه.
ولأن ما لا اضطراب فيه أشبه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الاضطراب سببٌ لضَعف الحديث[68].
والمضْطَّرب من الحديث: هو الذي تختلف الرواية فيه، فيرويهبعضهم على وجه، وبعضهم على وجه آخر مخالِف له[69]، وهو يقع في الإسناد غالبًا، وقد يقع في المتن[70].
مثال [1]: عَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا فَقَالَ: (أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ)[71].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ فَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا، وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ)[72].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُبيِّن أن الفأرة إذا وقعت في سمن أُلقِي ما حولها فقط، وجاز أكل ما حولها، أما الرواية الثانية فَتُبيِّنُ أن الفأرة إذا وقعت في السمن، إن كان جامدًا أُلْقِي ما حول الفأرة فقط، وإن كان مائعًا أُلقي كلُّه.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى سلمت من الاضطراب سندًا ومتنًا، بخلاف الرواية الثانية التي اضطُرِب سندُها ومتنُها[73].
مثال [2]: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: وَجَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَاةً مَيِّتَةً، أُعْطِيَتْهَا مَوْلاَةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟)، قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ: قَالَ: (إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا)[74].
وعَنْ عبدالله بن عُكَيْمٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلَا عَصَبٍ)[75].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت طهارة جلود الميتة بالدباغ، والرواية الثانية تُثْبِت عدم طهارة جلود الميت مطلقًا، سواء كان بالدباغ، أو غيره.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى سالمة من الاضطراب، والرواية الثانية مضطربة الإسناد[76].
قال الإمام الترمذي: (ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لمَّا اضطربوا في إسناده)[77].
مثال [3]: عن ابن عمرَ رضي الله عنهما، (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أيضًا)[78].
وعَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه، (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ لَا يَعُودُ)[79].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت مشروعية رفع اليدين في الصلاة عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، والرفع منه.
والرواية الثانية تُثْبِت الرفع عندتكبيرة الإحرام فقط.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى سلِمت من الاضطراب، والرواية الثانية اضطرب لفظُها[80].
مثال [4]: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ - يُرِيدُ - سَاعَةً، لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ عز وجل شَيْئًا، إِلَّا أَتَاهُ اللهُ عز وجل، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ)[81].
وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عبدالله بن عُمَرَ: أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ)[82].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تنص على أن ساعة الإجابة من يوم الجمعة هي آخر ساعة بعد العصر.
والرواية الثانية تنص على أن ساعة الإجابة هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقْضى صلاة الجمعة.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى سالمة من الاضطراب.
والرواية الثانية مضطربة رويت مرفوعةً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورويت موقوفةً على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، ورويت مقطوعةً من قول أبي بُرْدَة[83].
قال الحافظ ابن حجر: (أُعل بالانقطاع والاضطراب)[84].
مثال [5]: عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ)[85].
وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ)[86].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى فيها مشروعية الصلاة على السِّقط.
والرواية الثانية فيها عدم مشروعية الصلاة على السِّقط حتى يستهلَّ صارخًا.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى سالمة من الاضطراب.
والرواية الثانية مضطربة رُويت مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورُويت موقوفة على جابر رضي الله عنه.
قال الإمام الترمذي: (هذا حديثٌ قد اضطرب الناس فيه، فرواه بعضهم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا، وروى أشعثُ بنُ سَوَّارٍ، وغير واحد، عن أبي الزبير، عن جابر موقوفًا، وروى محمد بن إسحاق، عن عطاء بن أبي رَبَاح، عن جابرٍ موقوفًا)[87].
قَوْلُهُ: (7-يُرَجَّحُ مَا لَه شَوَاهدُ عَلَى مَا لَا شَاهِدَ لَهُ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما له شواهد عديدة، والآخر له شاهد واحد، وجب ترجيحُ ما له شواهد عديدة على ما لا شاهد له؛ لأن كثرة الشواهد والأدلة توجب مزيد الظن بالمدلول، فيكون من باب القضاء بالراجح[88].
