أرشيف المقالات

القس الذي أَسلم على يديه 6 آلاف شخص

مدة قراءة المادة : 12 دقائق .
2القِس الذي أَسْلَم على يديه 6 آلاف شخص
محمد كافي يحكي قصته كاملة: • القس الذي تَحَوَّل إلى أَشْهر داعية للجاليات في الرِّياض.
• عامل "سوداني" كان بداية تعرفي على الإسلام.
• على يد الشيخ الجِبرين نَطَقْتُ الشهادتينِ..
وكانت نُقطة التحوُّل. • 6 آلاف شخص أَسْلَمُوا على يديّ: منهم 250 أمريكيًّا، و50 ألمانيًّا، و20 فرنسيًّا. • لهذه الأسباب: الفِلِبِّينِيُّون أكثر إقبالاً على الإسلام. • انتهَيْتُ من ترجمة معاني القرآن الكريم بالفِلِبِّينِيَّة، ولديَّ 11 مؤلفًا. ♦ ♦ ♦
يُعَدُّ من أشهر العاملينَ في مجال دعوةِ الجاليات في الرِّياض، أَسْلَم على يديه أكثر من ستة آلاف شخص، خلال رُبْع قرن من الزمان، انْتَهَى مُؤَخَّرًا من ترجَمَةِ معاني القرآن الكريم باللُّغة الفِلِبِّينِيَّة، وله أحدَ عشرَ مُؤَلَّفًا بالإنجليزية والفِلِبِّينِيَّة، ورغم أنَّ سِنَّه تَجَاوَز الخامسةَ والسّتّين عامًا، إلاَّ أنه لا يَكِلّ عنِ الحَرَكة والنَّشاط الدَّعوي الدَّؤُوب، فلا يمُرّ يوم إلا وله محاضرة عن الإسلام، في مركز طِبّيّ، أو مستشفى، أو شركة، أو مؤسسة.
وفي يوم الجُمُعة يكون له اللِّقَاء المُوَسّع مع بعض المسلمين الجُدد يعرفهم دينهم؛ ويجيب عن أسئلتهم؛ واستفْسَاراتِهم كافَّة، وفي مكْتَبِه بقسم دعوة الجاليات بالنَّدْوة العالمية للشباب الإسلامي، يستقبل أيّ مسلم جديد، ويعد مادة محاضراته العلمية.   إنَّه الداعية/ محمد أمين كافي، القِسّ الَّذِي تَحَوَّل إلى داعيةٍ إسلاميّ، صاحب النشاط المُكَثَّف في مجال دعوة الجاليات، قصة إسلامه تستَحِقّ أن تُرْوَى، وعملُه الدَّؤُوب في مجال دعوة الجاليات، الكتابة عنه لا يَسْتَوْعِبُه موضوع، ومُنَاظَرَاته وطريقته في الدَّعوة في حاجة إلى وَقَفات ووَقَفات.   الْتَقَيْنا به في مكتبه بالنَّدْوة العالمية للشباب الإسلامي، ودار هذا الحوار: من قِس إلى داعية ♦ كيف تَصِف حياتك قبل، وبعد الإسلام؟! ♦ البداية حيثُ النشأة، والتعليم، وتطوُّر الحياة كانت في الفِلِبِّين، فقد نشأتُ في أسرة نصرانية مُحافِظَة، الأب: كان يُريدُني قِسًّا؛ أُعَلِّم الناس طُقُوس النصرانية، وكذلك الأم، وهذا ما تَحقَّق بعد أن حَصَلْتُ على درجة البَكالُوريا في القانون، ودراستي للنصرانية البُروتستانتية، فالْتَحَقْتُ بالكنيسة، وكنتُ أقوم بِتَعليم النصارى، وأدرّسهم النصرانية، وأجيب على تساؤلاتهم، وتَحَوَّلْتُ إلى قِس في إحدى الكنائس.
