أرشيف المقالات

حكاية عمرو بن ميمون أنه رأى قرودا رجمت قردة قد زنت

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
سلسلة الرد المفصل على الطاعنين في أحاديث صحيح البخاري (6)
حكاية عمرو بن ميمون أنه رأى قروداً رجمت قردة قد زنت
 
من الشبه التي يبثها الطاعنون في صحيح البخاري أن البخاري روى في باب أيام الجاهلية برقم (3849) قال: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: ((رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ قَدْ زَنَتْ فَرَجَمُوهَا فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ)).
 
والجواب عن هذه الشبهة أن عمرو بن ميمون عالم جليل من كبار التابعين، أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه، والبخاري روى ما صح سنده إلى هذا العالم الذي أخبر بقصة عجيبة رآها في الجاهلية، وما أكثر القصص العجيبة التي يرويها الثقات، وقد روى البخاري هذه القصة العجيبة بإسناد صحيح إلى من رآها، وليست حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل قصة حدثت في الجاهلية، والله على كل شيء قدير.
 
وقد أجاب بعض العلماء بأنَّ القرود من أقرب الحيوانات للآدميين شبهاً، وأنَّ من مميزاتها على بقية الحيوانات اكتفاء كل ذكر منها بأنثى واحدة، وهذا ما مال إليه الحافظ ابن حجرفي فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر (7/ 160).
 
وعلى كل حال فإن مشكلة الطاعنين في السنة ليست في هذا الأثر بخصوصه؛ لأن القرآن قد أخبرنا بما هو أعجب من هذا، فأخبرنا بأنَّ الغراب دفن غرابا آخر ليُري ابن آدم كيف يدفن أخيه، مع أن الطيور غير مُكلَّفة بالدفن، ويشبه هذا تقدير وقوع الأمر العجيب من القرود التي رآها عمرو بن ميمون في الجاهلية.
 
ثم إنَّ هذه القصة العجيبة قد رواها غير الإمام البخاري، لا كما يظن الجاهلون أن البخاري قام باختلاق هذه القصة، وسأذكر هنا روايتين للقصة مطولة ومختصرة من غير طريق البخاري، راوي أولهما توفي قبل البخاري، وثانيهما توفي بعد البخاري:
قال الحسن بن خلف بن شاذان الواسطي المتوفى سنة (246هـ)، كما في جزئه رقم (100): أخبرنا محمد، قال: حدثنا محمد بن سويد بن يزيد الطحان، حدثنا عاصم بن علي، قال: حدثني الحسن بن علي أخي، قال: حدث عبد الملك بن مسلم بن سلام لشعبة بهذا الحديث وأنا أسمع، عن عيسى بن حطان، قال: سمعت قاضي مكة، ومرة البكالي يسألان عمرو بن ميمون الأودي: ما أعجب ما رأيت في الجاهلية؟ قال: كنت في اليمن في غنم لأهلي، وأنا على شرفي، قال: فجاء قرد ومعه قِرْدَة فتوسد يدها فوضع يده فوق جسدها فنام، قال: فرأيت قردا أصغر منه جاء يمشي خفياً حتى غمز القردة بيده ثم ولى ذاهباً، قال: فسلت يدها من تحت خده سلاً رقيقاً، قال: ووضعت خده على الأرض ثم تبعته، قال: فوقع عليها وأنا أنظر إليه، قال: ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خده إدخالاً رقيقاً، قال: فاستيقظ فزعاً مذعوراً، قال: وأطاف بها وشمها ثم شم حياها فصاح صيحة شديدة، قال: فجعلت القرود تجيء يمنة ويسرة من بين يديه ومن خلفه، واجتمع منهم جماعة، قال: فجعل يصيح ويومئ إليها بيده، ثم سكت، قال: فذهبت القرود يمنة ويسرة، قال: فما لبثنا أن جاءوا به بعينه أعرفه، فحفروا لهما حفيرة فرجموهما، فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم قبل أن أراه في بني آدم.
 
وقال الخرائطي المتوفى سنة (327هـ) في كتابه اعتلال القلوب (1 /94): حدثنا سعيد، أن ابن يزيد قال: حدثنا علي بن عاصم قال: حدثنا حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن ميمون الأودي قال: ((زنت قردة باليمن فرجمها القرود، فرجمتها معهم)) قال: قال علي بن عاصم: لو غير حصين حدثني ما صدَّقت.
 
وأخيرا ما أكثر القصص العجيبة الغريبة التي قد يراها الواحد منا بنفسه أو يسمعها ممن رآها بعينه أو يقرؤها في كتب التاريخ والتراجم، ولله في خلقه شئون.

شارك الخبر

المرئيات-١