مثال: عَنْ أبي مُوسَى رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ)[89].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)[90].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تحرِّم نكاح المرأة نفسها بغير وليِّ، والرواية الثانية تجوِّز للمرأة أن تُنْكِح نفسها.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الثانية؛ لأن الرواية الأولى لها شواهد؛ منها:
عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ)[91].
والرواية الثانية لا شاهد لها.
قَوْلُهُ: (8-تُرَجَّحُ رِوَايةُ الصَّحَابِيِّ صَاحِبِ الوَاقِعَةِ عَلَى غَيرِهِ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما من رواية صاحب الواقعة، والثاني من رواية غيره، وجب ترجيحُ رواية صاحب الواقعة على رواية غيره.
لأن صاحبَ القصة أعرفُ بحاله من غيره، وأكثرُ اهتمامًا[92].
مثال [1]:عن مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رضي الله عنها (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ)[93]،
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: (تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ)[94].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ميمونة رضي الله عنها، وهو حلالٌ غيرُ مُحرِم بحجٍّ أو عمرة.
والرواية الثانية تُثْبِت أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الثانية؛ لأن الرواية الأولى من رواية صاحب الواقعة، وهي ميمونة رضي الله عنها وهي المعقود عليها، فهي أعرفُ بوقت عَقدها من غيرها لاهتمامها به ومراعاتها لوقته.
والرواية الثانية من رواية ابن عباس رضي الله عنهما.
مثال [2]: عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: (أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ، ثُمَّ يَصُومُهُ)[95].
وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا يَصُومُ)[96].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت مشروعية صوم من أصبح جُنُبًا.
والرواية الثانية تُثْبِت عدم جواز صوم من أصبح جُنُبًا.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى راويتها صاحبة الواقعة، وهي عائشة رضي الله عنها، والرواية الثانية من رواية أبي هريرة رضي الله عنه.
قَوْلُهُ: (9-تُرَجَّحُ رِوَايةُ الرَّاوِي عَلَى رَأْيهِ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما من رواية الراوي، والثاني من رأيه وجَب ترجيح روايته على رأيه؛ لأن الحجة في لفظ النبي صلى الله عليه وسلم لا في مذهب الراوي، فوجب المصيرُ إلى الحديث[97].
ولأن الصحابيَّ قد يروي شيئًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ينسى ما رواه، فيُفتي بخلافه[98].
مثال [1]: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مِرَارٍ)[99].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: (إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَأَهْرِقْهُ، ثُمَّ اغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ)[100].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى توجب غسل الإناء من ولوغ الكلب سبع مرات،
والرواية الثانية توجب غسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاث مرات فقط.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى من رواية الراوي، وهو أبو هريرة رضي الله عنه، والرواية الثانية من رأيه[101].
مثال [2]: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٍ[102] مِنْ وَرِقٍ[103]، فَقَالَ: (مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟)، فَقُلْتُ: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: (أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟)، قُلْتُ: لَا، أَوْ مَا شَاءَ اللهُ، قَالَ: (هُوَ حَسْبُكِ مِنَ النَّارِ)[104].
وعنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها (أَنَّها كَانَتْ تَلِي بَنَاتَ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حَجْرِهَا لَهُنَّ الْحَلْيُ، فَلَا تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ)[105].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الأولى الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى توجب الزكاة في حُلِّي المرأةَ، والرواية الثانية تبين عدم وجوب الزكاة في حلي المرأة.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى من رواية الراوي وهي عائشة رضي الله عنها، والرواية الثانية من رأيه.
قَوْلُهُ: (10-تُرَجَّحُ رِوَايةُ المُثْبِتِ عَلَى النَّافِي):أي إذا تعارض دليلان أحدهما يثبتُ حكمًا، والآخر ينفيه، وجب تقديم رواية المثبِت إذا كان عدلًا ثبتًا على رواية النافي[106]؛ لأن مع المثبتِ زيادة علم خَفِيَت على النافي[107].
مثال [1]: عن بلالٍ رضي الله عنه (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ)[108].
وعَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يُصَلِّ فِي الْكَعْبَةِ)[109].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة، والرواية الثانية تنفي صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مثبِتة للحكم، والرواية الثانية نافية للحكم[110].
