أرشيف المقالات

قتال الملائكة يوم بدر

مدة قراءة المادة : 19 دقائق .
قتال الملائكة يوم بدر

قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 123-126].
 
وقال تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ﴾ [الأنفال: 9-12].
 
روى مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس، وجاء فيه قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه، فخر مستلقياً، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري، فحدث بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة"، فقتلوا يومئذ سبعين، وأسروا سبعين[1].
 
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث علي - رضي الله عنه - وفيه: فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيراً، فقال العباس: يا رسول الله، إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح[2] من أحسن الناس وجها، على فرس أبلق[3]، ما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال: "اسكت فقد أيدك الله تعالى بملك كريم" فقال علي: فأسرنا من بني عبد المطلب العباس، وعقيلاً، ونوفل بن الحارث[4].
 
وروى الأموي بسنده إلى ثعلبة بن صعير قال: خفق النبي - صلى الله عليه وسلم - خفقة في العريش، ثم انتبه فقال: "أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل معتجر بعمامته، آخذ بعنان فرسه، يقوده على ثناياه النقع، أتاك نصر الله وعدته"[5].
 
وروى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يوم بدر: "هذا جبريل آخذ برأس فرسه، عليه أداة الحرب"[6]، وروى أيضاً من حديث رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه - وكان أبوه من أهل بدر - قال: جاء جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: "من أفضل المسملين" - أو كلمة نحوها - قال: وكذلك من شهد بدراً من الملائكة[7].
 
وروى الحاكم في المستدرك من حديث عباد بن عبدالله بن الزبير قال: "كانت على الزبير بن العوام يوم بدر عمامة صفراء معتجر بها، فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر"[8].
 
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث علي - رضي الله عنه - قال: "قيل لعلي، ولأبي بكر يوم بدر: مع أحدكما جبريل، ومع الآخر ميكائيل، وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال، أو قال: يشهد الصف"[9].
 
وروى ابن جرير في تفسيره من حديث طلحة بن عبيد الله بن كريز أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما رؤي إبليس يوماً هو فيه أصغر، ولا أحقر، ولا أدحر، ولا أغيظ من يوم عرفة، وذلك مما يرى من تنزيل الرحمة والعفو عن الذنوب، إلا ما رأى جبريل يزع[10] الملائكة"[11].
 
وروى الطبراني في المعجم الكبير من حديث رفاعة بن رافع، وابن جرير من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: "أمد الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بألف، فكان جبريل في خمسمائة مجنبة، وميكائيل في خمسمائة مجنبة..
الحديث"[12].
 
وقد وردت أحاديث أخرى في قتال الملائكة يوم بدر، إلا أنها لا تسلم من الضعف.
 
قال ابن كثير - رحمه الله -:
ولما تنزلت الملائكة للنصر، ورآهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أغفى إغفاءة، ثم استيقظ، وبشر بذلك أبا بكر، وقال: "أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل يقود فرسه على ثناياه النقع"[13]، يعني من المعركة، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العريش في الدرع، فجعل يحرض على القتال، ويبشر الناس بالجنّة، ويشجعهم بنزول الملائكة، والناس بعد على مصافهم لم يحملوا على عدوهم، حصل لهم السكينة والطمأنينة، وقد حصل النّعاس الذي هو دليل على الطمأنينة، والثبات والإيمان، كما قال تعالى: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ ﴾ [الأنفال: 11] [14].

وهذا كما حصل لهم بعد ذلك يوم أحد بنص القرآن، ولهذا قال ابن مسعود: النعاس في القتال أمنة من الله، وفي الصلاة من الشيطان[15].
 
قال ابن جرير الطبري – رحمه الله – في تفسيره:
"وأما قوله: ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الأنفال: 12]، يقول: قووا عزمهم، وصححوا نياتهم في قتال عدوهم من المشركين.
 
وقد قيل: إن تثبيت الملائكة المؤمنين كان حضورهم حربهم معهم، وقيل: كان ذلك بأن الملك يأتي الرجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: سمعت هؤلاء القوم - يعني المشركين- يقولون: "والله لئن حملوا علينا لننكشفن، فيحدث المسلمون بعضهم بعضاً بذلك، فتقوى أنفسهم.
قالوا: وذلك كان وحي الله إلى ملائكته"[16].
 
ثم روى بسنده إلى مجاهد قال: لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر[17].
 
