شرح حديث: اعدد ستا بين يدي الساعة
مدة
قراءة المادة :
16 دقائق
.
شرح حديث((اعْدُدْ سِتًّا بينَ يَدَيِ الساعَة))
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد..
فقد روى البخاري في صحيحه من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: «اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا»[1][2].
في هذا الحديث إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق - عن حوادث تقع بعده، وقد وقع بعضها، وسيقع الباقي قطعًا وهي في هذا الحديث ستة أمور:
أولها: موت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان ذلك من أعظم المصائب التي ابتُلِيَ بها المسلمون، ولن يُبتَلَوا بمصيبة أعظم من وفاته.
روى الترمذي في سننه من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ اليَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ، أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ؛ وَمَا نَفَضْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَيْدِي، وَإِنَّا لَفِي دَفْنِهِ، حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا[3].
وروى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال: قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ، نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ، فَقَالَا لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم! فَقَالَتْ: مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ، فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا[4].
وروى الدارمي في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ، فَلْيَذْكُرْ مُصَابَهُ بِي، فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ»[5].
ثانيها: فتح بيت المقدس، ففي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تم فتح بيت المقدس سنة (16هـ)، كما ذكر ذلك أئمة السير، فقد ذهب عمر بنفسه وصالح أهلها، وفتحها وطهرها من اليهود والنصارى، وبنى بها مسجدًا في قبلة بيت المقدس.
ثالثها: موت يصيب الأمة كقُعاص[6]الغنم، قال ابن حجر: «يُقال إن هذه الآية ظهرت في طاعون عمواس[7]في خلافة عمر، وكان ذلك بعد فتح بيت المقدس[8]، ففي سنة (18هـ) وقع طاعون عمواس في بلاد الشام فمات فيه خلق كثير من الصحابة رضي الله عنهم، ومن غيرهم، قيل عدد من مات فيه خمسة وعشرون ألفًا من المسلمين»[9].
رابعها: استفاضة المال حتى يُعطى الرجل مئة دينار فيظل ساخطًا: وقد تحقق كثير مما أخبرنا به الصادق صلى الله عليه وسلم فكثر المال في عهد الصحابة بسبب ما وقع من الفتوح، واقتسموا أموال الفرس» والروم، ثم فاض المال في عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله فكان الرجل يعرض المال للصدقة فلا يجد من يقبله.
ويكثر المال في آخر الزمان كما جاء في الحديث الآخر المخرج في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ، فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لَا أَرَبَ لِي بِهِ»[10].
قال ابن حجر رحمه الله: «وهذا إشارة إلى ما سيقع في زمن عيسى ابن مريم، فيكون في هذا الحديث إشارة إلى ثلاثة أحوال:
الأولى: إلى كثرة المال فقط، وقد كان ذلك في زمن الصحابة.
الحالة الثانية: الإشارة إلى فيضه من الكثرة بحيث أن يحصل استغناء كل أحد عن أخذ مال غيره، وكان ذلك في آخر عصر الصحابة وأول عصر من بعدهم، ومن ثم قيل: (يهم رب المال)، وذلك ينطبق على ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز.
الحالة الثالثة: فيه الإشارة إلى فيضه وحصول الاستغناء لكل أحد، حتى يهتم صاحب المال بكونه لا يجد من يقبل صدقته، ويزداد بأنه يعرضه على غيره ولو كان ممن لا يستحق الصدقة، فيأبى أخذه فيقول: لا حاجة لي فيه، وهذا في زمن عيسى عليه السلام.
ويحتمل أن يكون هذا الأخير عند خروج النار، واشتغال الناس بأمر الحشر، فلا يلتفت أحد حينئذ إلى المال، بل يقصد أن يتخفف ما استطاع»[11].
خامسها: فتنة لا تدع بيتًا من العرب إلا دخلته، أما تخصيص العرب هنا فلأن الخطاب خطاب إخبار يخص المخاطبين، وليس خطاب أحكام يعم الأمة كلها، وعلى هذا أكثر أحاديث الفتن، إلا ما جاء النص بوقوعه خارج جزيرة العرب، وهذه الفتنة تقع قبل الملحمة الكبرى.