مثال [2]: عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ (أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سُبَاطَةَ قَوْمٍ[111] فَبَالَ قَائِمًا)[112].
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ، مَا كَانَ يَبُولُ إِلَّا قَاعِدًا)[113].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تُثْبِت أن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائمًا، والرواية الثانية تنفي ذلك.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مثبِتة للحكم، والرواية الثانية نافية له.
مثال [3]: عَنْ بَعْضِ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَتِسْعًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ)[114].
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ)[115].
والشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صام تسعَ ذي الحجة، والرواية الثانية تنفي ذلك.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مثبِتة للحكم، والرواية الثانية نافية له.
قَوْلُهُ: (11-يُرَجَّحُ مَا اتُّفَقَ عَلَى رَفْعِهِ عَلَى مَا اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما من رواية مُتَّفَق على رفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والأخرى مختَلفٌ في رفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ووقفها على الصحابي، وجَب ترجيح ما اتُّفِق على رفعها[116].
لأن المُتَّفَق على رفعها أغلب على الظن[117]، ولأن المُتَّفَق على رفعها حُجَّة من جميع جهاته، والمختلَف في رفعها على تقدير الوقف هل يكون حجة أم لا؟ فيه خلاف، والأخذ بالمُتَّفَق عليه أقرب إلى الحيطة[118]، ولأن الاتفاق على الشيء يوجب له قوة، ويدل على ثبوته وتمكُّنه في بابه، والاختلاف فيه يوجب له ضعفًا، ويدل على تزلزُلِه في بابه[119]، ولأن للمُتَّفَق عليه مزيَّة على المختلف فيه[120].
مثال: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ)[121].
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَرَاءَ إِمَامٍ)[122].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى توجب قراءة الفاتحة في الصلاة مطلقًا، والرواية الثانية لم توجبها وراء الإمام.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على رفعها، والرواية الثانية مختلف في رفعها ووقفها[123].
قَوْلُهُ: (12-يُرَجَّحُ مَا اتُّفَقَ عَلَى وَصْلِهِ عَلَى مَا اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ):أي إذا تعارض دليلان أحدهما مُتَّفَق على وصله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر مختلَف في وصله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإرساله إلى التابعي - وجبَ تقديمُ المُتَّفَق على وصله؛ لأن المتَّصل مُتَّفَق عليه، والمرسل مختلف عليه[124]، ولأن المرسلَ أكثرُ الناس على ترك الاحتجاج به، والمتصل مُتَّفَق عليه فلا يقاومه[125]، ولأن فيه مَزيَّة الإسناد، فيُقدَّم بها، ولأن المرسَل قد يكون بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم مجهول، ولأنه مُخْتَلَفٌفي كونه حجة، والمسند مُتَّفَق على حجيته[126].
مثال: عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قالَ: (جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الشُّفْعَةَ[127] فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ[128]، فَلَا شُفْعَةَ)[129].
وعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الشَّرِيكُ شَفِيعٌ، وَالشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ)[130].
الشاهد: الرواية الأولى تعارض الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى تجوِّز الشُّفْعة في المشاعمن الأرض والعَقار فقط،
والرواية الثانية تُثْبِت حق الشفعة في كل شيء.
الترجيح: تُرجَّح الرواية الأولى على الرواية الثانية؛ لأن الرواية الأولى مُتَّفَق على وصلها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والرواية الثانية مختلف في وصلها وإرسالها[131].
[1] انظر: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ، للحازمي، صـ (9)، والمختصر في أصول الفقه، لابن اللحام، صـ (170).
[2] انظر: الإحكام في أصول الأحكام (4/ 245).
[3] انظر: روضة الناظر (3/ 1030).
[4] الإهاب: الجلد.
[انظر: معالم السنن (4/ 200)].
[5] صحيح: رواه مسلم (366).
[6] صحيح: رواه أبو داود (4128)، والترمذي (1729)، والنسائي (4249)، وابن ماجه (3613)، وأحمد (18780)، وصححه الألباني.
[7] انظر: نظم المتناثر من الحديث المتواتر، للكتاني، صـ (49-50).
[8] انظر: شرح معاني الآثار، للطحاوي (1/ 471).
[9] صحيح: رواه البخاري (735).
[10] صحيح: رواه الترمذي (257)، وحسنه، وصحَّحه الألباني.
[11] أي: أحاديث رفع اليدين.
[12] انظر: اختلاف الحديث، للشافعي (8/ 634).
[13] انظر: روضة الناظر (3/ 1037).
[14] انظر: الإحكام في أصول الأحكام (4/ 245-246)، والمختصر في أصول الفقه، لابن اللحام، صـ (170)، وشرح الكوكب المنير (4/ 648-649).
[15] صحيح: رواه البخاري (5283).
[16] انظر: صحيح البخاري (8/ 154).
[17] انظر: صحيح البخاري (8/ 154).
[18] متفق عليه: رواه البخاري (220)، واللفظ له، ومسلم (284).
[19] مرسل: رواه أبو داود (381)، وقال: «هُوَ مُرْسَلٌ ابْنُ مَعْقِلٍ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم».
[20] انظر: سنن أبي داود (1/ 103).
[21] متفق عليه: رواه البخاري (689)، ومسلم (411).
[22] مرسل: رواه عبد الرزاق في مصنفه (4087)، وابن حبان في صحيحه (5/ 483)، والدار قطني في سننه (1485)، وقال: «لم يروه غير جابر الجعفي، عن الشعبي وهو متروك، والحديث مرسل لا تقوم به حجة»، والبيهقي في المعرفة (5710)، والكبرى (5075)، وضعفه.
[23] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 62).
[24] انظر: السنن، للدار قطني (2/ 252)
[25] متفق عليه: رواه البخاري (1044)، ومسلم (901).
[26] مرسل: رواه أبو داود (1185)، والنسائي (1485)، وأحمد (20607)، والبيهقي في الكبرى (6338)، وقال: «لم يسمعه أبو قلابة عن قبيصة، إنما رواه عن رجل عن قبيصة».
[27] انظر: المغني، لابن قدامة (3/ 327).
[28] صحيح: رواه البخاري (5538).
[29] مرسل: رواه عبدالرزاق في مصنفه (282)، وقال ابن حزم في المحلى (1/ 147): «هذا إنما جاء مرسلًا من رواية أبي جابر البياضي - وهو كذاب - عن ابن المسيب فقط، ومن رواية شريك بن أبي نمر - وهو ضعيف - عن عطاء بن يسار، وشريك ضعيف، ولا حجة في مرسل ولو رواه الثقات، فكيف من رواية الضعفاء».
[30] انظر: المحلى، لابن حزم (1/ 147).
[31] انظر: روضة الناظر (3/ 3/ 1032)، والإحكام في أصول الأحكام (4/ 244)، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ، صـ (10، 15)، والمختصر في أصول الفقه، لابن اللحام، صـ (169)، وشرح الكوكب المنير (4/ 635).
[32] انظر: الإحكام في أصول الأحكام (4/ 243).
[33] انظر: المحصول، للرازي (5/ 416).
[34] متفق عليه: رواه البخاري (1931)، ومسلم (1109).
[35] صحيح: رواه النسائي في الكبرى (2945)، وأحمد (7388)، وصحَّحه أحمد شاكر، والألباني في السلسلة الصحيحة (3/ 11).
[36] صحيح: رواه النسائي (879)، وصححه الألباني.
[37] صحيح: رواه الطبراني في الكبير (112)، والحاكم في المستدرك (2913)، وصححه، وقال: «على شرط الشيخين، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.
[38] انظر: إتحاف المهرة (13/ 662).
[39] انظر: تقريب التهذيب، لابن حجر، صـ (244، 266).
قال الحافظ ابن حجر: سفيان الثوري «ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة»؛ [انظر: التقريب، صـ (244)].
وقال: شعبة بن الحجاج «ثقة حافظ متقن»؛ [انظر: التقريب، صـ (266)].
[40] متفق عليه: رواه البخاري (1310)، ومسلم (959).
[41] صحيح: رواه مسلم (945)، وأبو داود (3173).
[42] انظر: إتحاف المهرة (13/ 662).
[43] انظر: سنن أبي داود (3/ 203).
[44] انظر: المحصول (5/ 401-402)، والإحكام في أصول الأحكام (4/ 242-243)، وروضة الناظر (3/ 1030)، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ، صـ (9)، والمختصر في أصول الفقه، لابن اللحام، صـ (169)، وشرح الكوكب المنير (4/ 628-632).
[45] صحيح: رواه البخاري (735).
[46] صحيح: رواه الترمذي (257)، وحسنه، وصححه الألباني.
[47] انظر: شرح الكوكب المنير (4/ 631-632).
[48] صحيح: رواه أبو داود (181)، والترمذي (82)، وقال: حسن صحيح، والنسائي (163)، وابن ماجه (479)، وأحمد (27293)، وصححه الألباني.
[49] صحيح: رواه أبو داود (182)، والترمذي (85)، وأحمد (16295)، وصححه الألباني.
[50] صحيح: رواه مسلم (579).
[51] صحيح: رواه النسائي (889)، وأحمد (18870)، وصححه الألباني (2/ 69).
[52] انظر: صحيح ابن خزيمة (1/ 354).
[53] انظر: صحيح ابن خزيمة (1/ 354).
[54] صحيح: رواه مسلم (1587).
[55] متفق عليه: رواه البخاري (2178)، ومسلم (1596).
[56] انظر: فتح الباري، لابن حجر (1/ 12-13).
[57] صحيح: رواه مسلم (395).
[58] ضعيف: رواه الدار قطني في سننه (1189)، وقال: «ابن سمعان هو عبدالله بن زياد بن سمعان متروك الحديث».
[59] انظر: السنن، للدار قطني (2/ 85).
[60] انظر: الإبهاج في شرح المنهاج (3/ 222)، ونهاية السول، صـ (379)، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ، صـ (10)، والإحكام في أصول الأحكام (4/ 245)، والمختصر في أصول الفقه، لابن اللحام، صـ (169)، والبحر المحيط في أصول الفقه (8/ 177).
[61] صحيح: رواه أبو داود (181)، والترمذي (82)، وقال: حسن صحيح، والنسائي (163)، وابن ماجه (479)، وأحمد (27293)، وصححه الألباني.
[62] صحيح: رواه أبو داود (182)، والترمذي (85)، وأحمد (16295)، وصحَّحه الألباني.
[63] انظر: الإبهاج في شرح المنهاج (3/ 222)، ونهاية السول، صـ (379)، والبحر المحيط في أصول الفقه (8/ 177).
[64] صحيح: رواه أبو داود (3189)، وصححه الألباني.
[65] حسن: رواه أبو داود (3191)، وابن ماجه (1517)، وأحمد (9865)، وحسنه الألباني.
[66] أي: أصح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[67] انظر: السنن الكبرى، للبيهقي (4/ 86).
[68] انظر: المستصفى، صـ (376)، والإحكام في أصول الحكام (4/ 248)، وشرح تنقيح الفصول، للقرافي (2/ 418، 424)، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ، صـ (14-15)، وشرح الكوكب المنير (4/ 652-653).
[69] انظر: مقدمة ابن الصلاح، صـ (93-94).
[70] انظر: نزهة النظر، صـ (95-96).
[71] صحيح: رواه البخاري (5538).
[72] صحيح: رواه أبو داود (3842)، والترمذي (1798)، وقال: حسن صحيح، والنسائي (4260)، وأحمد (7591)، وصححه أحمد شاكر، والألباني.
[73] انظر: مجموع الفتاوى (21/ 490).
[74] متفق عليه: رواه البخاري (1492)، ومسلم (363).
[75] صحيح: رواه أبو داود (4128)، والترمذي (1729)، والنسائي (4249)، وابن ماجه (3613)، وأحمد (18780)، وصححه الألباني.
[76] انظر: معالم السنن (4/ 203).
[77] انظر: سنن الترمذي (4/ 422).
[78] صحيح: رواه البخاري (735).
[79] ضعيف: رواه أبو داود (749)، وضعفه الألباني.