قال ابن كثير - رحمه الله -: وقوله: ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ ﴾، قال: وهذه نعمة خفية أظهرها الله تعالى لهم ليشكروه عليها، وهو أنه تعالى وتقدس وتبارك وتمجد، أوحى إلى الملائكة الذين أنزلهم لنصر نبيه ودينه وحزبه المؤمنين، يوحي إليهم فيما بينه وبينهم أن ثبتوا الذين آمنوا.
وقال بعضهم: قاتلوا معهم، وقيل: كثروا سوادهم[18]...إلخ.
 
وقال القرطبي: "قوله: ﴿ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ أي: بشروهم بالنصر أو القتال معهم، أو الحضور معهم من غير قتال، ثم قال: وقوله: ﴿ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ ﴾ [الأنفال: 12]، هذا أمر للملائكة، وقيل للمؤمنين"[19].اهـ.
 
قال ابن القيم - رحمه الله -: وهو يتحدث عن غزوة بدر: "واستنصر المسلمون الله، واستغاثوه، وأخلصوا له، وتضرعوا إليه، فأوحى الله إلى ملائكته: ﴿ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ﴾ [الأنفال: 12].
وأوحى الله إلى رسوله: ﴿ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9].
 
قرئ بكسر الدال وفتحها[20]، فقيل: المعنى أنهم ردف لكم، وقيل: يُردف بعضهم بعضاً أرسالاً لم يأتوا دُفعة واحدة.
 
فإن قيل: ههنا ذكر أنه أمدهم بألف، وفي سورة آل عمران قال: ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران: 124-125].
فكيف الجمع بينهما؟
 
قيل: قد اختلف في هذا الإمداد الذي بثلاثة آلاف، والذي بالخمسة على قولين:
أحدهما: أنه كان يوم أحد، وكان إمداداً معلقاً على شرط، فلما فات شرطه، فات الإمداد، وهذا قول الضحاك ومقاتل، وإحدى الروايتين عن عكرمة.
 
والثاني: أنه كان يوم بدر، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والرواية الأخرى عن عكرمة، اختاره جماعة من المفسرين.
 
وحجة هؤلاء أن السياق يدل على ذلك، فإنه سبحانه قال: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا ﴾ [آل عمران: 123-125].
 
إلى أن قال: ﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 126]، أي هذا الإمداد ﴿ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ ﴾ [آل عمران: 126].
 
قال هؤلاء: فلما استغاثوا أمدهم بتمام ثلاثة آلاف، ثم أمدهم بتمام خمسة آلاف لما صبروا واتقوا، فكان هذا التدريج، ومتابعة الإمداد، أحسن موقعاً، واقوى لنفوسهم، وأسرّ لها من أن يأتي به مرة واحدة، وهو بمنزلة متابعة الوحي ونزوله مرة بعد مرة.
 
وقالت الفرقة الأولى: القصة في سياق أحد، وإنما أدخل ذكر بدر اعتراضاً في أثنائها، فإنه سبحانه قال: ﴿ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 121-122]، وقال: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [آل عمران: 123]، فذكرهم نعمته عليهم لما نصرهم ببدر، وهم أذلة، ثم عاد إلى قصة أُحُد، وأخبر عن قول رسوله لهم: ﴿ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ﴾ [آل عمران: 124]، ثم وعدهم أنهم إن صبروا واتقوا، أمدهم بخمسة آلاف، فهذا من قول رسوله، والإمداد الذي ببدر من قوله تعالى، وهذا بخمسة آلاف، وإمداد بدر بألف، وهذا معلق على شرط، وذلك مطلق، والقصة في سورة آل عمران هي قصة أحد مستوفاة مطولة، وبدر ذكرت فيها اعتراضاً، والقصة في سورة الأنفال قصة بدر مستوفاة مطولة، فالسياق في (آل عمران) غير السياق في الأنفال، يوضح هذا أن قوله: ﴿ وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا ﴾ [آل عمران: 125]، قد قال مجاهد: إنه يوم أحد، وهذا يستلزم أن يكون الإمداد المذكور فيه، فلا يصح قوله: إن الإمداد بهذا العدد كان يوم بدر، وإتيانهم من فورهم هذا يوم أحد، والله أعلم"[21].
 
قال ابن حجر - رحمه الله -: ويؤيد ما ذهب إليه الجمهور[22] ما رواه ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم بسند صحيح عن الشعبي أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي مد المشركين، فشق ذلك على المسلمين، فأنزل الله تعالى: ﴿ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ﴾ [آل عمران: 124]، فبلغت كرزاً الهزيمة فلم يمد كرز المشركين، ولم يُمد المسلمين بالخمسة[23] [24]، وقال في موضع آخر: هذا – أي القول - هو المعتمد [25].
 
قال الشيخ البوطي:
انطوت بدر على معجزة من أعظم معجزات التأييد والنصر للمسلمين الصادقين، فقد أمد الله المسلمين فيها بملائكة يقاتلون معهم، وهذه حقيقة ثبتت بدلالة صريحة من الكتاب والسنة الصحيحة، ومن أوضح الأدلة القاطعة على أن التعبير بالملائكة في بيان الله - عز وجل - ليس المقصود به ما يتوهمه بعضهم من المدد الروحي، أو القوة المعنوية، أو نحو ذلك..
أقول: من أوضح الأدلة القاطعة على بطلان هذا الوهم، ضبط البيان الإلهي الملائكة بعدد محدود، وهو الألف في قوله عز وجل: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9].
إذ العدد من مستلزمات الكم المنفصل في الأشياء، ولا يكون ذلك إلا في الأشياء المادية المحسوسة، ومن هنا نعلم أن تقييد البيان الإلهي الملائكة بعدد معين ينطوي على حكم باهرة، من أجلها قطع السبيل على من يريد أن يتناول الآية، ويفسر الملائكة بالمعنى الذي يروق له، وهو مجرد الدعم المعنوي، ثم إن نزول الملائكة للقتال مع المسلمين، إنما هو مجرد تطمين لقلوبهم، واستجابة حسية لشدة استغاثتهم، اقتضاها أنهم يقفون مع أول تجربة قتال في سبيل الله، لأناس يبلغون ثلاثة أضعافهم في العدة والعدد، وإلا فإن النصر من عند الله وحده، ومن أجل بيان هذه الحقيقة قال الله تعالى معللاً نزول الملائكة: ﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ من عند الله إن الله عزيز حكيم ﴾ [الأنفال: 10] [26].
 
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:
قال الشيخ تقي الدين السبكي: سئلت عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه، فقلت: وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وتكون الملائكة مدداً، على عادة مدد الجيوش، رعاية لصورة الأسباب وسننها التي أجراها الله تعالى في عباده، والله تعالى هو فاعل الجميع، والله أعلم[27].اهـ



[1] سبق تخريجه ص60.


[2] سبق شرحه ص60.


[3] سبق شرحه ص60.


[4] تقدم تخريجه ص60.


[5] البداية والنهاية 5/ 126، وقال الألباني في تعليقه على فقه السيرة للغزالي ص243: وهذا سند حسن، وسكت عليه ابن كثير.


[6] ص759 برقم 3995، كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدراً.


[7] سبق تخريجه ص50.


[8] 3/ 407، وإسناده صحيح.


[9] سبق تخريجه ص64.


[10] سبق شرحه ص72.


[11] سبق تخريجه ص72.


[12] سبق تخريجه ص44.


[13] سبق شرحه ص72.


[14] البداية والنهاية، لابن كثير 5/ 121.


[15] تفسير ابن كثير 2/ 291.


[16] تفسير الطبري 6/ 196.


[17] 7/ 1787 بتحقيق الشيخ أحمد شاكر، وقال: إسناده صحيح.
اهـ، لكنه موقوف على مجاهد.


[18] انظر: تفسير ابن كثير 2/ 292.


[19] تفسير القرطبي 7/ 378.


[20] قال محققا زاد المعاد الشيخ شعيب الأرناؤوط، والشيخ عبدالقادر الأرناؤوط: قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي «مردفين» بكسر الدال، وقرأ نافع وأبو بكر عن عاصم «مردَفين» بفتح الدال، والحجة لمن كسر الدال أنه جعل الفعل للملائكة، فأتى باسم الفاعل من «أردف» والحجة لمن فتح الدال أنه جعل الفعل لله عز وجل، فأتى باسم المفعول من «أردف»، والعرب تقول: أردفت الرجل: أركبته على عجز دابتي خلفي، وردفته: إذا ركبت خلفه، زاد المسير 2/ 326، والحجة ص145 لابن خالويه.


[21] زاد المعادي 3/ 176-178.


[22] يقصد القول الأول.


[23] وهو مرسل، الشعبي لم يدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم.


[24] فتح الباري 7/ 285.


[25] فتح الباري 7/ 286.


[26] انظر: فقه السيرة للبوطي ص223-224.


[27] 7/ 313.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