أرشيف المقالات

من ثنايا (كتاب الديارات) للشابشتي

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
8 يوم من أيام المتوكل للأستاذ صلاح الدين المنجد .

ذكر (عبيد الله بن أحمد) بن خرداذبه أن المتوكل أنفق على الأبنية التي بناها وهي: بركوارا، والشاة، والعروس، والبركة، والمختار، والجوسق، والجعفري، والبديع، والصبيح، والمليح، والسندان، والقصر، والجامع، والقلاية، والبرج، وقصر المتوكلية، والبهو، واللؤلؤة.

مائتي ألف ألف وأربعة وسبعين ألف ألف درهم ومن العين ألف ألف دينار؛ (ف) فتكون قيمة الورق بصرف الوقت مع ما فيه من العين ثلاثة عشر ألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وخمسة وعشرين ألف دينار قال (المؤلف): شرب المتوكل يوماً في بركوارا فقال لندمائه: أرأيتم إن لم تكن أيام الورد لا نعمل نحن شاذ كلاه؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين لا يكون الشاذ كلاه إلا بالورد، فقال: بلى، ادعوا إلى عبيد الله بن يحيى، فحضر، فقال (له المتوكل): تقدم بأن تضرب لي دراهم، (زنة) كل درهم حبتان.
قال: كم المقدار يا أمير المؤمنين؟ قال: خمسة ألف ألف درهم.
فتقدم عبيد الله في ضربها فضربت وعرفه الخبر فقال: اصبغ منها الحمرة والصفرة والسواد، واترك بعضها على حاله.
ثم تقدم إلى الخدم والحاشية - وكانوا سبعمائة - بأن يعد كل واحد منهم قباء جديداً وقلنسوة على خلاف لون الآخر وقلنسوة ففعلوا.
ثم عمد إلى يوم تحركت فيه الريح فنصبت له قبة لها أربعون باباً فاصطبح فيها، والندماء حوله، ولبس الخدم الكسوة التي أعدها، وأمر بنثر الدراهم كما ينثر الورد؛ فنثرت أولاً أولاً؛ فكانت الريح تحمل الدراهم فتقف بين السماء والأرض كما يقف الورد فكان (هذا اليوم) من أحسن أيام المتوكل وأظرفها، وكان البرج من أحسن أبنيته فجعل فيه صوراً عظاماً من الذهب والفضة، وبركة عظيمة جعل فرشها - ظاهرها وباطنها - صفائح الفضة، وجعل عليها شجرة ذهب فيها كل طائر يصوت ويصفر، مكللة بالجواهر وسماها طوبى؛ وعمل له سرير من الذهب كبير، عليه صورتا سبعين عظيمين ودرج عليها صور السباع والنسور وغير ذلك، على ما يوصف به سرير سليمان بن داود عليهما السلام؛ وجعل حيطان القصر من داخل وخارج ملبسة بالفسيفساء والرخام المذهب فبلغت النفقة على هذا القصر ألف ألف وسبعمائة ألف دينار.
وجلس (المتوكل) فيه (يوماً) على سرير الذهب وعليه ثياب الوشي المنقشة وأمر ألا يدخل عليه أحد إلا في ثياب وشي منسوجة أو (ثياب) ديباج ظاهرة، وكان جلوسه فيه سنة تسع وثلاثين ومائتين.
ثم دعا بالطعام وحضر الندماء وسائر المغنين والملهين وأكل الناس، ورام النوم فما تهيأ له، فقال له الفتح يا مولاي ليس هذا يوم نوم، فجلس للشرب.
فلما كان الليل رام النوم فما أمكنه، فدعا بدهن بنفسج فجعل منه شيء على رأسه وتنشقه فلم ينفعه، فمكث ثلاثة أيام بلياليها لم ينم، ثم حم حمى حادة فانتقل إلى الهاروني قصر أخيه الواثق فأقام به ستة أشهر عليلاً وأمر بهدم البرج وضرب تلك الحلي عيناً (انتهى) (دمشق) صلاح الدين المنجد

شارك الخبر

مشكاة أسفل ١