سادسها: قوله صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ»، أما بنو الأصفر فهم الروم، والخطاب يخص المخاطبين وهم العرب، ولعل هذه الهدنة المذكورة هنا أنها الصلح المذكور في حديث ذي مخبر الآتي، وقد جاء تفصيلها وبيان القدر الذي يقع بعدها، وما يتبع ذلك من قيام الملحمة الكبرى في جملة أحاديث أجملها هنا على وجه التقريب، فأقول وبالله أستعين، والعلم كله لديه: يصالح العرب المسلمون الروم، ثم ينشأ عدوًا مشتركًا بينهما فيجتمع الطرفان على قتاله فينتصرون عليه، وفي نشوة النصر يقوم قائم من الروم ويرفع راية الصليب زاعمًا أن انتصارهم به، فينتبه بعض المسلمين الذين كانوا يقاتلون، ويغضب من هذه الدعوى الشركية فيكسر الصليب، ويعلن أن النصر من الله وحده، فيقوم النصارى إلى كاسر الصليب فيقتلونه، فتقع بعد ذلك مناوشة بين النصارى والفرق المسلمة القريبة منهم، فيقتلهم النصارى، وحينئذ يقع الخلاف بين العرب المسلمين والنصارى، فيذهب النصارى فيجتمعون في الأعماق، وهو سهل فسيح يقع بالقرب من حلب، وفي أثناء استعداد الروم لجمع ذلك الجيش يقوم خليفة صالح للمسلمين ولعله المهدي لإعداد جيش قوامه سبعون ألف هم خير جيش على وجه الأرض، ويخرج ذلك الجيش من المدينة النبوية فيصطدم بجيش الروم، وبعد قتال عظيم وعمليات فدائية ينتصر عليهم، فيسير ذلك الخليفة بجيشه المنتصر حتى يفتح القسطنطينية، وروما التي تسمى اليوم الفاتيكان، بعد ذلك يُشاع فيهم أن الدجال خلفكم، فيعودون إلى دمشق معقل الإسلام، فبينما هم محصورون إذ جاءهم الفرج بنزول عيسى ابن مريم عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، فيأتي المسلمين المجاهدين فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، ويصلي معهم خلف إمامهم، وبعدها ينطلق عليه السلام لقتل الدجال فيدركه وقد هرب منه إلى باب لد[12]،فيقتله هناك ويقتل المسلمون أتباعه اليهود ويعينهم الحجر، والشجر حتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله! هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، وإليك الأحاديث فتأمل:
1- روى أبو داود في سننه من حديث جبير بن نفير عن الهدنة قال: قَالَ جُبَيْرٌ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ذِي مِخْبَرٍ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيْنَاهُ فَسَأَلَهُ جُبَيْرٌ عَنِ الْهُدْنَةِ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا، فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ، فَتُنْصَرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتَسْلَمُونَ ثُمَّ تَرْجِعُونَ، حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ[13]؛فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ الصَّلِيبَ، فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَدُقُّهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وَتَجْمَعُ لِلْمَلْحَمَةِ»[14].
2- روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ»[15].
3- روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ[16]، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا، قَالَتْ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا وَاللَّهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُوهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ؛ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاؤُوا الشَّامَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ»[17].
4- روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى لَا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ، وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا (وَنَحَّاهَا نَحْوَالشَّامِ)، فَقَالَ: عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ[18]، قُلْتُ: الرُّومَ تَعْنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ.
ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ[19]، لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ؛ ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ، لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ.
فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ نَهَدَ إِلَيْهِمْ[20]بَقِيَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ[21]، فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً إِمَّا قَالَ: لَا يُرَى مِثْلُهَا، وَإِمَّا قَالَ: لَمْ يُرَ مِثْلُهَا، حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ، فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيْتًا، فَيَتَعَادُّ بَنُو الْأَبِ كَانُوا مِئَةً، فَلَا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَّا الرَّجُلُ الْوَاحِدُ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ؟ أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ، فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ، وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، أَوْ مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ»[22].
قال ابن المنير: «أما قصة الروم فلم تجتمع إلى الآن، ولا بلغنا أنهم غزوا في البر في هذا العدد، فهي من الأمور التي لم تقع بعد، وفيه بشارة ونذارة، وذلك أنه دلَّ على أن العاقبة للمؤمنين مع كثرة ذلك الجيش، وفيه إشارة إلى أن عدد جيوش المسلمين سيكون أضعاف ما هو عليه»[23].
قال المهلب: «وفيه أن الغدر من أشراط الساعة»[24].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] برقم 3176.
[2] جملة العدد تسع مئة وستون ألف مقاتل.
[3] برقم (3618)، وقال ابن كثير: إسناده على شرط الشيخين، وقال الترمذي: حديث غريب صحيح.
[4] برقم 2454.
[5] (1 /53) برقم 85، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم 347.
[6] قُعاص: بالضم، داء يأخذ الدواب، فيسيل من أنوفها شيء، فتموت فجأة.
النهاية في غريب الحديث (4 /88)، وفتح الباري (6 /278).
[7] عمواس: بلدة في فلسطين على ستة أميال من الرملة، على طريق بيت المقدس.
معجم البلدان (4 /157).
[8] فتح الباري (6 /278).
[9] البداية والنهاية (7 /94).
[10] برقم 7121 مختصرًا.
[11] فتح الباري (13 /87 - 88).
[12] باب لد: هو باب من أبواب مدينة القدس يتجه نحو مدينة الد، أو أن يكون المقصود أن يقتل في مدينة لد بالقرب من المطار الرئيس لليهود.
[13] بمرج ذي تلول: مرج وهو الموضع الذي ترعى فيه الدواب، وفي النهاية: أرض واسعة ذات نبات كثير (وذي تلول) بضم التاء، جمع تل وبفتحها وهو موضع مرتفع، قال القاري: وقال السندي: كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل.
عون المعبود (11 /269).
[14] برقم (4292)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (3 /809) برقم 3607.
[15] (29 /549) برقم (10822)، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط الصحيح.
[16] موضعان بالشام بالقرب من حلب.
[17] برقم (2897).
[18] أي: للحرب والقتال وهذا إنما يكون بعد غدر الروم المشار إليه في الحديث السابق.
[19] الشرطة بضم الشين: أول طائفة من الجيش يشهد الواقعة ويتقدم.
[20] أي: تقدموا إليهم ونهضوا.
[21] الدبرة، أي: الدولة والظفر والنصرة، وتفتح الباء وتسكن، ويقال: على من الدبرة أيضًا، أي: الهزيمة.
ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث (2 /98).
[22] برقم (2899).
[23] فتح الباري (6 /278).
[24] المصدر السابق (6 /279).