إلى الرياض: ♦ ومتى قَدِمْتَ إلى المملكة، وما السببُ في ذلك؟! وكيف اعتنَقْتَ الإسلام؟! ♦ قَدِمْتُ للمملكة العربية السعودية للعمل؛ كمُدير إداريّ في إحدى الشركات بالرِّياض، ومَضَتِ الأشْهُر الأولى مثل أي مُغْتَرِب، لا يعرفُ لغة البلد الذي قدِم إليه، فكنتُ أَقْتَصِر في علاقاتي على أبناء جلْدَتِي من الفِلِبِّينِيين، وكان من المُمْكِن أن تستمرَّ الأمور؛ كما هو الحال للآلاف من غير المسلمين الذين يحضُرون للعمل، ثم يُغادِرُون إلى بلادهم، ولا يعرفون شيئًا عن الإسلام ولا أهله؛ بل الدّعاية التي طَبَعَتْ في أذهانهم الصورةَ السلبية عن المُسْلِمين كانت كفيلة بإقامة الحواجز النفسيَّة والاجتماعيَّة لديهم، وعَزْلهم عن المُسلِمينَ، وأيضًا لم يكن في ذلك الوقت دُعاة مَشْهُورون في مجال دعوة الجاليات؛ بل لم تكن المكاتب التَّعاونِيّة للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات موجودة.
السوداني..
والطريق؟! ♦ أَخْبِرْنا عن قصة تَعَرُّفك على الإسلام؟! ♦ البداية كانت بمُجَرد كلماتٍ من أحد العمال السُّودانِيين الذين كانوا يعملون معنا في الشركة.   فقد فُوجِئْتُ به يسألُني! أنت مدير مجتهد وجيد، ومُوظف ممتاز، لماذا لا تَعْتَنِق الإسلام!!   رددتُ عليه بالقول: لماذا؟!   قال: لأن الإسلام دينٌ ممتاز. قلت له: والنصرانية ممتازة أيضًا.   هذا الحوار المقتضب أثار عندي تَساؤُلات عن الإسلام كدِين، فلم أكن أعرف عنه أيَّ شيء، وعملي كقِس جعلني أَقْتَنِع بالنصرانية، ولكن بدأَتِ التَّساؤُلات تُراوِدُنِي، وكنت أستبعدها.
البداية… كتاب! ♦ وماذا حدث بعد ذلك؟! ♦ فُوجِئْتُ بعد عدَّة أيَّام بالعامل السوداني يُحْضِر لي كتابًا عن الإسلام باللغة الإنجليزية، وقال لي: هل من المُمْكن أن تقرأ هذا الكتاب؟!   فقَدَّمْتُ له الشُّكْر، وقلت له: سوف أقرؤه لأنَّني أحب القراءة، وفعلاً أخذتُ منه الكتاب، وعندما عدتُ إلى مسكني أخذت أقرأُ فيه، وأَخَذَتِ التَّساؤلات تُراودني عن هذا الدين وحقيقته..
أوَّل تساؤل!! ♦ وأي التساؤلات كانتْ أكثر إلحاحًا على ذِهْنك بعد قراءة الكتاب؟! ♦ الحقيقة كان التساؤُل المُهِمّ هو: هل الله واحد، أم اثنان، أم ثلاثة!!
ففي الكتاب الأمر محسوم في الإسلام أن الله واحِد، أَحَد، لا يَلِد، ولا يُولَد، وهذا الأمر فيه تَضَارُب لدى النَّصارى، هناك من يقول: المسيح هو الله، ومن يقول: إنه ابن الله، ومن يقول: بالتَّثْلِيث.
القراءة المستمرة! ♦ وكيف حَسَمْتَ التساؤلات؟! ♦ التساؤلات لم تُحْسَم بالنسبة لرجل نصرانِيّ، مُقْتَنِع بدينه؛ لكن أخَذَتْ تثير عندي فضولاً للمزيد من القراءة عن الإسلام، وهذا ما شرعتُ فيه، حيثُ فُوجِئ العاملُ السوداني بي أَسْتَدْعِيه وأسأله: مِنْ أين جئتَ بهذا الكتاب؟!، فدَلَّنِي على النَّدْوة العالمية للشباب الإسلامي، وقال لي: هناك الكثير من الكتب لديهِم التي قَدْ تُفِيدُك، وفعلاً ذهبتُ إلى الندوة العالمية، وحصلتُ على بعض الكتب التي تَتَحَدَّثْ عن الإسلام؛ كدين، والقرآن، ورسول الله صلى الله عليه وسلم.
