أرشيف المقالات

حديث: دبر رجل من الأنصار غلاما له

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
حديث: دبَّر رجلٌ من الأنصار غلامًا له
 
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: دبَّر رجلٌ من الأنصار غلامًا له".
 
وفي لفظ: بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلًا من أصحابه أعتق غلامًا له عن دُبُرٍ لم يكن له مال غيره، فباعه بثمانمائة درهم، ثم أرسل بثمنه إليه.
 
التدبير: تعلُّق عتق عبده بموته.
 
والأصل فيه السنة والإجماع؛ قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن من دبَّر عبده أو أمته، ولم يرجع عن ذلك حتى مات، والمدبِّر يخرج من ثلث ماله بعد قضاء دين إن كان عليه، وإنفاذ وصاياه إن كان قد أوصى، وكان السيد بالغًا جائز الأمر أن الحرية تجب له أو لها.
 
وقال الحافظ: المدبِّر الذي علق مالكه عتقه بموت مالكه؛ سُمي بذلك؛ لأن الموت دبر الحياة، أو لأن فاعله دبَّر أمر دنياه وأخرته، أما دنياه فباستمراره بالانتفاع بخدمة عبده، وأما آخرته فبتحصيل ثواب العتق، وهو راجع إلى الأول؛ لأن تدبير الأمر مأخوذ من النظر في العاقبة، فيرجع إلى دُبر الأمر وهو آخره.
 
قوله: (دبَّر رجل من الأنصار غلامًا له)، في رواية لمسلم عن جابر: أن رجلًا من الأنصار يقال له أبو مذكور، أعتق غلامًا له عن دبر، يقال له: يعقوب، لم يكن له مال غيره، فدعا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: من يشريه، فاشتراه نعيم بن عبدالله النحام بثمانمائة درهم، فدفعها إليه ...
الحديث، وفي رواية قال: أعتق رجلٌ من الأنصار غلامًا له عن دُبر، وكان محتاجًا، وكان عليه دين، فباعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثمانمائة درهم فأعطاه، فقال: اقضِ دينك، وأنفق على عيالك.
 
وترجم له البخاري: باب من باع مال المفلس أو المعدم، فقسَّمه بين الغرماء، أو أعطاه حتى ينفق على نفسه[1].
 
قال الحافظ: قال القرطبي وغيره: اتفقوا على مشروعية التدبير، واتفقوا على أنه من الثلث غير الليث وزفر، فإنهما قالا: من رأس المال، واختلفوا هل هو عقد جائز أو لازم، فمن قال لازم من التصرف فيه إلا بالعتق، ومن قال جائز، أجاز، وبالأول قال مالك والأوزاعي والكوفيون، وبالثاني قال الشافعي وأهل الحديث، وحُجتهم حديثُ الباب، ولأنه تعليق للعتق بصفة انفرد السيد بها، فيتمكن من بيعه كمن علق عتقه بدخول الدار مثلًا، ولأن من أوصى بعتق شخص جاز له بيعه باتفاق، فيلحق به جواز بيع المدبر؛ لأنه في معنى الوصية، وقيَّد الليث الجواز بالحاجة، وإلا فيُكره[2]؛ انتهى.
 
تتمة:
عن سفينة أبي عبد الرحمن قال: "أعتقتني أم سلمة، وشرطت عليَّ أن أخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ما عاش"؛ رواه أحمد وابن ماجه، وفي لفظ: وكنت مملوكًا لأم سلمة، فقالت: أُعتقك واشترط عليك أن تخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: لو لم تشترطي عليَّ، ما فارقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما عشت، فاعتقتني واشترطت عليَّ"؛ رواه أبو داود عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من وطئ أمته فولدت له، فهي معتقة عن دُبر منه"؛ رواه أحمد وابن ماجه، وفي لفظ: "أيما امرأة ولدت من سيدها، فهي معتقة عن دبر منه، أو قال من بعده"؛ رواه أحمد وعن ابن عباس قال: "ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أعتَقها ولدها"؛ رواه ابن ماجه والدارقطني.
 
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أعتق رقبة مسلم، أعتق الله بكل عضو منه عضوًا من النار حتى فَرْجَه بفرجِه"؛ متفق عليه.

[1] صحيح البخاري: (3/ 156).

[2] فتح الباري: (4/ 421، 422).

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