[80] انظر: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ، صـ (14-15).
[81] صحيح: رواه أبو داود (1048)، والنسائي (1389)، وصححه الألباني.
[82] صحيح: رواه مسلم (853).
[83] انظر: الإلزامات والتتبع، للدار قطني، صـ (167)، وفتح الباري، لابن حجر (2/ 420-422).
[84] انظر: فتح الباري، لابن حجر (2/ 422).
[85] صحيح: أبو داود (3180)، والترمذي (1031)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (1507)، وأحمد (18174).
[86] صحيح: رواه الترمذي (1032)، وصححه الألباني.
[87] انظر: سنن الترمذي (3/ 341).
[88] انظر: المحصول (5/ 401)، والإحكام في أصول الأحكام (4/ 264)، وشرح تنقيح الفصول (2/ 412)، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ، صـ (17).
[89] صحيح: رواه أبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجه (1881)، وأحمد (19518)، وصححه الألباني.
[90] صحيح: رواه مسلم (1421).
[91] صحيح: رواه أبو داود (2083)، والترمذي (1102)، وحسنه، واللفظ له، وابن ماجه (1879)، والنسائي في الكبرى (5373)، وأحمد (24205)، عن عائشة رضي الله عنها، وصحَّحه الألباني.
[92] انظر: العدة في أصول الفقه (3/ 1024-1026)، وروضة الناظر (3/ 1033-1034)، والإحكام في أصول الأحكام (4/ 243-244)، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ، صـ (11)، والمختصر في أصول الفقه، لابن اللحام، صـ (169)، وشرح الكوكب المنير (4/ 637-638).
[93] صحيح: رواه مسلم (1411).
[94] متفق عليه: رواه البخاري (4258)، ومسلم (1410).
[95] متفق عليه: رواه البخاري (1931)، ومسلم (1109).
[96] صحيح: رواه النسائي في الكبرى (2945)، وأحمد (7388)، وصححه أحمد شاكر، والألباني في الصحيح (3/ 11).
[97] انظر: شرح تنقيح الفصول، للقرافي (1/ 371)، وتيسير التحرير، للأمير بادشاه (3/ 72-73).
[98] انظر: المحلى بالآثار، لابن حزم (1/ 124).
[99] متفق عليه: رواه البخاري (172)، ومسلم (279)، واللفظ له.
[100] صحيح موقوف: رواه الدار قطني في السنن (196)، والبيهقي في المعرفة (1740)، بسند صحيح؛ [انظر: نصب الراية، للزيلعي (1/ 131)، والجوهر النقي، لابن التركماني (1/ 241)، وإتحاف المهرة، لابن حجر (15/ 377)].
[101] انظر: المحلى بالآثار، لابن حزم (1/ 124).
[102] فَتَخَات: أي خواتيم كبار تلبس في الأيدي، وربما وضعت في أصابع الأرجل، وقيل: هي خواتيم لا فصوص لها؛ [انظر: النهاية في غريب الحديث (3/ 408)].
[103] من وَرِق: أي من فِضَّة؛ [انظر: النهاية في غريب الحديث (5/ 175)].
[104] صحيح: رواه أبو داود (1565)، وصححه الألباني.
[105] صحيح: رواه مالك في الموطأ (10)، والشافعي في المسند (626)، وابن زنجويه في أموال (1782)، والبيهقي في الصغير (1203)، والكبرى (7535)، والمعرفة (8276)، وصححه الألباني في آداب الزفاف، صـ (264).
[106] انظر: صحيح البخاري (2/ 126).
[107] انظر: أصول السرخسي (2/ 21-22)، وروضة الناظر (3/ 1035)، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ، صـ (21)، والمُسَوَّدَة، صـ (110-111)، والإحكام في أصول الأحكام (4/ 261)، وشرح مختصر الروضة (3/ 698-701)، والبحر المحيط في أصول الفقه (6/ 242)، والمنثور في القواعد الفقهية، للزركشي (1/ 90-91)، وشرح الكوكب المنير (4/ 682).
[108] متفق عليه: رواه البخاري (1599)، ومسلم (1329).
[109] صحيح: رواه أحمد (1801)، وصححه أحمد شاكر.