9 شهور ♦ وهل استغرقَ الوقت طويلاً؟ ♦ دِرَاسَتِي للكُتُب الإسلامية، وتساؤلاتي عن حقيقة دين الإسلام، امتدتْ إلى تسعة أشهر، حيث تيقنت من خِلال الدِّرَاسة والمُطَالَعة أنَّ الإسلامَ دين الله الخاتم، ووجدتُ إجابات شافية لأسئلة صعبة، كانت مصدر شُكُوك لي حتَّى وأنا قِس، فكانت تُواجِهُني تساؤلات من النصارى لم أسْتَطِع الإجابة عنها!
على يد الشيخ الجبرين ♦ ومتى أعْلَنْتَ إسلامك؟! وعلى يَد مَنْ؟! ♦ بعد تسعة أشهر من بداية قراءاتي عن الإسلام، وقد فُوجئ العامل السوداني بالأمر، وأحسستُ بفَرحِه الشديد؛ لأنه كان السببَ بعد الله - عز وجل - في بداية الطريق، وتعريفي بالإسلام، وأعلنتُ إسلامي على يد الشيخ العلامة/ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - وكان عُضوًا في دار الإفتاء في ذلك الوقت.
نقطة تَحوُّل..! ♦ هل تعتبر أنَّ هذه نقطة تحول في حياتك؟ ♦ بل أعظم نقطة تحوُّل، وعليك أن تسأل نفسك كيف يتحول قِس نصراني، درس القانون وعمل في الإدارة إلى مُسْلم؟!، الأمر صعب لمن لا يعرف حقيقة هذا الدين؛ ولكن على المرء أن يتجَرّد، ويَقْرأ، ويُمَحِّص، ويُدَقّق.   والتحوُّل كان اجتماعيًّا أكثر من أي شَيْءٍ آخَرَ، فأنا وُلِدْتُ نَصْرانيًّا، وجميعُ أَقارِبِي نَصارَى، وعِشْتُ في "مانيلا" نادِرًا ما تَجِد مُسْلمًا، وفجأة تتحول حياتك كليًّا، زوجتي الأولى كانت نصرانية، ولا أعرف هل ستَقْتَنِعُ بالإسلام أم لا؟ ولا أعرف هل أهلي سيقبلون إسلامي أم لا؟ ولكن الحمد لله حسمتُ الأمر، وتوكَّلْتُ عليه، وأَيْقَنْتُ أنَّ هذا دين الله، وأنَّ هذا قراري، لأن المسألة ليست دنيوية، ولا عائلية، ولا نمط حياة، المسألة: هي دين، وحياة أُخْرَوِيَّة، وعبادة، وعقيدة.
تردّد..
وشكّ ♦ وكيف استقبل أهلك إسلامك؟! ♦ هناك من اعترض بشدة، وهناك مَنْ رأى أن هذا أمر يخصّني، أمَّا زوجتي فقد كانت تساؤُلاتها أكثر، والحمد لله أسْلَمَتْ، وهي تَعِيش في الفِلِبِّين، وتزوجْتُ الثَّانية وهي مسلمة، وتعيش معي في الرياض.
فرح..
وابتهاج ♦ والأصدقاء والزملاء في العمل كيف استقبلوا خبر إسلامك؟! ♦ الحمد لله، لقد كان الجميع في أشدّ الفرح، وحالات السرور، وتقَبَّلْتُ التّهاني من الجميع.
طريق الدعوة! ♦ بعد إسلامك هل فكَّرْتَ في أن تكون داعية في مجال دعوة الجاليات؟! ♦ الحقيقة: هذا سؤال مُهِمٌّ؛ لأنَّه أوَّل ما طَرَأ على ذِهْني، فأنا كنتُ أُعَلِّمُ النَّصارى في الكنيسة النَّصْرَانِيَّةَ، فلماذا لا أُعَلِّمُ النصارى الإسلام، ومِنْ هنا كانت البداية، فبدَأْتُ أَتَرَدَّدُ على مكتب رابطة العالم الإسلامي، والندوة العالميَّة، وأقرأ عنِ الإِسلام، وأسمَعُ الأشرطة، وأُشَاهِد المُنَاظَرات، وتعرَّفْتُ على اثنينِ من خِيرَة الرجال في مجال دعوة الجاليات؛ هما: د.
