أرشيف المقالات

أياما معدودات

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
2﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾
ها قد مضى النصف الأول من شهر رمضان المبارك على عجل، ودخلنا في النصف الثاني منه، ومع الصعوبات التي واجَهَت الصائم بطول فترة نهار الصوم هذه الأيام، وما يُعانيه من جوعٍ وعطشٍ؛ نتيجة شدَّة الحرِّ، لكن أيام النصف الأول من الشهر مرَّتْ بسرعة خاطفة، حتى لكأن الصائم لم يشعُر بطول أمدها، وذلك لسرعة انسياب زمنها، وعجالة مرورها، على شدَّة وطْئِها عليه.   ولعَلَّ مرور أيام شهر رمضان المبارك بهذه السرعة، إنما يأتي مصداقًا للحقيقة القرآنية والعملية، المتمثِّلة في أن رمضان أيام معدودات، تناغُمًا مع قوله تعالى في تقرير هذه الحقيقة الزمنية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 183، 184]، وذلك كناية عن القلَّة، حيث جرت العادة، باعتبار الشيء القليل، إنما يُعَدُّ عدًّا.   ولا شكَّ أن التعبير القرآني البليغ البيان ﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾، يأتي في سياق إشعار المسلم بسرعة حركة الزمن، ومنها بالطبع، سرعة مرور أيام شهر رمضان، ورحيلها على عجل، ولعلَّ هذا الخطاب القرآني البليغ يأتي ليُنبِّهنا في جانب من مُراداته بهذه الصيغة، حثًّا للمسلم على ضرورة اغتنام فرصة زمن أيام رمضان في العبادة، والحرص على أداء ما تَتَطَلَّبَه من صلاة وصيام وتلاوة القرآن؛ لما فيها من ثواب عظيم، ينبغي ألَّا يفوت المسلم بأي حال من الأحوال، ((فكُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إلَّا الصوم))، فإنه لله، وهو يجزي به، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي؛ ولذلك فإن على المسلم أن يحرص على استغلال كل لحظة من أيام رمضان في الطاعة، ومنها الحرص على الدُّعاء عند الإفطار.   ومن هنا، فإن المطلوب، أن يغتنم المسلم فرصة شهر رمضان بأيامه المعدودات لحظةً بلحظة، في عبادة الله بالصيام، وكثرة الصلاة، وقراءة القرآن، والإحسان إلى الناس، ((فإنْ سابَّه أحدٌ، فليقُلْ: إنِّي صائمٌ)).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١