[110] انظر: صحيح البخاري (2/ 126).
[111] سُباطة قوم:السُّباطة هي الموضع الذي يرمى فيه التراب والأوساخ، وما يكنس من المنازل، وقيل: هي الكناسة نفسها، وإضافتها إلى القوم إضافة تخصيص لا ملك؛ [انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 335)].
[112] متفق عليه: رواه البخاري (224)، ومسلم (273).
[113] صحيح: رواه الترمذي (12)، وصححه، والنسائي (29)، وابن ماجه (307)، وأحمد (25045)، وصحَّحه الألباني.
[114] صحيح: رواه النسائي (2372)، وأحمد (26468)، وصحَّحه الألباني.
[115] صحيح: رواه مسلم (1176).
[116] انظر: روضة الناظر (3/ 1037)، ونهاية السول، صـ (382)، والمختصر في أصول الفقه، صـ (170).
[117] انظر: الإحكام في أصول الأحكام (4/ 248).
[118] انظر: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ، صـ (15).
[119] انظر: شرح مختصر الروضة (3/ 692).
[120] انظر: شرح الكوكب المنير (4/ 652).
[121] متفق عليه: رواه البخاري (756)، ومسلم (394).
[122] صحيح موقوف: رواه مالك في الموطأ (38)، والدار قطني في سنن (1241)، وقال: الصواب موقوف، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (349)، [انظر: وبيان الوهم، لابن القطان (2/ 241)، ونصب الراية (2/ 18-19)، وإتحاف المهرة، لابن حجر (3810)، والجوهر النقي، لابن التركماني (2/ 160)].
[123] انظر: القراءة خلف الإمام، للبيهقي، صـ (159-162)، ونصب الراية (2/ 18-19)، والإبهاج في شرح المنهاج (3/ 225)، والبحر المحيط في أصول الفقه (8/ 181).
[124] انظر: روضة الناظر (3/ 1037).
[125] انظر: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ، صـ (15).
[126] انظر: الإحكام في أصول الأحكام (4/ 245-246)، والمختصر في أصول الفقه، لابن اللحام، صـ (170)، وشرح الكوكب المنير (4/ 648-649).
[127] الشفعة: تكون في الملك معروفة، وهي مشتقة من الزيادة؛ لأن الشفيع يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به، كأنه كان واحدًا وترًا، فصار زوجًا شفعًا؛ [انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 485)].
[128] صرفت الطرق: أي بيَّنت مصارفها وشوارعها؛ [انظر: النهاية في غريب الحديث (3/ 24)].
[129] متفق عليه: رواه البخاري (2213)، واللفظ له، ومسلم (1608)، ولفظه: «الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ، فِي أَرْضٍ، أَوْ رَبْعٍ، أَوْ حَائِطٍ، لَا يَصْلُحُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَى شَرِيكِهِ، فَيَأْخُذَ أَوْ يَدَعَ، فَإِنْ أَبَى، فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يُؤْذِنَهُ».
[130] مرسل: رواه الترمذي (1371)، والنسائي في الكبرى (6259)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (6014)، والطبراني في الكبير (11244)، والدار قطني في السنن (4525)، والمخلِّص في المخلِّصيات (1084)، والبيهقي في السنن الصغير (2145)، والمعرفة (2145)، والكبرى (11598).
ورواه عبد الرزاق في المصنف (8/ 87)، وابن أبي شيبة في المصنف (22069)، عن ابن أبي مليكة مرسلا.
قال الحافظ في الفتح (4/ 436): «رجاله ثقات إلا أنه أُعل بالإرسال، وأخرج الطحاوي له شاهدًا من حديث جابر بإسناد لا بأس برواته».
[131] انظر: سنن الترمذي (3/ 646)، وسنن الدار قطني (5/ 398)، وشرح السنة، للبغوي (8/ 245)، والسنن الصغير، للبيهقي (2/ 316)، ومعرفة السنن والآثار، للبيهقي (8/ 319)، وبيان الوهم، لابن القطان (2/ 492)، ونصب الراية (4/ 177)، وفتح الباري (4/ 436).