أبو حنانه (فِلَسْطيني)، والدكتور جليلو خان (باكستاني)، فتعلَّمْتُ منهما الكثير، وأخذْتُ أسلك طريق الدعوة، خاصَّة بين أبناء الجنسية الفِلِبِّينِيَّة.
6 آلاف شخص ♦ خلال مسيرة الـ27 سنة بعد إسلامك، حيث أسْلَمْتَ عام 1985م، كم أَسْلَمَ على يديك؟! ♦ الحمد لله أَسْلَمَ على يديَّ أكثر من ستة آلاف شخص، الأغلبية الكُبْرَى من الجنسية الفِلِبِّينِيَّة؛ لسبب يسير أنَّ مُعْظَمَ الفِلِبِّينِيينَ كانوا في الأصل مُسلمينَ، ثم تَحَوَّلُوا إلى النصرانية في عُهُود الاستعمار، وقد تجِدُ الاسم الثالث أو الرابع من أي شخص فلبيني اسمًا إسلاميًّا.
250 أمريكي..! ♦ وماذا عن الجنسيات الأُخْرى؟! ♦ من الذين أسلموا على يديّ 250 أمريكيًّا مِنَ الَّذين كانوا يعملون في الرِّياض، و20 فرنسيًّا، و10 إيطاليين، ودكتور سُويسري، ومُواطِن فنلندي، و30 صينيًّا، وخمسة تَايْلَنْدِيين.
المستشفيات ومكاتب الجاليات ♦ لديك جدول مُكَثّف بالمُحاضَرَات، والدُّرُوس؛ فأين تُرَكّز نشاطك الدَّعوِي؟! ♦ ننطلق مِنْ قسم دعوة الجاليات بالندوة إلى: المراكز الصحيَّة، والمستشفيات، ومكاتب دعوة الجاليات، حيث نُنَظِّم الدروس والمحاضرات، ونُجِيب عن التساؤلات الخاصة بأي شخص غير مسلم.   أَرْكان الإسلام.. ♦ وأي القضايا الدينية تُرَكّز عليها؟! ♦ نُرَكّز على أركان الإسلام، وأصول العبادات، وكيفية الإسلام، لأنَّ الشخص الذي ندعوه يكون لديه أمور كثيرة مُتَشابِكَة، ويُرِيد حَسْمَها.
11 كتابًا.. ♦ لديك بعض المؤلَّفَات في مجال دعوة الجاليات، حدِّثْنَا عنها؟! ♦ الحمد لله انتهَيْتُ مُؤَخَّرًا من تفسير معاني القرآن الكريم باللُّغة الفِلِبِّينِيَّة، إضافة إلى عشرة كتب حول الإسلام، وأركانه، والعبادات.
أسئلة حَرِجَة ♦ وماذا عن الأسئلة الحَرِجَة من غير المُسلمين؟! ♦ سُؤال الخادِمَات عن زَوَاج المسلم بأربعة، ولماذا لا تَتَزَوَّج المرأة بأربعة رجال: أليس هذا من العدل؟!
♦ وكيف ترد؟! ♦ الرد يسير؛ أنا أسأَلُ كُلَّ امرأة من الحاضرات سُؤالاً محددًا: هل تُريدينَ الزَّواج من رجلينِ، أو ثلاثة، أو أربعة في وقت واحد؟! فَتَكُون الإجابة الفطرية: لا قطعًا؟! ومن هنا النساء يجبْنَ على السؤال؛ لأنَّ الموضوع فِطْري، والإسلام هو دين الفِطْرة.
لا صعوبات ♦ هل تُقابِل بعضَ المُسلمينَ الجُدُد صُعُوبات؟! ♦ قَطْعًا؛ هناك مشك لات كثيرة - خاصَّة من الأهل - ولذلك نَهْتَم بحياة المسلم الجديد، ونُعَوِّضه عن أهله النَّصارى، أو الهنْدُوس، بإخوة له في الدين.   ♦ كلمة أخيرة: ♦ أسْألُ الله عزَّ وجلَّ أن يكون ذلك في ميزانِ حسناتي، ويتقبل مني ما أقوم به لوَجْهِه.



شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير